“أبو الهول” اليمني سيُباع في “إسرائيل”.. جرح جديد في جسد آثار اليمن المنهوبة!

خاص – المساء برس| تقرير: يحيى محمد الشرفي|

في حادثة تعكس مدى ما وصلت إليه عمليات نهب وتهريب آثار اليمن، فجّرت الأوساط الثقافية والتاريخية العربية موجة من الغضب بعد الكشف عن عرض تمثال يمني أثري للبيع في مزاد إسرائيلي مقرر عقده في يافا يوم الأربعاء الموافق 16 أبريل 2025، وسط صمت دولي وتراشق بالاتهامات بين الأطراف اليمنية المتصارعة.

تمثال أبوالهول اليمني في المزاد!

الخبير في علم الآثار والمهتم بتتبع الآثار اليمنية المهربة، عبد الله محسن، كشف في منشور على صفحته على “فيسبوك” عن هذه الواقعة المؤلمة، موضحًا أن التمثال المعروض هو تمثال أبوالهول البرونزي الصغير، ويعود إلى حضارات اليمن القديم.

وأشار محسن إلى أن التمثال ينتمي إلى مجموعة الآثار الخاصة بـشلومو موساييف (1925-2015)، وهو جامع آثار يهودي من بخارى، عاش في بريطانيا وجمع خلال حياته أكثر من 60 ألف قطعة أثرية، من بينها روائع من آثار اليمن، مما يسلط الضوء على حجم النهب المنظم الذي تعرّض له التراث اليمني خلال العقود الماضية.

واقع مؤلم.. من يبيع آثار اليمن؟

تشير المعطيات إلى أن تهريب الآثار اليمنية لم يتوقف، بل تفاقم في ظل الانفلات الأمني والانقسامات السياسية. وتوجَّه أصابع الاتهام إلى العديد من الجهات المتورطة في عمليات التهريب والسمسرة، بما فيها أطراف داخل حكومة التحالف السعودي الإماراتي، التي يُقال إنها سهلت تهريب القطع الأثرية عبر سماسرة إلى جهات أجنبية.

من جهة أخرى، يتهم إعلام صنعاء تلك الحكومة بالتورط في صفقات غير مشروعة خلال فترات سيطرتها على بعض المواقع الأثرية، بينما تتهم الحكومة الموالية للتحالف جماعة “أنصار الله” بأنها لم تحمِ المواقع الأثرية بعد دخولها صنعاء في 2014.

قصة مخطوطة التوراة المهربة

واحدة من أكثر القصص إثارة كانت ظهور زعيم طائفة يهود اليمن في تل أبيب إلى جانب رئيس وزراء الاحتلال حينها بنيامين نتنياهو، حيث استعرض أمام الإعلام ما قال إنها أقدم نسخة أصلية من التوراة، تم تهريبها من اليمن خلال سنوات الحرب، ما أثار تساؤلات كبيرة حول مصير بقية المخطوطات والمكتبات اليهودية القديمة في اليمن، والتي تعتبر جزءًا من تاريخ البلاد وتراثها المتعدد الثقافات.

صالح والآثار المسروقة

في 2017، وبعد مقتل الرئيس السابق علي عبدالله صالح، كشفت القوات الأمنية التي سيطرت على منازل صالح وأقاربه وجود مئات القطع الأثرية، في دليل جديد على أن آلاف القطع الأثرية اليمنية كان يتم المتاجرة بها سرًا من قبل صالح ومقربيه، مما كشف جانبًا آخر من الفساد المرتبط بتهريب الآثار في عهده. وهذه القطع يُعتقد أنها بيعت مقابل ملايين الدولارات.

التهريب مستمر.. والفوضى الغطاء!

في ظل غياب الدولة والانقسامات بين حكومة صنعاء والحكومة الموالية للتحالف، تستمر عمليات التهريب، خصوصًا في مناطق الجنوب والشرق، حيث يُتهم بعض المسؤولين بدعم سماسرة الآثار وبيعها لتجّار يهود، وبعضهم صهاينة، مما يزيد من الحساسية السياسية والدينية المحيطة بالموضوع.

الخلفية السياسية للتهريب

يأتي هذا كله في ظل التوتر الإقليمي المتزايد، بعد إعلان حكومة صنعاء الحرب على إسرائيل وفرضها حصارًا على الملاحة في البحر الأحمر، كرد فعل على العدوان الإسرائيلي على غزة منذ 7 أكتوبر 2023. بينما اصطفّت حكومة التحالف السعودي الإماراتي في صف الاحتلال، ووصفت تحركات صنعاء وهجماتها ضد السفن الإسرائيلية والسفن الحربية الأمريكية بأنها “إرهابية” وقطعها للملاحة الإسرائيلة بأنه تهديد للملاحة الدولية، وتُنسّق حكومة التحالف السعودي حاليًا مع أمريكا لشن حرب برية محتملة في الحديدة، تحت ذريعة حماية الملاحة الدولية، وسط تساؤلات واسعة عن علاقة حكومة التحالف السعودي مع الاحتلال الإسرائيلي التي تجاوزت مسألة تهريب آثار اليمن إلى التحالف مع الكيان الصهيوني ضد غزة وضد من يساند غزة.

دعوات للمحاسبة واستعادة التراث

وسط هذه الفوضى، يطالب ناشطون ومثقفون يمنيون ودوليون بفتح تحقيقات دولية واسترجاع الآثار اليمنية المنهوبة، وتوثيقها رقميًا، وإنشاء سجل وطني يوثق تاريخ كل قطعة… فتراث اليمن هو تراث إنساني، والسكوت عن نهبه هو خيانة للهوية والتاريخ.

قد يعجبك ايضا