الصينيون يتساءلون: هل فشل الجيش الأمريكي في مواجهة اليمنيين يكشف ضعف قوته؟

تقرير: موقع baijiahao الصيني| رصد وترجمة: المساء برس|

في أبريل 2025، تركزت أنظار العالم على ساحتي معركتين متباينتين تمامًا – إحداهما أسطول حاملات الطائرات الأمريكية في أعماق البحر الأحمر، والأخرى خط المواجهة بين الهند وباكستان على حدود كشمير. هذان الحدثان اللذان يبدوان غير مرتبطين كشفَا عن قاسم مشترك مذهل: الهيمنة العسكرية التي كانت لا تُقهر تُدفع نحو الهاوية بفعل ثورة تكنولوجية صامتة.

لم تكن أمواج البحر الأحمر هائجة بهذا الشكل من قبل. حاملتا طائرات تعملان بالطاقة النووية، طائرات حرب إلكترونية من طراز “Growler”، قاذفات شبح من طراز B-2… حشدت الولايات المتحدة أحدث المعدات العسكرية في العالم، لكنها تعرضت لضربات متتالية في حرب العصابات التي يشنها الحوثيون في اليمن: طائرات MQ-9 المسيرة تسقط تباعًا، حاملات الطائرات تُجبر على الانحراف لتجنب الهجوم، بل وحتى طائراتها المقاتلة أُسقطت بنيران صديقة بسبب سوء التقدير – هذه الحرب التي تبدو غير متكافئة تمزق ستار التغطية عن مجمع الصناعات العسكرية الأمريكية.

في الوقت نفسه، بدا الهواء في شبه القارة الهندية متجمدًا. الهند وباكستان، “العدوان القديمان”، استعرضا عضلاتهما مرة أخرى، بل وكشفا عن أخطر أوراقهما – السلاح النووي.

قال البعض إن هذا ليس سوى تكرار آخر لتاريخ العداء بين البلدين الممتد لأكثر من 70 عامًا؛ وحذر آخرون من أن هذه المرة قد تكون أزمة عالمية “تُثير قلاقل أكبر عند محاولة تهدئة قلاقل أصغر”.

وفي عين العاصفة، تبلورت حقيقة مقلقة: عندما ينخرط بلدان يمتلكان أسلحة نووية في مواجهة، فإن العدو الحقيقي لم يعد أي منهما، بل هو خط البقاء المشترك للإنسانية.

خلف هذين الصراعين اللذين يبدوان غير مرتبطين، تكمن الإجابة نفسها: الهيمنة العسكرية التقليدية تُقلب رأسًا على عقب تمامًا بفعل الحرب غير المتكافئة.
من البحر الأحمر إلى كشمير: لماذا أصبحت مقولة “ضربة مدفع لناموسة” مضحكة؟

مأزق الجيش الأمريكي في البحر الأحمر هو مثال صارخ على حرج الصناعة العسكرية الحديثة. كما هو معروف، القيمة النهائية لحاملة الطائرات التي تعمل بالطاقة النووية تكمن في الإبحار في أعماق البحار والردع في المحيطات البعيدة. يمكن لأساطيلها المرافقة، بالتعاون مع أسراب الطائرات على متنها، أن تُسقط القوة النيرانية في نطاق آلاف الكيلومترات.

ومع ذلك، كشفت المياه الضيقة للبحر الأحمر تمامًا عن نقاط ضعف حاملة الطائرات: محدودية المناورة، ارتفاع تكاليف الوقود، وتزايد مناطق حجب المعلومات الاستخباراتية.

الأكثر سخرية هو أن الجيش الأمريكي، لتعويض النقص، دفع بطائرات MQ-9 “Reaper” المسيرة إلى ساحة المعركة. هذه المنصة التي كانت تستخدم في أفغانستان لمهام الاستطلاع والهجوم أصبحت “فريسة” للحوثيين – كل ما يحتاجونه هو استخدام صواريخ S-75 القديمة أو رادار بسيط لتحديد مواقعها وإسقاط “القاتل الجوي” الذي تبلغ قيمته 30 مليون دولار.

رغم قدرات التخفي الهائلة لـF-35C، فإن مداها القتالي البالغ 800 كيلومتر لا يسمح بعمليات دقيقة في البحر الأحمر. فإذا أقلعت من مدى 500 كم، يجب على الطيار إنهاء مهمته والعودة خلال ساعة واحدة، مما يحرمها من توجيه دقيق أو إعادة ضربة. باختصار، استخدام F-35C ضد الحوثيين في البحر الأحمر أشبه بمحاولة “مدفعٍ يقتل بعوضة”.

اتباع الحوثيين لتكتيك التغيير المستمر لمواقع الإطلاق والاستفادة من التضاريس الجبلية جعل القصف الشامل الأمريكي أشبه بضربةٍ بلا هدف. في النهاية، اضطرّت واشنطن للاعتماد على قاذفات B-2 الباهظة الثمن (2.4 مليار دولار للواحدة) لتنفيذ ضربات بعيدة المدى.

كان من المفترض أن تستخدم هذه الطائرات الشبحية في صراعات القوى الكبرى، لكنها أصبحت الآن أداة لمواجهة قوات محلية. وكما قال لواء بحري متقاعد: “هذا هو ثمن تعقيد الصناعة العسكرية – لقد صنعنا أقوى رمح، لكننا نسينا أن ساحة المعركة تحولت بالفعل إلى غابة”.

.”في جنوب آسيا، انكشف “القوة النظرية” للهند بشكل أكثر شمولاً. هددت حكومة مودي بشن حرب على باكستان في 1 مايو، لكن وراء ذلك يكمن “الرضا عن الذات” للصناعة العسكرية: أنفقت 60 مليار دولار خلال السنوات الخمس الماضية لشراء طائرات Su-30MKI روسية وطائرات رافال فرنسية، لكنها لم تهضم التقنيات الأساسية؛ مشاريع الدبابات المحلية من طراز Arjun وصواريخ BrahMos تأخرت مرارًا وتكرارًا، وأداؤها في الاختبارات الفعلية أقل بكثير من الدعاية.

الأخطر من ذلك هو أن خطوة الهند بقطع إمدادات مياه نهر السند أدت إلى تفاقم الصراع. تشكل الزراعة 20% من الناتج المحلي الإجمالي لباكستان، وقطع المياه يعني خنق شريان حياتها الاقتصادي. وكان رد الفعل الباكستاني أكثر فتكًا: “يمكنك قطع المياه، لكنني أستطيع قطع الهواء عن نيودلهي!”

هذا ليس تبجحًا، بل هو توازن الرعب في العصر النووي.

الرؤية الصينية: سر انتصار الحرب غير المتكافئة

إذا كان الجيش الأمريكي والهند يواجهان نكسات متكررة في ساحة المعركة، فإن خيار الصين يبدو أكثر واقعية.

في دروس البحر الأحمر، ظهرت مزايا تكنولوجيا الطائرات المسيرة الصينية بشكل واضح. يمكن لسفينة الأم للطائرات المسيرة “Jiutian” الإقلاع والهبوط بشكل مستقل في البحر، وتحمل عددًا من الطائرات المسيرة الصغيرة للاستطلاع والهجوم، مما يحقق مراقبة على مدار 24 ساعة دون انقطاع؛ تحلق قاذفة الشبح المسيرة “Rainbow-7” على ارتفاع يصل إلى 1.8 ألف متر، وقدرتها على اختراق الدفاعات تضاهي B-2، وتكلفتها عُشر الأخيرة فقط؛ سفينة الإنزال البرمائية من طراز “Sichuan” مجهزة بنظام إطلاق كهرومغناطيسي، ويمكن في المستقبل نشر أعداد كبيرة من الطائرات المسيرة المتوسطة والصغيرة، مما سيقلب تمامًا نموذج الحرب البحرية التقليدية.

المنطق الأساسي لهذه المعدات هو: استخدام منصات رخيصة ومرنة لتحل محل الأنظمة باهظة الثمن والضخمة. لا حاجة لأسطول حاملات طائرات، يمكن لأسطول برمائي واحد إكمال ضربات دقيقة ضد الدول الصغيرة والمتوسطة.

في مجال الحرب الإلكترونية، يتجاوز الاستثمار الصيني الاستثمار العالمي. رادار المصفوفة الرقمية لطائرة الإنذار المبكر من طراز KJ-500 يضاعف مدى الكشف، ويمكنه أيضًا تتبع مئات الأهداف في وقت واحد، مما يجعلها بمثابة “دماغ ساحة المعركة”.

الأهم من ذلك، أن الاستثمار الصيني في البحث والتطوير في مجال الحرب الإلكترونية يشكل 15% من ميزانية الدفاع، بينما يشكل الاستثمار الأمريكي 8% فقط. هذا الفارق ينعكس مباشرة في ساحة المعركة: غالبًا ما تتعطل أنظمة الرادار للسفن الحربية الأمريكية بسبب معدات التشويش البسيطة للحوثيين، بينما يمكن للطائرات المسيرة الصينية تجاهل الدفاعات منخفضة التقنية للطرف الآخر، والتسلل بسهولة خلف خطوط العدو.

في المقابل، لا يزال المجمع الصناعي العسكري الأمريكي غارقًا في بناء “المقاتلين المتكاملين” – حاملات الطائرات، F-35، B-2… كل قطعة منها تمثل استثمارًا فلكيًا. ومع ذلك، دخلت الحرب الحديثة عصر “النمطية + الذكاء”، ومن يستطيع تطوير معدات منخفضة التكلفة وعالية القدرة على التكيف بشكل أسرع، هو الفائز الحقيقي.

قرار إدارة ترامب بتقليص الميزانية العسكرية وتقليص القواعد الخارجية أشبه بشرب السم. عندما يُجبر الجيش الأمريكي على استخدام معدات مخصصة لصراع القوى الكبرى لحل النزاعات الصغيرة، فإن “إرهاقه الاستراتيجي” بدأ يظهر.

دروس البحر الأحمر

عجلة التاريخ تدور بلا توقف، وحدهم الواعون يستطيعون الصمود. لم يتلاش دخان البحر الأحمر بعد، وبرميل بارود جنوب آسيا يشتعل مرة أخرى. الدرس المشترك لهذين الصراعين هو: شكل الحرب يتغير من “المدفعية الفولاذية” إلى “الأسراب الذكية”.

تضخم وجمود نظام الصناعة العسكرية الأمريكي جعله يتحول إلى “فارس حديث” – يرتدي درعًا ذهبيًا مقدسًا، لكنه لا يستطيع التحرك خطوة واحدة في ساحة المعركة الموحلة. بينما “القادمون الجدد” مثل الصين والحوثيين، يستخدمون أقل التكاليف وأعلى مرونة، لإعادة تعريف حدود النصر.

أما بالنسبة للهند، فربما لن تتعلم هذا الدرس أبدًا: في العصر النووي، القوي الحقيقي ليس من يمتلك القبضة الأكبر، بل من يستطيع السيطرة على نيران الحرب ضمن نطاق يمكن التحكم فيه. للأسف، يبدو أن حكومة مودي أكثر براعة في لعب دور “مُشعل الحروب”.

المستقبل قادم، والنظام القديم ينهار. بينما لا تزال الهيمنة التقليدية تشعر بالرضا عن النفس لـ “ضرب المدفع للناموسة”، فإن المغيرين الحقيقيين قد ارتدوا بالفعل ملابس جديدة بصمت.

قد يعجبك ايضا