“بريكس” تعيد رسم ملامح الاقتصاد العالمي.. رفض للهيمنة الأميركية وسعي لبديل متعدد الأطراف

خاص – المساء برس|

في ظل تصاعد التوترات الاقتصادية العالمية وتفاقم الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، انطلق اجتماع وزراء خارجية مجموعة “بريكس” اليوم الاثنين في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية، حاملاً رسالة واضحة برفض النهج الأحادي الذي تفرضه واشنطن، وبدعوة إلى نظام عالمي جديد أكثر توازنًا وعدالة في توزيع السلطة الاقتصادية.

ويأتي الاجتماع، الذي يستمر على مدى يومين، بمشاركة وزراء وممثلي الدول الأعضاء في التكتل – الصين، روسيا، الهند، جنوب أفريقيا، والبرازيل، بالإضافة إلى الأعضاء الجدد (السعودية، مصر، الإمارات، إيران، إثيوبيا، وإندونيسيا) – في وقت حرج يتسم بأزمة اقتصادية عالمية وتغيرات جيوسياسية حادة.

في تصريحات بارزة، قال كبير المفاوضين البرازيليين، ماوريسيو ليريو، إن وزراء المجموعة يعملون على صياغة بيان يعيد التأكيد على أهمية النظام التجاري متعدد الأطراف، في مواجهة الإجراءات الأحادية “من أي جهة أتت”، في إشارة إلى السياسات التجارية التي يعيد الرئيس الأميركي دونالد ترامب تفعيلها منذ عودته إلى البيت الأبيض في يناير.

ووفقاً لتقديرات رسمية، فإن مجموعة بريكس تمثل نحو نصف سكان العالم، وما يقارب 39% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، ما يجعلها مؤهلة لإعادة تشكيل النظام الاقتصادي الدولي، خاصة في ظل فشل الغرب في إقناعها بسياسات العزل والعقوبات ضد روسيا والصين.

ومع تشديد واشنطن تعرفاتها الجمركية، والتي وصلت إلى 145% على المنتجات الصينية و10% على شركاء تجاريين آخرين، أعلنت بكين إجراءات مضادة بنسبة 125% على الواردات الأميركية، ما عمّق الانقسام في الأسواق العالمية. ويبدو أن بريكس تسعى إلى استثمار هذه الفرصة لبناء منظومة مالية وتجارية بديلة، أقل اعتماداً على الدولار الأميركي، وهو موضوع سيأخذ حيزاً بارزاً في النقاشات الجارية.

ورغم أن البرازيل، الدولة المضيفة، تعد الأقل تضرراً من تعرفات ترامب، إلا أن مراقبين مثل البروفيسور روبرتو غولارت مينيزيس يرون أن الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا قد يسعى إلى لعب دور “الموازن” دون الانحياز الصريح ضد الولايات المتحدة، للحفاظ على علاقات بلاده الثنائية والاقتصادية مع كل من الشرق والغرب.

إلى جانب الاقتصاد، يحتل ملف تغير المناخ حيّزاً أساسياً في الاجتماع، خصوصاً قبيل مؤتمر “كوب 30” المقرر في البرازيل، في وقت أعلنت فيه واشنطن إغلاق مكتبها الدبلوماسي المعني بالمناخ وانسحابها مجدداً من اتفاق باريس، ما يضفي مزيداً من الزخم على جهود بريكس في التمايز الأخلاقي والسياسي.

أما بشأن الحرب في أوكرانيا، فمن المتوقع أن تلتزم بريكس بموقفها التقليدي المتحفظ، والذي يكتفي بالإدانات العامة للعنف دون تبني مواقف ضد موسكو، وهو ما يُشكل تناقضاً صارخاً مع الخطاب الغربي.

ويوم الثلاثاء، من المرتقب انضمام 9 دول شريكة جديدة للنقاشات، ما يعكس اتساع دائرة النفوذ السياسي للمجموعة، وسعيها لتشكيل قطب دولي بديل عن الهيمنة الغربية، وسط دعوات متزايدة إلى تبنّي عملات بديلة للدولار وتعزيز التعاون الجنوبي-الجنوبي.

قد يعجبك ايضا