احتياط الاحتلال ينهار.. تصدّعات خطيرة في العمود الفقري لـ”جيش” العدو

فلسطين المحتلة – المساء برس|

في الوقت الذي يمعن فيه قادة الاحتلال في التوغل الدموي ضد المدنيين في غزة، تكشف الصحافة العبرية عن أزمة داخلية عميقة تضرب قلب التشكيل العسكري الصهيوني، وتحديداً في صفوف قوات الاحتياط التي لطالما اعتبرت “العمود الفقري” لـ”جيش الاحتلال”.

وتناولت وسائل إعلام عبرية، وعلى رأسها “القناة 12”، الأزمة المتفاقمة التي يمر بها تشكيل الاحتياط في “جيش الاحتلال” الإسرائيلي، وسط ما وصفه المراسل العسكري نيتسان شابير بـ”الانهيار العملي والنفسي” في صفوف الجنود المنتشرين في غزة.

وبحسب التقرير، فإن جنود الاحتياط “يسقطون تحت العبء العملياتي”، وأن من بقي منهم “ينهارون ويبحثون عن المساعدة عبر الإنترنت”. شابير أشار إلى أن نسبة الاستجابة للاستدعاءات شهدت تراجعاً كبيراً، وصل إلى أكثر من 40% منذ اندلاع الحرب في غزة حتى شهر فبراير الماضي، وهو ما وصفه بـ”الظاهرة المقلقة” التي تنذر بأزمة أكبر في حال اندلاع مواجهة شاملة جديدة.

وأضاف التقرير أن ما تبقى من عناصر الاحتياط يواجه ضغوطاً متزايدة، حيث يتم استدعاؤهم مراراً لترك حياتهم المدنية والالتحاق بجبهات القتال، دون وجود خطة واضحة للتخفيف عنهم أو تعويضهم بشكل فعلي. ونقل المراسل عن قادة ميدانيين تحذيرهم من أنه “إذا لم يحدث تغيير حقيقي، فلن يكون هناك من يقاتل في الحرب القادمة”.

وفي ظل النقص الفادح، اضطر “جيش الاحتلال” إلى اللجوء لأساليب غير تقليدية، من بينها تجنيد الجنود عبر شبكات التواصل الاجتماعي، بل وحتّى إعادة أفراد سبق أن حصلوا على إعفاءات، دون أن تحقق هذه الخطوات أي نتائج حقيقية. كما ظهرت مشكلات تتعلق بعدم تماسك الفرق القتالية، ووجود جنود غير مندمجين يعودون للخدمة بعد فترات انقطاع طويلة.

أحد قادة الاحتياط، عوز عاموس، أشار إلى أن نسبة الحضور انخفضت من 100–300% في بداية الحرب إلى 50–70% فقط حالياً، محذراً من أن “الوضع ينذر بانهيار محتمل”. كما كشف عن أن عدداً من جنود الاحتياط فقدوا وظائفهم بسبب طول مدة الخدمة، ما زاد من شعورهم بالخذلان والغضب.

وفي مشهد يعكس عمق الأزمة، نشر مئات الجنود والضباط السابقين في وحدات النخبة مثل 8200 وسلاح المدرعات، عرائض تطالب بوقف الحرب، بالتزامن مع بيانات مشابهة من آلاف الأطباء والمعلمين والأكاديميين الذين عبّروا عن رفضهم لاستمرار الحرب وضرورة إعادة الأسرى فوراً.

واختتم القادة الميدانيون تحذيراتهم بالقول: “نحن بحاجة إلى مزيد من الأكتاف لتحمّل العبء، لا يمكننا الاستمرار بهذه الطريقة”، واصفين ما يجري بأنه “إشارة تحذير يجب ألا يتجاهلها صنّاع القرار”، ومؤكدين أنّ تشكيل الاحتياط، الذي مثّل لفترة طويلة العمود الفقري لـ”جيش الاحتلال”، ينهار تدريجياً تحت وطأة الإخفاقات.

ما ورد في التقرير العبري يعكس حالة انهيار متسارعة في البنية العسكرية والاجتماعية للكيان الصهيوني، خصوصاً في الشريحة التي طالما اعتبرت الدعامة الأساسية في أوقات الطوارئ، وهي قوات الاحتياط.
هذا الانهيار لا يمكن فصله عن مجموعة من الحقائق، على رأسها أن الاحتلال يخوض حرباً بلا أفق، وجنوده باتوا يعانون نفسياً، ما يؤكد أن عقيدة “الردع” الإسرائيلية فقدت فعاليتها أمام حرب الاستنزاف التي تخوضها المقاومة، لم يعد هناك “معنى وطني” يمكنه إقناع جندي بالذهاب للقتال في ظل غياب الرؤية والانتصار.

وفي ظل تصاعد الاستقالات والاحتجاجات، فإن حكومة الاحتلال تواصل خوض الحرب دون دعم شعبي أو عسكري حقيقي، وهو ما يفتح الباب على مصراعيه لانفجار داخلي قد يبدأ من المؤسسة الأمنية ذاتها.

كما أن عرائض الرفض من نخبة الجيش، والأطباء، والمثقفين، تشير إلى تصاعد غير مسبوق في الرفض الشعبي، ما يكشف بأن الاحتلال لم يعد قادراً على ضبط إيقاع الداخل، وهو ما يفقده القدرة على المناورة في الخارج، وهو ما دفعه لتوسل جنوده للعودة عبر الإنترنت وإعادة المعفيين للخدمة.

ووفق مراقبين، فإن الاحتياط عندما ينهار، تنهار معه القدرة على الصمود في مواجهة طويلة الأمد، وهذا يضع حكومة الاحتلال في زاوية ضيقة، لن تنجو منها إلا بالانسحاب أو الانفجار من الداخل.

قد يعجبك ايضا