صنعاء وخيارات المواجهة: هل يمكن فصل معركة الخارج عن معارك الداخل؟
وما يسطرون – آزال الجاوي| المساء برس|
لا يكفي أن تكتفي صنعاء بتجنّب التصعيد مع الأطراف المحلية، أو أن تطلب منهم تجميد تحركاتهم في ظل المواجهة المفتوحة مع الولايات المتحدة؛ فمثل هذا الطرح ينطوي على إشكاليتين جوهريتين:
أولًا: أنه يحمل ضمنًا طلبًا بالإبقاء على الأمر الواقع، بما فيه من انقسامات واختلالات إدارية وسياسية واقتصادية، وفساد ومظالم داخلية متراكمة.
وثانيًا: أنه يوحي ضمنيًا بأن ما بعد المعركة مع الخارج سيكون وقتًا لتصفية الحسابات مع خصوم الداخل، وهو ما يُرسل رسائل سلبية تعمّق الفجوة، وتُغذّي الشكوك، وتُغلق أبواب التفاهم لصالح منطق الصدام واغتنام الفرص.
وإذا أرادت صنعاء تفويت الفرصة على الأطراف الإقليمية والدولية المتربّصة، كما حدث في التجارب المؤلمة في سوريا ولبنان وكذلك في اليمن في سنوات الحرب السابقة ، فعليها أن تتحرك بجدية على مسارين متوازيين:
1.مسار الإصلاح الداخلي: البدء بإجراءات تغيير حقيقية في مناطق سيطرتها، وفتح حوار جاد وشراكة فاعلة مع القوى الحليفة، تترافق مع إطلاق سراح المعتقلين السياسيين كبادرة أولى لبناء الثقة وترميم الصف الداخلي.
2.مسار المصالحة الوطنية: من خلال المبادرة في فتح قنوات تفاوض مباشر مع الخصوم في مكونات “الشرعية”، وتقديم بوادر حسن نية ملموسة، تشمل وقف الحملات الإعلامية، والإفراج عن الأسرى ذوي الحالات الإنسانية، وغيرها من الخطوات التمهيدية الكفيلة بفتح الباب لحلول واقعية ومستدامة.
بهذه الرؤية المتوازنة، يمكن لصنعاء أن تُحصّن الجبهة الداخلية، وتمنع استغلال المعركة مع الخارج كفرصة لتفجير الوضع من الداخل أو خلق أزمات جديدة قد تعصف بتماسكها وتُعقّد المشهد الوطني بأسره لسنوات طويلة .
أما دون ذلك، فلا يمكن إعفاؤها من تبعات أي تحرّك قد يُقدم عليه خصومها أو حتى بعض حلفائها ممن يئسوا من الإصلاح والتغيير ، أو لم يروا في المشهد القائم سوى انسداد سياسي للخيارات والبدائل يفرض عليهم التعامل مع الفرصة باعتبارها حتمية ولحظة مصيرية لاتعوض.