سياسات ترامب التجارية تربك الأسواق.. أسوأ أداء للأسهم الأميركية في بداية رئاسة منذ نصف قرن

نيويورك – المساء برس|

شهدت الأسواق المالية الأميركية تراجعًا غير مسبوق في أول 100 يوم من الولاية الثانية للرئيس دونالد ترامب، حيث خسر مؤشر “ستاندرد آند بورز 500” نحو 8%، في أسوأ بداية لرئاسة أميركية منذ عهد جيرالد فورد عام 1974، وفقًا لتقرير نشرته صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية.

وتُعزى هذه الخسائر، بحسب محللين ومراقبين اقتصاديين، إلى حالة القلق العميق في أوساط المستثمرين من السياسات التجارية العدوانية والمتقلبة التي تتبعها إدارة ترامب، خاصة بعد إعلانه المفاجئ عن فرض رسوم جمركية واسعة النطاق، ما أحدث اضطرابًا في وول ستريت وهزّ الثقة في استقرار السوق.

وقالت الصحيفة إنّ توجهات ترامب في السياسة الاقتصادية والتجارية أطلقت “موجات من التقلّب ضربت ثقة المستثمرين بآفاق النمو في الاقتصاد الأميركي”، بالتزامن مع مخاوف من ارتفاع معدلات التضخم نتيجة فرض الرسوم الجمركية على سلع من مختلف الدول.

وفي هذا السياق، صرّح ديفيد كيلي، كبير الاستراتيجيين في “جي بي مورغان”، بأن “الأسواق تعبّر عن شكوك حقيقية حول ما إذا كانت الولايات المتحدة لا تزال تملك الأفضلية التنافسية عالمياً”، في ضوء قرارات ترامب التي تهدد بتقويض النظام التجاري العالمي القائم.

وفي مؤشر على تدهور ثقة المستثمرين العالميين، كشفت “فايننشال تايمز” أن المستثمرين الأجانب باعوا ما يقرب من 60 مليار دولار من الأسهم الأميركية منذ مارس، بقيادة المستثمرين الأوروبيين، وهو ما يعكس تغيراً جذرياً في المزاج الاستثماري الدولي تجاه الاقتصاد الأميركي.

وأدى التراجع إلى انخفاض واضح في قيمة الدولار وسندات الخزانة، وهو ما اعتبره خبراء نتيجة مباشرة لردود الفعل السلبية تجاه تصريحات ترامب المتكررة وغير المنتظمة بشأن الرسوم الجمركية.

من جانب آخر، تضررت أسهم شركات التكنولوجيا الأميركية الكبرى، المعروفة بـ”Magnificent Seven”، بعد أن كانت في مقدمة الرابحين خلال العام الماضي. ومن بين هذه الشركات “Tesla”، و”Alphabet”، و”Nvidia”، و”Meta”، التي خسر بعضها جاذبيته للمستثمرين لصالح بدائل جديدة، أبرزها الشركة الصينية الناشئة “DeepSeek”، التي كشفت عن نموذج لغوي ضخم بكلفة منخفضة، ما فاجأ الأسواق الأميركية.

ورغم المؤشرات الاقتصادية السلبية، يرفض الرئيس ترامب الربط بين تراجع السوق وسياساته، مصرًا على أن نجاحه يقاس بتنفيذ وعوده، وليس بنتائجها الاقتصادية الفورية. وفي هذا الإطار، قال تييري ويزمان، خبير الصرف الأجنبي لدى “ماكواري”: “ترامب يصنّف أداءه على أساس تنفيذ وعوده، لا على أساس ما إذا كانت هذه السياسات قد أضرت بالسوق أو لا”.

من جهتها، قالت ليزا شاليت، كبيرة مسؤولي الاستثمار في “مورغان ستانلي”، إن “المستثمرين لديهم كل الحق في الشعور بالإرهاق”، ووصفت سياسات ترامب الجمركية بأنها “متذبذبة وتُغرق الأسواق في حالة من عدم اليقين المتواصل”.

وبينما كان يتوقع كثير من المستثمرين أن تكون ولاية ترامب الثانية امتدادًا لخفض الضرائب ورفع القيود، جاءت التحركات التجارية غير المحسوبة لتفتح أبواب الشكوك والتقلبات، وتجعل من إدارة السوق تحديًا سياسيًا لا اقتصاديًا فقط. ومع مرور الأيام الأولى، يبدو أن الأسواق تصوّت بعدم ثقتها، تاركة علامات استفهام كبيرة حول مستقبل الاقتصاد الأميركي في ظل هذه السياسات.

قد يعجبك ايضا