صحيفة أمريكية: هل يشكل تهديد الحوثي كش ملك للإمدادات العسكرية الأميركية؟

متابعات خاصة – المساء برس|

شكلت العمليات العسكرية التي تنفذها القوات المسلحة اليمنية تهديداً كبيراً ومعضلة بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية في البعد العسكري والاقتصاد القائم على تجارة السلاح وإمدادات القوات الأمريكية المنتشرة في مختلف مناطق العالم.

كما يهدد تنامي القدرات العسكرية اليمنية واستعادة السيطرة التامة على المنافذ البحرية والمياه الإقليمية-بما يتوافق مع سيادة اليمن وسياساته وعلاقاته الخارجية ودعمه وإسناده للقضية الفلسطينية-قدرة الولايات المتحدة على دعمها وإسنادها لحليفها الاستراتيجي في الشرق الأوسط المتمثل بالكيان الصهيوني.

وقد تجلى هذا الأمر مع إعلان القوات المسلحة اليمنية دعمها وإسنادها لقطاع غزة وحركات المقاومة الفلسطينية التي ما تزال تخوض مواجهة مباشرة مع العدو الصهيوني الذي ارتكب منذ السابع من أكتوبر 2023 حرب إبادة بحق الفلسطينيين في القطاع، حيث تمكنت القوات المسلحة اليمنية من محاصرة العدو الصهيوني وقطع خطوط الإمدادات العسكرية والتجارية له ولحليفه الأمريكي على امتداد البحرين العربي والأحمر.

التدخل اليمني يهدد الـ”مصلحة الأمريكية الجوهرية”

ووفقا لما أكد عليه خبراء وقادة عسكريون سبق لهم الخدمة في القوات الأمريكية، من بينهم المقدم “جيمس شيبارد” وهو مسؤول تنفيذي أول سابق لمدير أركان القوات الجوية في البنتاغون، فقد تمكن اليمنيون من إحباط سلاسة وسرعة الدعم الأمريكي للكيان الصهيوني وغيرهم من الحلفاء ورفع من تكاليف نشر القوات الأمريكية وتزويدها بالإمدادات بسرعة في الشرق الأوسط وخارجه، بل إن التدخل اليمني بات يهدد ما تصفه أمريكا بالـ”مصلحة الأمريكية الجوهرية”، حيث تمكنت القوات المسلحة اليمنية من إغلاق ممر باب المندب والبحر الأحمر الذي يُمثّل طريق عبور رئيسيًا للخدمات اللوجستية العسكرية التجارية، وأعاق النشر السريعً والفعال للقوات والموارد الأمريكية عبر مسارح عمليات متعددة.

وفيما عزا “شيبارد” تنامي قدرات اليمن العسكرية وتمكنها من تحجيم التواجد الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط إلى دعم طهران لصنعاء وهو أمر أكدت الشواهد أنه تبرير واضح لفشل الولايات المتحدة في رفع الحصار عن الكيان الصهيوني غير أن شيبارد ذاته أكد أن اليمن تمكن من قطع الطرق اللوجستية الأمريكية لرفع الحصار عن الكيان الصهيوني وإسناده، عبر تكتيكات القوات المسلحة اليمنية التي تشمل ضربات دقيقة بطائرات مسيرة وصواريخ كروز وصواريخ باليستية – على نطاق واسع.

القوات المسلحة اليمنية “كبحت” واشنطن وشركاءها في البحر الأحمر بشكل فعال

وأكد “جيمس شيبارد” أن قدرات القوات المسلحة اليمنية المتنامية أجبرت السفن العسكرية الأمريكية والمتحالفة على الابتعاد عن باب المندب واتخاذ الطريق الأكثر تكلفة ماليًا وبيئيًا “رأس الرجاء الصالح” وأعاقت القوات المسلحة اليمنية “السرعة” التي تعد بالغة الأهمية للوجستيات العسكرية.

وكشف “شيبارد” أن العمليات العسكرية اليمنية وضعت القوات الأمريكية تحت الضغط وأثارت حولها الكثير من التساؤلات حول ما إذا كانت القوات المسلحة اليمنية قد “كبحت” واشنطن وشركاءها في البحر الأحمر بشكل فعال.

ويقول شيبارد:”إنه وللحفاظ على العمليات القتالية المشتركة في زمن الحرب، وفي ظل تنافس القوى العظمى يتطلب من البنتاغون نقل أصوله بين مسارح العمليات في أوروبا والوسطى ومنطقة المحيطين الهندي والهادئ حتى في الظروف العادية، وسيكون استخدام باب المندب إلزاميًا كلما دعت الحاجة إلى ذلك.

 توريط الدول المحيطة باليمن يُتيح لأمريكا استمرار دعمها لإسرائيل

وبما لصنعاء من قدرات صاروخية وطائرات مسيرة، تستطيع استهداف سفن الشحن في جميع أنحاء البحر الأحمر، ومعظم بحر العرب، وشمال المحيط الهندي، يقترح “شيبارد” استخدام مجموعة متنوعة من طرق النقل بإنشاء 300 مركز لوجستي – مطارات وموانئ بحرية ومراكز برية – عبر شبه الجزيرة العربية لتنويع خيارات الشحن.

على سبيل المثال- حسب شيبارد- يُمكن لبعض السفن تجاوز المضيق والرسو في جدة؛ ومن ثم يُمكن نقل حمولتها جوًا أو برًا. وكما ذُكر سابقًا، تقع جدة ضمن نطاق نيران الحوثيين، لكن إدخال هذه الطرق البديلة وغيرها من الطرق سيُسبب معضلات استهداف للجماعة، ويُتيح مرونة أكبر في عملية صنع القرار الأمريكية، بهدف تعزيز السلامة العامة والمرونة.

خيار آخر هو الممر البري بين الإمارات وإسرائيل، وهو طريق تجاري يمتد من ميناء حيفا الإسرائيلي عبر الأردن والمملكة العربية السعودية والبحرين والإمارات العربية المتحدة، ليصل إلى الخليج العربي متجنبًا البحر الأحمر تمامًا. تعمل شركتا نقل بالفعل على طول هذا الطريق، وهما شركة “تروك نت” الإسرائيلية وشركة “بيور ترانس” الإماراتية، وقد تكونان من أبرز المرشحين للتعاقد مع الجيش الأمريكي. الممر مجهز حاليًا لاستيعاب ما يصل إلى 350 شاحنة يوميًا.

الضغط على صنعاء بالعمل العسكري وتحالف يشمل جميع الدول العربية ودعم “الشرعية”

وأكد الطرح الذي تبناه شيبارد فشل العمليات العسكرية الجوية التي تنفذها القوات الأمريكية في صنعاء وما تحت سيطرتها من المحافظات حيث أكد ضرورة رفع وتيرة الحملة العسكرية على صنعاء بما هو أبعد من الضربات الجوية الأمريكية، بدعم القوات البرية التابعة لمجلس رشاد العليمي بالتنسيق مع السعوديين و الإماراتيين.

وعلى الرغم من أنها غير ذي جدوى أوصى شيبارد الإدارة الأمريكية لوضع اليمن على طاولة المفاوضات مع إيران وجعل أي تسوية معها مشروطة بوقف جميع الدعم العسكري لصنعاء كأحد الشروط المسبقة لرفع العقوبات.

الفشل الكبير للعمليات العسكرية الأمريكية والمعضلة التي تسببت بها القوات المسلحة اليمنية تجلت أيضا فيما طرحه جيمس شيبارد حيث أكد أنه لا بد من حشد تحالف يشمل مصر وإسرائيل والأردن والمملكة العربية السعوديةـ وايضا قوة المهام البحرية “أسبايدس” التابعة للاتحاد الأوروبي.

واشنطن تعود إلى مربع الصفر

هذه الرؤية والتي تعتبر توصيات ضرورية حتى تتمكن أمريكا من تحييد صنعاء عن فلسطين تكشف حقيقة تنامي القدرات اليمنية التي ليست وليدة لحظتها، وإنما انعكاس لما حققته صنعاء على مدى أكثر من 10 سنوات واجهت فيها هذا التحالف الذي يقترح شيبارد إنشاءه وهو تعبير واضح لعودة الولايات المتحدة الأمريكية لمربع الصفر قبل ال26 من مارس 2015 حيث تم الإعلان من واشنطن عن عاصفة الحزم الرامية في حقيقتها إلى نفس ما تسعى لتحقيقه اليوم مع تبادل واضح للأدوار، حيث كانت واشنطن تتوارى خلف الرياض. غير أن صنعاء اليوم وما تمتلكه من قدرات عسكرية تفوق ما كانت تمتلكه قبل ال26 من مارس 2015.

قد يعجبك ايضا