إسرائيل تعيد رسم خريطة غزة.. تكتيك عسكري أم تمهيد لاحتلال دائم؟
غزة – المساء برس|
كشفت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية، اليوم الخميس، نقلاً عن مصادر أممية وتقارير ميدانية، أن “إسرائيل” تعمد منذ أسابيع إلى إعادة رسم الخريطة الجغرافية والسياسية لقطاع غزة، في خطوة يقول محللون إنها قد تمهد لواقع احتلالي جديد طويل الأمد، يحاصر الفلسطينيين داخل ثلث المساحة الأصلية للقطاع.
ومنذ استئناف العمليات العسكرية في مارس الماضي، صنّفت “إسرائيل” أكثر من 70% من أراضي غزة كمناطق “حمراء” أو “قيد الإخلاء”، ما دفع مئات الآلاف من السكان إلى الهروب نحو مناطق أكثر ازدحاماً وخطورة.
ويشير جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى أن هذه الإجراءات تهدف لحماية المدنيين عبر إبعادهم عن مناطق القتال، إلا أن الواقع على الأرض يروي قصة مختلفة؛ إذ تتم عمليات الإخلاء في ظل نيران القصف، دون تأمين ممرات إنسانية آمنة، ما يعزز فرضية أن الإخلاء يستخدم كأداة للتهجير القسري.
التوسّع الإسرائيلي في “المنطقة العازلة” على طول حدود غزة مع مصر و”إسرائيل”، امتد مؤخراً إلى قلب رفح ومحيط خان يونس، حيث تشمل الآن مناطق كانت قبل الحرب موطناً لما يزيد عن 200 ألف فلسطيني.
وتظهر التقارير أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يحول هذه المناطق إلى نطاق أمني مغلق، معزول عن بقية القطاع، ويطلق النار على من يقترب منها. هذا التوسع يحوّل فعلياً خمس مساحة غزة إلى “أراضٍ محظورة”، ويثير المخاوف من نية إسرائيل فرض وقائع ديموغرافية وجغرافية يصعب التراجع عنها.
وفقاً لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، فإن نصف آبار المياه في القطاع والمئات من المرافق الطبية واللوجستية تقع الآن ضمن مناطق الإخلاء أو المواجهات، ما يزيد من تعقيد الأزمة الإنسانية.
القيود على الحركة، وتقييد الوصول إلى الإغاثة، جعلت السكان محاصرين بين نيران القصف وندرة المساعدات، وسط تحذيرات أممية من خطر المجاعة وتفشي الأوبئة.
صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية أكدت أن الجيش يستعد لتحويل رفح، وجوارها، إلى “منطقة أمنية دائمة”، وهو ما يعيد إلى الأذهان نماذج الاحتلال البطيء والتوسع الزاحف، كما حدث في الضفة الغربية.
الانسحاب التكتيكي من بعض المناطق، مع إبقاء السيطرة على محيطها الجغرافي، قد يشير إلى نية استراتيجية لفرض حدود جديدة لغزة، بغطاء أمني، لكن بهدف تقليص مساحة الفلسطينيين، وإنهاء فكرة الدولة.