ترجمات: هكذا انهارت أسطورة الجيش الأمريكي على أيدي القوات المسلحة “الحوثية”

ترجمة خاصة – المساء برس|

في الصحاري الحارقة والجبال المتموجة في الشرق الأوسط، تتكشف لعبة شرسة تحطم المفاهيم العسكرية التقليدية. من الصعب تخيل أن جماعة الحوثي اليمنية، التي تعتبرها الولايات المتحدة “مليشيا غير نظامية”، قد أسقطت 7 طائرات أمريكية مسيرة من طراز MQ-9 “ريبر” في غضون ستة أسابيع فقط، متسببة في خسائر تجاوزت 200 مليون دولار، بل وأجبرت قاذفة الشبح B-2، التي تُعد فخر الجيش الأمريكي، على التراجع. هذا الصدام الذي يبدو غير متكافئ هو في الواقع “حرب عصابات مضادة للطائرات” بناها الحوثيون بتكتيكات مبتكرة وأسلحة منخفضة التكلفة، مما وضع الجيش الأمريكي في موقف حرج حيث لا يستطيع “تحمل التكلفة ولا التملص”، كما أجبر العالم على إعادة النظر في قواعد اللعبة في الحرب الحديثة.

أولاً: من “أسطورة الطائرات المسيرة” إلى “مقبرة الريبر”: حرب العصابات الحوثية المضادة للطائرات

منذ أكتوبر 2023، كانت الإنجازات القتالية للحوثيين في المجال الجوي اليمني مذهلة – تم إسقاط ما لا يقل عن 22 طائرة مسيرة من طراز MQ-9 “ريبر”، وهو رقم يمثل 7% من إجمالي عدد هذا النوع من الطائرات المسيرة لدى الجيش الأمريكي. تجدر الإشارة إلى أن تكلفة كل طائرة مسيرة من طراز “ريبر” تتجاوز 30 مليون دولار، وهي أداة متطورة للجيش الأمريكي في مهام الاستطلاع والضرب. ومع ذلك، على أرض اليمن هذه، تعرضت هذه “الريبر” التي كانت لا تُقهر في السابق لانتكاسات متكررة، مما كشف عن نقطة ضعف استراتيجية للجيش الأمريكي تتمثل في الاعتماد المفرط على الطائرات المسيرة.

لم يحقق الحوثيون هذه الإنجازات بفضل المعدات والأسلحة المتقدمة، بل بفضل الابتكار التكتيكي “المناسب للظروف المحلية”. توفر التضاريس الجبلية في اليمن غطاءً طبيعيًا للحوثيين. لقد نشروا بذكاء صواريخ ذات مدى محدود على قمم الجبال، واستهدفوا بشكل خاص الطائرات المسيرة التي تحلق على ارتفاع منخفض وبسرعة بطيئة في عمليات “قنص من قمم الجبال”. لتجنب اكتشافهم بواسطة أنظمة التشويش الإلكتروني القوية للجيش الأمريكي، تخلى الحوثيون عن طرق التوجيه الراداري التقليدية، وتحولوا إلى استخدام مستشعرات الأشعة تحت الحمراء الحرارية. هذه الطريقة في “الهجوم الصامت” تشبه الصيادين المختبئين في الظلام، ينتظرون فريستهم لدخول المدى.

بالإضافة إلى ذلك، يجيد الحوثيون استخدام الذخائر المتسكعة في هجمات “كمين الانتظار”. على سبيل المثال، يمكن للذخيرة المتسكعة من طراز “صقر” التحليق في الجو لفترة طويلة، ويصل مداها إلى مائة كيلومتر. والأكثر إثارة للدهشة، حتى لو فشل الهجوم، يمكن استعادة “صقر” وإعادة استخدامه، بينما لا تتجاوز تكلفتها جزءًا بسيطًا من تكلفة الصواريخ التقليدية. هذا السلاح عالي الفعالية من حيث التكلفة يمنح الحوثيين ميزة في مواجهة الطائرات المسيرة الأمريكية.

وهناك ظاهرة أخرى تستحق الاهتمام: هياكل العديد من طائرات MQ-9 المسيرة التي تم إسقاطها سليمة تمامًا، مما أثار تكهنات بأن الحوثيين ربما أتقنوا “فن الاستيلاء الإلكتروني”. من خلال وسائل الحرب الإلكترونية لاعتراض السيطرة على الطائرات المسيرة، هذا “الهجوم غير المتكافئ” لا يسبب خسائر في معدات الجيش الأمريكي فحسب، بل يهدد بشكل مباشر أمن شبكة معلوماته.

خلف هذه التكتيكات التي تبدو “بدائية” يكمن تحليل دقيق لأنماط عمليات الجيش الأمريكي من قبل الحوثيين. لقد استغلوا نقاط ضعف الطائرات المسيرة “تحلق على ارتفاع منخفض، بطيئة السرعة، وتعتمد على روابط الاتصال”، واستخدموا وسائل تكنولوجية منخفضة التكلفة لتضخيم تكلفة الحرب على الجيش الأمريكي بشكل كبير. يشبه الأمر ملاكمًا رشيقًا يتجنب لكمات خصمه القوية، ويستهدف نقاط ضعفه تحديدًا، مما يجعل الخصم القوي عاجزًا عن استخدام قوته.

ثانياً: وراء تراجع B-2: “اختبار مضاد للشبح”، ضبابية التكنولوجيا والردع الاستراتيجي

لم تقتصر لحظات “التألق” للحوثيين على إسقاط الطائرات المسيرة. في الآونة الأخيرة، حاولوا حتى اعتراض قاذفة الشبح الأمريكية B-2، ورغم أنهم لم ينجحوا في النهاية، إلا أنهم أجبروا “الشبح الجوي” التي تبلغ قيمتها 2.4 مليار دولار على التراجع. هذا الحادث أثار نقاشًا حادًا بين الخبراء العسكريين العالميين: هل أتقنت رادارات الدفاع الجوي للحوثيين بالفعل تكنولوجيا مكافحة الشبح؟

يشير التحليل إلى أن الحوثيين ربما حققوا هذا الاختراق من خلال وسيلتين. من ناحية، استخدموا “مستقبلات رادار افتراضية” قدمتها إيران لبناء نظام كشف سلبي. يمكن لهذه المستقبلات اعتراض إشارات الاتصال للطائرات المدنية والعسكرية، وبالتالي تحديد إحداثيات الهدف، وتحقيق “الاستطلاع السلبي”. يشبه الأمر عدم إصدار ضوء في الليل المظلم، ولكن القدرة على اكتشاف الأعداء من خلال التقاط الضوء المحيط.

من ناحية أخرى، قام الحوثيون بتعديل رؤوس التوجيه بالأشعة تحت الحمراء للصواريخ القديمة، وبالتنسيق مع محطات المراقبة الأرضية، شكلوا شبكة “تغطية النقاط العمياء” للأهداف الشبحية. على الرغم من أن الطائرات المقاتلة الشبحية يمكنها التهرب من اكتشاف الرادار، إلا أنها تترك آثارًا أمام معدات الأشعة تحت الحمراء والبصرية. يستغل الحوثيون هذه النقطة لمحاولة تمزيق “غطاء الشبح” للطائرة B-2.

على الرغم من أن تفاصيل تقنية الحوثيين لمكافحة قاذفات الشبح لا تزال غير واضحة، إلا أن محاولاتهم حققت تأثير ردع استراتيجي. هذا يرسل إشارة واضحة للجيش الأمريكي: حتى أحدث الطائرات المقاتلة الشبحية لا يمكنها “التحرك بحرية” في المجال الجوي اليمني. هذا الردع النفسي أجبر الجيش الأمريكي على تعديل نشر قواته، وزيادة تكلفة الضربات من خارج منطقة الدفاع. قاذفات B-2، التي كان مخططًا لها في الأصل التوغل بعمق، لا يمكنها الآن سوى إطلاق الصواريخ من مسافة بعيدة، مما يقلل بشكل كبير من فعاليتها القتالية.

ثالثاً: غطرسة الجيش الأمريكي والثمن: حرب استنزاف “لا يمكن تحملها”

لم تتشكل قدرات الدفاع الجوي للحوثيين “بين عشية وضحاها”. في وقت مبكر من عام 2018، أصدرت مراكز الفكر الأمريكية تحذيرات، منبهة البنتاغون إلى تهديد الحوثيين. ومع ذلك، ظل الجيش الأمريكي يحتقر هذه المليشيا المحلية، ولم يستيقظ إلا بعد دفع ثمن باهظ. تتجلى غطرسة الجيش الأمريكي بشكل رئيسي في ثلاثة جوانب.

أولاً، الأخطاء الاستخباراتية. استخدم وزير الدفاع الأمريكي هيغسث برامج الدردشة التجارية لمشاركة خطط العمليات، مما أدى إلى تسرب معلومات حساسة، وكشف عن التراخي واللامبالاة في نظام قيادة الجيش الأمريكي. في الحرب الحديثة، المعلومات هي القوة القتالية، ومثل هذا الخطأ البدائي وضع الجيش الأمريكي بلا شك في موقف سلبي في ساحة المعركة.

ثانياً، الجمود التكتيكي. اعتمد الجيش الأمريكي بشكل مفرط على الطائرات المسيرة للاستطلاع والغارات الجوية، وتجاهل تهديد أنظمة الدفاع الجوي المتحركة الأرضية للحوثيين. اعتقدوا أنهم يستطيعون سحق الخصم بسهولة بفضل معداتهم المتقدمة، لكنهم لم يتوقعوا أن ت拖拉هم “حرب العصابات” للحوثيين إلى مستنقع الاستنزاف. يشبه الأمر شخصًا قويًا لا يعرف سوى استخدام الأسلحة الثقيلة، يجد نفسه مقيد اليدين والقدمين في مواجهة خصم مرن ومتغير.

أخيراً، قصر النظر الاستراتيجي. صنف الجيش الأمريكي الحوثيين ببساطة على أنهم “وكلاء لإيران”، وتجاهل قدراتهم على اتخاذ القرارات المحلية وابتكار التكتيكات. هذا التصور الخاطئ أدى إلى أن استجابات الجيش الأمريكي أصبحت بعيدة تمامًا عن الواقع. لم يدركوا أن الحوثيين ليسوا “دمى تحرك بخيوط” يمكن التلاعب بها، بل قوة مسلحة لها تفكيرها الاستراتيجي وحكمتها القتالية.

من الناحية الاقتصادية، هذه المواجهة جعلت الجيش الأمريكي يعاني بشدة. تكلفة خسارة طائرة مسيرة من طراز MQ-9 تبلغ 30 مليون دولار، بينما قد لا تتجاوز تكلفة صاروخ معدل للحوثيين مليون دولار. إذا استمر الجيش الأمريكي في “محاربة الرخيص بالغالي”، فمن المحتمل أن يكرر خطأ حرب أفغانستان، ويغرق في “ثقب أسود مالي” لا يستطيع الخروج منه. كلما تم إسقاط طائرة مسيرة، كان ذلك بمثابة طعنة في محفظة الجيش الأمريكي، وعلى المدى الطويل، حتى الولايات المتحدة الثرية يصعب عليها تحمل ذلك.

رابعاً: دروس الحرب الحديثة: كيف يمكن للدول الصغيرة كسر “هيمنة السيطرة الجوية”

هذه المواجهة بين الحوثيين والجيش الأمريكي توفر خبرة قيمة للقوى العسكرية الأضعف في العالم، وتشكل نموذجًا جديدًا لـ “مكافحة الوصول / منع الدخول إلى المنطقة” (A2/AD).

في مجال التكامل التكنولوجي، دمج الحوثيون الأسلحة القديمة مع تكنولوجيا الحرب الإلكترونية الحديثة. قاموا بتعديل صواريخ جو-جو سوفيتية من طراز R-73 لتصبح أسلحة أرض-جو، محققين “فعالية عالية بتكلفة منخفضة”. هذه الطريقة “وضع نبيذ جديد في زجاجات قديمة” أدت إلى إحياء أسلحة كانت على وشك الخروج من الخدمة، واستخدام القليل لمواجهة الكثير ضد المعدات المتقدمة للجيش الأمريكي.

في الابتكار التكتيكي، تخلى الحوثيون عن المواجهة المباشرة مع الجيش الأمريكي، وركزوا على “الضرب في نقاط الضعف”. لقد شنوا هجمات على أهداف عالية القيمة مثل الطائرات المسيرة وعقد الدعم اللوجستي، مستغلين القلق الاستراتيجي للجيش الأمريكي، ومواصلين خلق المتاعب. يشبه الأمر قطيعًا من الذئاب المرنة لا تتصادم مباشرة مع الفيل، بل تعض كاحليه فقط، مما يسبب له معاناة شديدة.

الردع النفسي هو أيضًا وسيلة مهمة للحوثيين. من خلال “إنجازات رمزية” مثل إسقاط معدات متقدمة وإجبار طائرات شبحية على التراجع، يمارسون الضغط على الجيش الأمريكي على المستويين الإعلامي والسياسي. هذه الانتصارات لم تعزز معنوياتهم فحسب، بل هزت أيضًا ثقة الجيش الأمريكي، مما جعل الخصم أكثر حذرًا عند اتخاذ القرارات.

تثبت هذه المواجهة بشكل كامل: في عصر العمليات الذكية والموزعة، يمكن للتكتيكات غير المتكافئة “الصغيرة والسريعة والرشيقة” أن تضع الطرف صاحب التفوق التكنولوجي في موقف حرج “كنمر يطارد ناموسة”. القوة العسكرية الضخمة لم تعد العامل الوحيد للانتصار، بل التكتيكات المرنة، التفكير المبتكر، والإرادة الصلبة، يمكنها أيضًا أن تلعب دورًا كبيرًا في ساحة المعركة.

المواجهة بين الحوثيين والجيش الأمريكي ليست مجرد صورة مصغرة للصراع الجيوسياسي في الشرق الأوسط، بل هي إشارة مهمة على تشقق قواعد الحرب الحديثة. عندما انهارت أسطورة طائرات “الريبر” المسيرة، وعندما أُجبرت قاذفة الشبح B-2 على التراجع، لا نرى فقط صعود قوة محلية مسلحة، بل أيضًا تحذيرًا لهذا العصر: التفوق التكنولوجي ليس كل شيء، والغطرسة والاستهانة بالعدو هما “ثغرة الاختفاء الاستراتيجي” الحقيقية. في ساحة المعركة المستقبلية، ربما لن يكون هناك “مجال جوي آمن” على الإطلاق، فقط الجيوش القادرة على التكيف مع التغيير والابتكار باستمرار، هي التي يمكنها الصمود في المواجهة الشرسة. هذه المواجهة التي حدثت في اليمن تستحق التفكير العميق من قبل الأوساط العسكرية العالمية، كما أنها كشفت لنا عن فصل جديد تمامًا في الحرب الحديثة.

التقرير من المصدر: https://baijiahao.baidu.com/s?id=1830662345772089377&wfr=spider&for=pc

قد يعجبك ايضا