“كسر السيف” في بيت حانون.. القسام تجهِز على وحدة استخبارات إسرائيلية وتربك الاحتلال ميدانياً وسياسياً
غزة – المساء برس|
في تطور ميداني لافت يعكس تصاعد القدرات القتالية للمقاومة الفلسطينية، نفذت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، أمس السبت، كميناً مركباً نوعياً أطلقت عليه اسم “كسر السيف”، شرق بلدة بيت حانون شمال قطاع غزة، مُلحقةً خسائر كبيرة ومباشرة في صفوف جيش الاحتلال الإسرائيلي.
وأكدت كتائب القسام، في منشور لها اليوم على حسابها الرسمي في تليجرام، أن مقاتليها تمكنوا خلال الكمين من استهداف جيب عسكري من نوع “Storm” يتبع لما تسمى كتيبة جمع المعلومات القتالية في فرقة غزة، بقذيفة مضادة للدروع، ما أدى إلى إصابات محققة ومباشرة في طاقم المركبة.
ولم تتوقف العملية عند هذا الحد، إذ فور وصول قوة إسناد إسرائيلية لإنقاذ الوحدة المستهدفة، فاجأها المجاهدون بعبوة “تلفزيونية 3” مضادة للأفراد، ما أدى إلى وقوع عدد من أفراد القوة بين قتيل وجريح. وضمن مرحلة ثالثة من الكمين، استُهدف موقع مستحدث لقوات الاحتلال في المنطقة بأربع قذائف RPG، وأُغرق بقصف من قذائف الهاون.
هذا الكمين الذي أتى في قلب منطقة عمليات الاحتلال، يعكس مستوى عالياً من الجاهزية الاستخباراتية والميدانية للمقاومة، ويُظهر امتلاكها زمام المبادرة وقدرتها على التخطيط والتنفيذ بدقة رغم التفوق الجوي والتقني الإسرائيلي.
يتقاطع هذا التطور العسكري النوعي مع تصعيد سياسي حاد تقوده المقاومة في ملف الأسرى، حيث نشرت كتائب القسام مقطع فيديو لأسير إسرائيلي يحمل الجنسية الأمريكية يناشد الرئيس السابق دونالد ترامب التدخل لإنقاذه، ما فهم كرسالة موجهة إلى واشنطن وتل أبيب على حد سواء، في توقيت سياسي حساس.
الناطق العسكري باسم القسام، أبو عبيدة، كشف في ظهوره الأخير أن جثة أحد المقاومين الذين كانوا يحرسون الأسير الأميركي السابق عيدان ألكسندر قد انتُشلت بعد استهداف المجموعة التي كانت تؤمن موقع الاحتجاز، بينما لا يزال مصير الأسير مجهولاً، في ظل اتهامات متزايدة لحكومة نتنياهو بمحاولة التخلص من “عبء” الأسرى مزدوجي الجنسية.
رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو رفض عرضاً جديداً من حركة حماس تضمن وقفاً شاملاً للحرب مقابل الإفراج عن الأسرى من الطرفين وانسحاب الاحتلال من القطاع، وهو المقترح الذي جاء متماشياً مع مبادرة مبعوث الرئيس الأميركي لشؤون الرهائن، آدم بولر.
في المقابل، تتصاعد الاحتجاجات داخل “تل أبيب”، حيث أغلق متظاهرون من عائلات الأسرى شوارع رئيسية، واندلعت مواجهات مع الشرطة، وسط توقيع أكثر من 140 ألف شخص – معظمهم من ضباط وجنود وأطباء عسكريين – على عريضة تطالب بوقف الحرب فوراً، رغم تهديدات المؤسسة العسكرية باتخاذ إجراءات تأديبية ضدهم.
ومن الواضح أن المقاومة لم تعد فقط في موقع الدفاع، بل باتت تفرض معادلة استنزاف متواصلة ترهق الاحتلال على الأرض وتحدث شقوقاً متزايدة في جبهته الداخلية. فكمائن مثل “كسر السيف” تتجاوز النجاحات العملياتية، لتحمل رسائل استراتيجية بأن الحسم الميداني مستحيل، وأن المقاومة باتت تتحرك على قاعدة “اضرب بذكاء، ووجّه الرسائل بدقة”.
وفي وقت تسعى فيه “إسرائيل” للهروب إلى الأمام عبر تصعيد عسكري إضافي، تبدو المقاومة – سياسياً وميدانياً – أكثر تماسكاً من أي وقت مضى، مستفيدة من تآكل الثقة داخل “إسرائيل”، واحتدام الأزمة بين الحكومة وعائلات الجنود الأسرى.