تكتيكات المقاومة تربك حسابات الاحتلال.. حماس تحوّل “دونيتها” إلى سلاح فتّاك وتفرض معادلة استنزاف في غزة
غزة – المساء برس|
في ضربة جديدة تظهر قدرة المقاومة الفلسطينية على الاستمرار في المواجهة رغم كل محاولات الاحتلال للقضاء عليها، قتل جندي إسرائيلي وأُصيب خمسة آخرون بجروح خطيرة يوم أمس السبت شمالي قطاع غزة، في حادثة وصفتها صحيفة “معاريف” الإسرائيلية بـ”الصعبة”، مؤكدةً أنها كشفت مجدداً عن العقيدة القتالية المتطورة لحركة حماس.
التحليل الإسرائيلي لهذه الحادثة لم يخفِ القلق، بل حمل في طيّاته اعترافاً صريحاً بفشل الجيش في مواجهة نمط القتال الذي فرضته المقاومة على الأرض، حيث أوضح مراسل الشؤون العسكرية في “معاريف”، آفي أشكنازي، أن حماس طورت “تكتيكاً قاتلاً” يعتمد على زرع العبوات، استهداف الآليات، والتحرك عبر شبكة الأنفاق المعقدة.
ويبدو أن حماس، رغم ما تعرضت له من ضربات خلال العدوان المستمر، ما تزال قادرة على المبادرة، والتحكم بوتيرة المعركة، مستفيدة من معرفتها الدقيقة بتضاريس غزة، وبمرونة ميدانية تسمح لها بضرب العدو ثم الانسحاب سريعاً، في تكتيك يشبه “اضرب واهرب”، ما يحرم الجيش الإسرائيلي من القدرة على الحسم أو الرد الفوري.
وأشار أشكنازي إلى أن “دونية” حماس العسكرية تحولت إلى ميزة تكتيكية، فهي لا تدخل في معارك مواجهة مباشرة، بل تباغت الجيش في أماكن ضعفه وتستنزف قدراته من خلال العمليات الخاطفة والتفخيخات والاشتباك من مسافات بعيدة. وأضاف أن المقاومين يتتبعون تحركات الجنود بدقة، ويختارون التوقيت المثالي للهجوم، أحياناً حتى مع توثيق الإصابات، ما يوجّه ضربة مزدوجة على المستويين العسكري والنفسي.
هذا الواقع الميداني جعل من استمرار العمليات البرية الإسرائيلية أمراً محفوفاً بالمخاطر، وهو ما أشارت إليه “معاريف”، حيث وصفت العملية داخل قطاع غزة بأنها “مسار هش”، مشيرة إلى أن طول أمد الحرب يعقّد العمليات ويعرض الجنود لخسائر مستمرة، تضع المؤسسة الأمنية الإسرائيلية في مأزق حقيقي.
التحذير الأبرز في التقرير الإسرائيلي تمثل في الإشارة إلى أن تصاعد الإصابات في صفوف الجيش قد يؤدي إلى ضغط داخلي متزايد على الحكومة الإسرائيلية، وشكوك في جدوى العمليات، أو قد يدفع القيادة إلى التعجل بقرارات ميدانية غير محسوبة، مثل شن هجوم واسع دون استكمال شروط النجاح أو تحقيق الأهداف الاستراتيجية، وعلى رأسها قضية الجنود الأسرى لدى المقاومة.
ما بين الأنفاق، والعبوات، ونيران القنص والاستهداف الدقيق، يبدو أن المقاومة الفلسطينية لا تزال تملك زمام المبادرة في كثير من نقاط الاشتباك، وتحسن إدارة المعركة ضمن منطق “الاستنزاف طويل الأمد”، وهو النمط الذي يخشاه جيش الاحتلال الإسرائيلي، والذي سبق أن أجبره على الانسحاب في حروب سابقة دون تحقيق انتصار حاسم.