من سحق الخصوم بسهولة للوقوع في مأزق.. لماذا أصبحت القوات الأمريكية بعد 30 عامًا عاجزة أمام الحوثيين؟
أصداء – المساء برس|
ملخص سريع
قبل ثلاثين عامًا، استخدمت الولايات المتحدة أسلحة فائقة التقنية تم إعدادها للحرب النووية ضد الاتحاد السوفييتي لتسحق العراق، لكن اليوم تجد نفسها في مأزق صعب أمام الحوثيين بسبب تقادم الأسلحة، واستراتيجية حرب العصابات المعقدة، وتراجع هيمنة الدولار الأمريكي.
قبل ثلاثين عامًا، حين اجتاحت القوات الأمريكية الجيش العراقي في سهول الكويت، بدا الأمر أشبه بمشهد من كتاب مدرسي عن “القوة المطلقة في سحق الخصم”.
في تلك المرحلة، كانت الولايات المتحدة قد نجحت في إرهاق الاتحاد السوفييتي، منافسها الأساسي، وأخرجت من مستودعاتها أقوى أسلحتها المخفية التي كانت مخصصة للحرب النووية المحتملة ضد السوفييت: نظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، والطائرات الشبحية، والقنابل الذكية فائقة الدقة. وبطريقة غير متوقعة، تحوّلت حرب الخليج إلى ما يشبه “معرضًا تقنيًا عسكريًا من طرف واحد”.
لكن ما حدث فعليًا هو أن الجيش الأمريكي لم يكن ينوي في ذلك الوقت خوض معركة حقيقية قاسية. بل بدا الوضع كأنه لاعب قضى عشر سنوات يجهّز أسلحة متطورة لهزيمة الخصم الأقوى (الاتحاد السوفييتي)، ليكتشف فجأة أن خصمه اختفى من اللعبة، فلم يجد سوى خصم ضعيف ليتدرّب عليه.
المشكلة الأعمق كانت أنه بعد تفكك الاتحاد السوفييتي، اكتشف صنّاع السلاح الأمريكيون أن غياب الخصم الحقيقي لم يكن في صالحهم، إذ أصبح من الصعب إقناع الكونغرس بتخصيص ميزانيات جديدة للأسلحة المتطورة في ظل غياب حاجة ملحّة لحروب كبرى.
نتيجة لذلك، تباطأت وتيرة تحديث معدات الجيش الأمريكي بشكل كبير، والكثير من المعدات التي لا تزال في الخدمة اليوم ترجع إلى فترة حرب الخليج قبل ثلاثة عقود.
أما لماذا تجد أمريكا نفسها اليوم عالقة أمام الحوثيين؟ فالأمر بسيط جدًا: محاولة قتل ذبابة بمدفع ثقيل غير مجدية اقتصاديًا ولا عسكريًا.
لا يمتلك الحوثيون قوات نظامية يمكن تدميرها بسهولة. هم يعتمدون كليًا على تكتيكات حرب العصابات، ومهما استخدمت أمريكا من قنابل ذكية، فلن تستطيع تحقيق انتصارات حاسمة. حتى السعودية أصبحت تُدرك ذلك جيدًا، فقد أظهرت الحسابات أن تكلفة تدمير سيارة واحدة من سيارات الحوثيين قد تعادل تكلفة تصنيع ثلاث سيارات جديدة لهم.
وهذه التجارة العسكرية “المُكلفة وغير المجدية” ليست جذابة لصناع السلاح الأمريكيين. وفي الحقيقة، الحروب الحديثة لم تعد مجرد مقارنة من لديه أكبر مدفع أو أقوى قنبلة.
ففي حرب العراق عام 1991، كانت هيمنة الدولار الأمريكي العامل الحاسم في النصر: فكل دولار كانت تنفقه الولايات المتحدة على الحرب، كان يعود منه 30 سنتًا إلى وول ستريت عبر نظام البترودولار.
أما الآن، فقد تغير الوضع تمامًا في الشرق الأوسط، وأي حرب واسعة النطاق لن تستطيع أمريكا استعادة تكاليفها من خلالها.
شركات السلاح الأمريكية تضغط يوميًا على الكونغرس لزيادة الميزانيات، لكنها تدرك تمامًا أنها إذا خاضت حربًا كبيرة اليوم، فقد لا تكفي أرباحها لتغطية ثقب الميزانية العسكرية الهائل الذي سيُفتح.
إذن، من “التفوق الكاسح” إلى “المأزق الصعب”، أصبحت القوات الأمريكية اليوم في موقف لا تُحسد عليه أمام الحوثيين، بعد أن كانت قبل 30 عامًا تبدو قوة لا تقهر.
كيف ترون الأمر؟
المصدر: صحيفة “حديث المدينة” الصينية، للكاتب: شياو مينغ