الجولاني يقدّم فصائل المقاومة “قرابين سياسية”.. دمشق تنزلق في التحالف مع “إسرائيل”

سوريا – المساء برس|

في مستجد جديد يعكس تحوّلاً جذرياً في السياسة السورية تجاه فصائل المقاومة السورية، أفادت مصادر فلسطينية لوسائل إعلامية، اليوم السبت، بأن الأجهزة الأمنية السورية اعتقلت طلال ناجي، الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة، في قلب العاصمة دمشق، من دون الإعلان عن أي تهم رسمية.

هذه الخطوة ليست الأولى من نوعها؛ إذ سبقتها، قبل نحو أسبوعين، اعتقالات طالت اثنين من كبار قيادات حركة الجهاد الإسلامي، هما خالد خالد، مسؤول الساحة السورية، وياسر الزفري، مسؤول اللجنة التنظيمية، وهو ما يفتح الباب على مصراعيه لتحليل خلفيات هذا السلوك الجديد للسلطة السورية، بقيادة رئيس المرحلة الانتقالية أحمد الشرع (الجولاني).

بعد عقودٍ من احتضان دمشق لفصائل المقاومة الفلسطينية، تأتي هذه الاعتقالات كمؤشر على أن سوريا ما بعد الحرب تنفض يدها تدريجياً من هذا الإرث، تحت ذريعة “السيادة” ومكافحة النفوذ غير المنضبط، لكنها في الحقيقة تلبّي شروطاً أمريكية وإسرائيلية صريحة.

ففي 26 أبريل 2025، كشفت وكالة رويترز أن واشنطن اشترطت، لرفع العقوبات عن سوريا، “الالتزام بعدم التواصل مع الجماعات الفلسطينية المسلحة”. وجاء الرد السوري، كما ورد رسمياً، بتشكيل لجنة لمراقبة أنشطة الفصائل الفلسطينية. في السياق ذاته، أكدت باربرا ليف، المسؤولة السابقة في الخارجية الأمريكية، أن أحمد الشرع “أبدى تفهّماً لمخاوف إسرائيل”، متعهّداً بعدم السماح باستخدام الأراضي السورية لتهديد أمنها.

تحوّل الجولاني، في غضون أشهر، من شخصية إرهابية متطرفة إلى مهندس لمرحلة سياسية جديدة عنوانها الارتماء العلني في أحضان واشنطن وتل أبيب، وتقديم قيادات الفصائل الفلسطينية المقيمين في سوريا ككبش فداء لإقناع واشنطن وتل أبيب بـ”حسن النوايا”.

ويذهب مراقبون أبعد من ذلك، بالقول إن الجولاني يرتمي أكثر فأكثر في أحضان الكيان الصهيوني، على أمل تحقيق “شرعية دولية” لنظامه الهش، عبر استهداف كل من يوجه بندقيته ضد “إسرائيل”.

تشير الوقائع إلى أن النظام السوري الجديد يسعى للتخلّص من كل الرموز والكيانات التي ارتبطت بالمقاومة المسلحة ضد الاحتلال الإسرائيلي، خصوصاً الفصائل الفلسطينية ذات الحضور في دمشق منذ الثمانينيات.

وفي ظل غياب أي توضيحات رسمية عن أسباب الاعتقالات، يصبح من الصعب تجاهل أن هذه الإجراءات تتزامن مع مساعٍ أمريكية لتطويع سوريا وإدخالها في مسار “تطبيع تدريجي وناعم” مع إسرائيل، مقابل رفع جزئي للعقوبات الاقتصادية.

الرسالة واضحة: دمشق الجديدة ليست دمشق حافظ أو بشار الأسد. بل هي دمشق “الجولاني”، التي ترى في التقارب مع “إسرائيل” بوابة للنجاة، وتعتبر فصائل المقاومة عبئاً يجب التخلص منه.

وبحسب مراقبين، فإنه إذا استمر هذا النهج، فقد نكون أمام تصفية سياسية صامتة لمعسكر المقاومة الفلسطيني في سوريا، وهو ما يخدم “إسرائيل”.

قد يعجبك ايضا