بريطانيا تعود رسميًا للمشاركة في العدوان على اليمن بعد إسقاط مقاتلة أمريكية في البحر الأحمر
خاص – المساء برس| تقرير: يحيى محمد الشرفي|
في تطور عسكري وسياسي لافت، أعلنت بريطانيا رسميًا مشاركتها في الضربات الجوية الأمريكية ضد اليمن، بعد ساعات من إعلان البحرية الأمريكية سقوط طائرة مقاتلة من طراز “F-18” تابعة لحاملة الطائرات “يو إس إس ترومان” في البحر الأحمر، عقب استهداف الحاملة من قِبل القوات اليمنية.
وقالت وزارة الدفاع البريطانية إن “قوات بريطانية وأمريكية شاركت في عملية عسكرية مشتركة في اليمن الثلاثاء”، مؤكدة أن “مقاتلات تايفون FGR4 قصفت عددًا من المباني جنوب صنعاء باستخدام قنابل بافواي 4″، وبإسناد من طائرات فوييجر للتزود بالوقود، في أول مشاركة معلنة لبريطانيا منذ عودة الحملة الأمريكية منتصف مارس الماضي.
ويُعد هذا الإعلان أول تدخل بريطاني معلن في الحملة الجديدة التي تقودها واشنطن منفردة، بعد أن كانت لندن شريكًا رئيسيًا في التحالف السابق الذي قاده الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن مطلع 2024. وكانت بريطانيا قد شنت عشرات الغارات حينها قبل أن تنسحب بعد تعرض قطعها الحربية لهجمات من اليمن.
فشل الردع الأمريكي واستدعاء لندن
ويأتي التدخل البريطاني الجديد بعد تصعيد كبير من قبل صنعاء، شمل استهدافات نوعية لمنشآت عسكرية إسرائيلية وسفن أمريكية في البحر الأحمر، أبرزها عملية الاشتباك المطول الأخير الثلاثاء الماضي مع حاملة الطائرات ترومان ما ادى لسقوط طائرة حربية من طراز إف ١٨ والتي بحسب الرواية الأمريكية سقطت من حاملة الطائرات أثناء تنفيذ الحاملة انعطافة شديدة لتفادي تعرضها لهجوم ناري من اليمن.
ويبدو أن واشنطن استعانت ببريطانيا في محاولة لخلق انطباع بوجود تحالف غربي متماسك في مواجهة صنعاء، بعد فشل الحملة الجوية الأمريكية المنفردة في تحقيق أهدافها خلال أكثر من شهر ونصف من القصف المستمر.
رسائل بريطانية مزدوجة… ولكن متأخرة
عودة لندن إلى الواجهة تُقرأ كرسالة سياسية مزدوجة: أولًا لحلفائها الغربيين بأنها لا تزال حليفًا موثوقًا في الأزمات، وثانيًا لصنعاء بأن الضغوط العسكرية الغربية ستتصاعد ما لم تتوقف الهجمات على إسرائيل والمصالح الغربية في المنطقة. غير أن توقيت المشاركة – بعد الضربة النوعية التي وجهتها صنعاء للبحرية الأمريكية – يجعلها تبدو كردة فعل أكثر منها مبادرة استراتيجية.
صنعاء تتوعد وتربط الهجمات بالدعم الأمريكي لإسرائيل
من جهتها، حذّرت حكومة صنعاء بريطانيا من “عواقب مشاركتها في العدوان الأمريكي على اليمن”، مؤكدة أن ما قامت به لندن يأتي في سياق “محاولة لإسناد العدو الإسرائيلي ومنعه من السقوط”، وربطت الهجمات الغربية بالجهود المستمرة لتمكين الاحتلال من مواصلة مجازره في غزة، عبر ضرب خطوط الدعم اليمنية للقضية الفلسطينية.
وشدد بيان حكومة صنعاء على أن اليمن “سيواجه بكل ما أوتي من قوة ثلاثي الشر: الأمريكي، البريطاني، والإسرائيلي”، في تصعيد واضح ضد الأطراف المتورطة في العمليات العسكرية.
واقع ميداني لا يتغيّر… ورسائل بلا مضمون
على الصعيد العسكري، يرى مراقبون أن مشاركة بريطانيا لن تُحدث أي تغيير في مسار المواجهة. فالقوات اليمنية أثبتت قدرتها على امتصاص الضربات الجوية والرد عليها بشكل نوعي، سواء عبر البحر أو باستخدام الصواريخ والطائرات المسيّرة، وهو ما يجعل فعالية هذه الغارات محدودة للغاية.
وتُظهر المعطيات أن الضربات الأخيرة استهدفت مواقع سبق قصفها مئات المرات خلال السنوات الماضية، دون أن تؤثر على القدرات العملياتية لقوات صنعاء، ما يعكس عجزًا استراتيجيًا واضحًا لدى الحلف الغربي.
تحالف مأزوم في وجه قوة متنامية
إن دخول بريطانيا مجددًا على خط العدوان ضد اليمن لا يعكس موقفًا هجوميًا قويًا بقدر ما يكشف حجم الورطة التي تواجهها الولايات المتحدة في البحر الأحمر. ففشل الردع الأمريكي، واضطرار واشنطن لاستدعاء حلفاء من خارج مسرح العمليات، يشير إلى أن التصعيد الحالي أقرب إلى الهروب للأمام، وليس جزءًا من خطة ناجحة لاحتواء قدرات صنعاء.
وفي ظل التصريحات اليمنية المتوعدة والتصعيد المتواصل، يبقى السؤال مفتوحًا حول ما إذا كانت هذه العمليات ستتوسع إلى صدام أوسع، أم أنها ستُجبر الغرب على إعادة النظر في استراتيجياته الفاشلة في البحر الأحمر واليمن.