الانهيار من الداخل.. المقاومة تفكك تماسك الاحتلال السياسي والعسكري
فلسطين المحتلة – المساء برس|
تتوالى المؤشرات الصادرة من داخل الكيان الصهيوني لتكشف عن أزمة بنيوية عميقة تعاني منها قيادة الاحتلال السياسية والعسكرية، بفعل فشل الحرب المستمرة على قطاع غزة.
وتكشف المعطيات المتداولة في الإعلام العبري أن المقاومة الفلسطينية لم تكتفِ بتكبيد العدو خسائر بشرية ومادية فادحة، بل نجحت كذلك في زعزعة وحدته الداخلية وتحويل حربه إلى عبء استراتيجي وأخلاقي على مؤسساته كافة.
صحيفة يديعوت أحرونوت نقلت عن ضابط احتياط وقائد سابق في سلاح الجو، أن الحرب في غزة ذات طابع سياسي بالكامل، هدفها الأساس بقاء بنيامين نتنياهو في السلطة. وذهب الضابط إلى وصف نتنياهو بـ”الكاذب وعديم القلب”، كاشفًا أن مئات من الجنود وقّعوا على عرائض تطالب بإنهاء الحرب فورًا، محذرين من أن استمرارها سيؤدي إلى “المزيد من الأمهات الثكالى” دون أي إنجاز فعلي.
هذا الاتهام لا يقف وحيدًا، فقد أضاف زعيم حزب الديمقراطيين يائير غولان أن الحرب “لن تخضع حماس”، داعيًا إلى القبول بصفقة تبادل ووقف الحرب والانسحاب من غزة.
وحذر من أن إصرار نتنياهو على الحرب يخدم مصالحه السياسية فقط من خلال إبقاء المجتمع الإسرائيلي في حالة خوف دائم، مكرّسًا مناخًا أمنيًا متوتّرًا لتحقيق أهدافه الشخصية.
أما على الصعيد الميداني، فقد كشفت إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي عن أرقام صادمة تؤكد أن فقط 60% من جنود الاحتياط يلتزمون بالخدمة في غزة حاليًا، في تناقض واضح مع البيانات الرسمية للجيش التي زعمت التزامًا بنسبة 85%.
يأتي هذا وسط حالة إنهاك حاد في صفوف الجنود النظاميين، حيث أفادت صحيفة هآرتس أن لواء غولاني فقد 114 من عناصره منذ بداية الحرب، وتعرض آلاف منهم لإصابات.
الانقسام تجاوز المؤسسة العسكرية ليصل إلى تخبط سياسي وأمني غير مسبوق، مع اتهامات متبادلة بين الأحزاب الإسرائيلية، وهجوم صريح من زعماء المعارضة ضد نتنياهو بسبب استغلال الحرب لدفن التحقيقات القضائية بحقه، وتوظيف أجهزة الأمن كأدوات خاصة لخدمة أجندته.
كل هذه المعطيات تشير بوضوح إلى أن المقاومة الفلسطينية، وخاصة في غزة، نجحت في تحقيق اختراق استراتيجي على الجبهة الداخلية الإسرائيلية، فبينما تستمر في مفاجأة الاحتلال بعمليات نوعية، وتكبّده الخسائر، كما في كمين بيت حانون الأخير، فإنها في ذات الوقت تفكك وحدته الداخلية وتربك قيادته.
الهجوم السياسي على نتنياهو، والتشكيك في أهداف الحرب، والإرهاق النفسي والبدني في صفوف الجنود، والضغط الشعبي المتزايد لوقف المعركة، كلها مؤشرات على أن المقاومة فرضت على الاحتلال معادلة جديدة، لا يمكنه الاستمرار في الحرب دون أن يدفع أثمانًا باهظة داخليًا.
وبحسب مراقبين، إذا ما واصلت المقاومة هذا النهج الثابت والمتصاعد، فإن الاحتلال سيكون مجبرًا على التراجع، ليس بفعل الصواريخ فقط، بل بفعل التآكل الذاتي والانهيار المعنوي والسياسي الذي يضربه من الداخل.