صراع الاحتلال في حضرموت.. السعودية والإمارات تسعيان لتقسيم اليمن إلى كنتونات نفوذ دائم

حضرموت – المساء برس|

تتفاقم حالة التوتر والصراع بين السعودية والإمارات في محافظة حضرموت شرقي اليمن، في مؤشر واضح على تصاعد الصراع الإقليمي بين الحليفين الخليجيين اللذين تحوّلا إلى خصمين على الأرض اليمنية، رغم ما يظهر من تنسيق شكلي ضمن التحالف العربي.

ففي مشهد يعكس احتدام هذا الصراع، توعّد قائد الفصائل المدعومة إماراتيًا في معسكر “بارشيد” غرب مدينة المكلا، عبد الدائم الشعيبي الضالعي، “حلف قبائل حضرموت” الذي يتزعمه عمرو بن حبريش العليي، الموالي للرياض، بـ”النار”، على خلفية إعلان الحكم الذاتي في حضرموت برعاية سعودية.

وقال الضالعي في تصريحات علنية، إنهم على استعداد كامل لمواجهة هذا الحلف، متوعدًا بـ”الردع والمواجهة مهما كان الثمن”، ومؤكدًا أن قواته ستكون لهم “بالمرصاد”.

تنازع على الكعكة النفطية

محافظة حضرموت، التي تعد من أهم المناطق اليمنية من حيث الثروة النفطية والموقع الاستراتيجي، باتت اليوم مسرحًا لصراع النفوذ بين الرياض وأبو ظبي. فالإمارات، التي تهيمن على الشريط الساحلي في جنوب اليمن، تنظر بقلق إلى المساعي السعودية لفرض سيطرتها على الهضبة النفطية الشرقية، عبر واجهات محلية قبلية وسياسية كحلف قبائل حضرموت.

ويشير إعلان الحكم الذاتي، المدعوم سعوديًا، إلى محاولة واضحة لفرض واقع إداري جديد على الأرض يقصي النفوذ الإماراتي المتغلغل عبر قوات “النخبة الحضرمية” والفصائل التابعة لما يعرف بـ”المجلس الانتقالي الجنوبي”، ذراع أبو ظبي في اليمن.

كنتونات نفوذ.. مشروع التقسيم الناعم

التصعيد الأخير في حضرموت ليس سوى حلقة جديدة في مسلسل طويل من التجاذبات التي تؤكد أن كلّا من السعودية والإمارات تعملان وفق أجندة منفصلة تهدف إلى تقسيم اليمن إلى “كنتونات نفوذ”، تخدم مصالحهما الاقتصادية والأمنية بعيدًا عن الهدف المزعوم المعلن لتحالفهما العسكري: “استعادة الشرعية”.

ففي الوقت الذي تدعم فيه الرياض قوى محلية مناوئة للانتقالي، مثل حلف قبائل حضرموت في الشرق، تواصل أبو ظبي تمكين نفوذها في الجنوب الغربي والجنوب الشرقي، مستفيدة من بنية الفصائل العسكرية التابعة لها، ومن خطاب سياسي انفصالي يحاكي تطلعات بعض القوى المحلية.

ويرى مراقبون أن تكرار نموذج الحكم الذاتي، كما حصل في سقطرى، وامتداده إلى حضرموت، يهدد بترسيخ تقسيم فعلي لليمن، لا على أساس فيدرالي مشروع، بل على أساس مربعات نفوذ متصارعة تتوزعها قوى خارجية، في وقت يعيش فيه اليمنيون أسوأ أزمة إنسانية في العالم.

كما يخشى من أن يقود هذا التصعيد، خاصةً في مناطق حساسة مثل حضرموت، إلى انفجار عسكري داخلي جديد، يكون وقوده الفصائل المحلية المدعومة خارجيًا، ما يعمّق النزيف اليمني لصالح خدمة لمصالح وكلاء الأطراف المتصارعة.

وفي ظل غياب الدولة المركزية، وتهاوي الشرعية، تتصارع السعودية والإمارات على ما تبقى من اليمن. ومع كل إعلان حكم ذاتي أو إنشاء فصيل موالٍ لهذا الطرف أو ذاك، تزداد خارطة اليمن تمزقًا، فما يجري في حضرموت اليوم يتجاوز توصيفه بالخلاف بين قادة محليين، بل هو، في حقيقته، ترجمة ميدانية لصراع إقليمي على الجغرافيا والثروة والنفوذ في المناطق المحتلة.

 

قد يعجبك ايضا