العالم يبحث عن بديل.. واشنطن تفقد زمام القيادة في النظام المالي العالمي

واشنطن – المساء برس|

وسط اضطراب اقتصادي عالمي غير مسبوق منذ قرن، تتجه أنظار كبار صناع القرار المالي والاقتصادي في العالم إلى العاصمة الأميركية واشنطن، التي تحوّلت من مركز ثقل اقتصادي إلى محور أزمة مقلقة، فوفق تقرير نشرته وكالة “بلومبرغ”، تعقد اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي هذا الأسبوع في أجواء مشحونة، تعكس التصدعات المتزايدة في النظام المالي العالمي الذي لطالما هيمنت عليه الولايات المتحدة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.

وبينما كانت واشنطن تاريخيًا تشكل القاطرة التي يقود العالم من خلفها نحو الاستقرار الاقتصادي، أصبحت اليوم تمثل واحدة من أعقد التحديات لهذا النظام. فسياسات الإدارة الأميركية، لا سيما في عهد الرئيس دونالد ترامب، أطاحت بأسس التعاون الاقتصادي المتعدد الأطراف، بعد أن استبدلت المعاهدات المشتركة باتفاقات ثنائية تخدم المصالح الأميركية فقط.

وصرّح جوش ليبسكي، المستشار السابق في صندوق النقد الدولي، أن العالم يشهد “أحد أكثر الاجتماعات دراماتيكية في التاريخ الحديث”، في ظل ما وصفه بـ”التحدي العميق للنظام القائم على القواعد، الذي أنشأته الولايات المتحدة نفسها”. ورغم محاولات واشنطن توجيه دفة الاجتماعات نحو التحشيد ضد الصين، إلا أن دولاً عديدة أصبحت تُفكر جديًا بكيفية الحفاظ على النظام المالي العالمي من دون الولايات المتحدة.

ويزداد القلق الدولي من الانهيار المحتمل للثقة بالدولار الأميركي، في وقت بدأ فيه الأثرياء الأميركيون أنفسهم بتحويل أموالهم إلى بنوك سويسرية، خوفًا من انهيار داخلي أو صدمات مالية مفاجئة، بحسب تقرير حديث لـNBC News.

التحولات في مكانة الدولار الأميركي باتت حديث الساعة في المؤسسات الاقتصادية العالمية. فقد نشرت صحيفة فايننشال تايمز تقريرًا بعنوان “هل يفقد العالم الثقة بالدولار الأميركي؟”، مشيرة إلى أن الضبابية السياسية والقرارات الاقتصادية الأحادية من واشنطن تدفع حلفاءها وخصومها على حد سواء إلى البحث عن بدائل أكثر استقرارًا، ما يعزز توجهًا عالميًا نحو فك الارتباط بالدولار كعملة احتياط مهيمنة.

وفي هذا السياق، يقول كارستن جونيوس، كبير الاقتصاديين في بنك “جيه سافرا ساراسين” في زيورخ: “الجميع قلقون على مصير النظام العالمي”، مضيفًا أن الدول باتت تسأل نفسها: كيف نحافظ على هذا النظام بدون استفزاز الولايات المتحدة؟

وتبدو اللحظة الحالية وكأنها بداية النهاية لعصر الهيمنة الاقتصادية الأميركية. التحولات الدولية لم تعد مجرد نقاشات نظرية، بل واقع تتجلى ملامحه في الأرقام والتحركات الدولية. الصين تملأ الفراغ بهدوء، من خلال بدائل للنظام المالي مثل مبادرة “اليوان الرقمي”، بينما أطراف أخرى مثل اليمن – رغم الحصار والحرب – باتت تثبت بالعمل الميداني أن النظام الأميركي ليس عصيًا على التحدي، لا في الاقتصاد ولا في السياسة ولا حتى في القوة العسكرية.

ووفق مراقبين، فإن واشنطن التي اعتادت أن تفرض قواعد اللعبة، أصبحت اليوم طرفًا محاصرًا في لعبتها الخاصة.

قد يعجبك ايضا