استعراض عسكري أم استنزاف أمريكي؟ واشنطن تدفع بطائرات A-10 لمواجهة التصعيد اليمني

خاص – المساء برس| تقرير: يحيى محمد الشرفي|

نشرت القيادة المركزية الأمريكية صورة لطائرات A-10 Thunderbolt IIs أثناء تحليقها في منطقة مسؤوليتها، والتي يدخل في نطاقها منطقة اليمن والبحر الأحمر والبحر العربي وباب المندب، في استعراض عسكري جديد يعكس تصعيداً أمريكياً متزايداً في المنطقة، وسط استمرار العجز العسكري الأمريكي عن تحييد القدرات العسكرية اليمنية.

ويبدو أن هذه الطائرات تأتي ضمن التعزيزات التي أرسلتها واشنطن خلال الأيام القليلة الماضية، بعد فشل الهجمات العسكرية التي بدأها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منذ 15 مارس الماضي في إضعاف القدرات العسكرية اليمنية أو إجبار صنعاء على التراجع عن دعم غزة ورفع الحظر المفروض على السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر.

ويأتي هذا الاستعراض العسكري في وقت تكثّف فيه الولايات المتحدة عدوانها على اليمن، عبر توسيع نطاق القصف ليشمل منشآت مدنية وتجارية، واستهداف المدنيين بشكل مباشر في محاولة للضغط على صنعاء لوقف هجماتها على حاملة الطائرات هاري ترومان والسفن الحربية المرافقة لها، إضافة إلى إنهاء الحظر الذي تفرضه قوات صنعاء على الملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر.

كما يأتي هذا الاستعراض الأمريكي في الوقت الذي تتصاعد فيه العمليات اليمنية التي تستهدف حاملة الطائرات الأمريكية هري ترومان والقطع البحرية المرافقة لها باستمرار ولعدة ساعات طويلة واحيانا تخوض صنعاء عمليات اشتباك مباشر مع هاري ترومان والسفن الحربية المرافقة أكثر من مرة في اليوم الواحد.

هذا التصعيد يعكس مدى ارتباك واشنطن أمام فشلها في تحقيق أهدافها، رغم الحملة العسكرية الواسعة التي تشنها إدارة ترمب منذ ١٥ مارس الماضي.

لكن السؤال الذي يبرز هو: لماذا تستعين الولايات المتحدة بطائرات A10 رغم ضعفها، من ناحية القدرة على المناورة في الجو، وضعفها من ناحية السرعة، والإجابة تكمن في أن هذه الطائرات متخصصة في تقديم الدعم الجوي للقوات البرية حيث أن دعمها الجوي يكون قريباً من سطح الأرض.

ولأن من غير المرجح -على الأقل حتى الآن – أن تدفع واشنطن بقوات برية أمريكية إلى اليمن للانخراط في حرب برية مباشرة مع القوات المسلحة اليمنية، فإن، التوقعات تشير إلى أن هذه الطائرات سيتم استخدامها كبديل عن طائرات إف ١٦ وإف ١٨ التابعتان للأسطول الجوي للبحرية الأمريكية والتي تنتشر عدد منها على متن حاملة الطائرات الأمريكية هاري ترومان شمال البحر الأحمر، والتي تقوم بمهام التصدي للطائرات المسيرة اليمنية والصواريخ المجنحة التي تضرب بها صنعاء تقريباً كل يوم حاملة الطائرات ترومان وسفنها المرافقة، ومهام التصدي للهجمات اليمنية باستخدام إف ١٦ و١٨ مكلفة للغاية وقد أرهقت خزينة البنتاغون مالياً واستنزفت مخازنه تسليحياً بسبب طبيعة وأنواع الصواريخ التي تستهلكها البحرية الأمريكية وأسطولها الجوي لصد وتدمير الأسلحة اليمنية المهاجمة قبل وصولها الى أهدافها بثوانٍ.

وبحسب المعلومات مفتوحة المصدر، فإن الطائرات الأمريكية من فئة A10 من مميزاتها أنها مخصصة لقتال سلاح المدرعات للخصم فهي تحتوي على مدفع رشاش GAU-8 Avenger عيار ٣٠ ملم، إضافة إلى إمكانية تحميلها صواريخ وقنابل موجهة ثقيلة، لكنها لا تستطيع الارتفاع عالياً في الأجواء ولهذا فإن إمكانية إسقاطها بالدفاعات الجوية اليمنية التي تفتح بطائرات MQ-9 ممكنة لو كانت هذه الدفاعات قوية بما يسمح بتدمير تدريعها الذي يميزها، ومع ذلك تبقى إمكانية إسقاطها بالدفاعات اليمنية ممكنة، وبالتالي فإن الاحتمال الأقرب لسبب إعادة القوات الأمريكية لهذه الطائرات رغم قدمها واستدعائها لمنطقة القيادة المركزية الأمريكية هو استخدامها لمواجهة الطائرات المسيرة اليمنية والصواريخ المجنحة في البحر لأنها حينذاك ستكون أقل تكلفة من الطريقة التي تتبعها الآن البحرية الأمريكية، ولأن هيكلها متين فإن إصابتها بشكل متوسط لن يؤثر عليها فتدريعها يسمح لها باستمرار الطيران والمهاجمة، وبالتالي فإن تحييدها سيتطلب استهدافها بصاروخين دفاعيين من تلك التي تصيب بها القوات اليمنية طائرات إم كيو٩ المسيرة.

كما أن طائرات A10 هي طائرات مأهولة وليست بدون طيار، ولا تتسع الا لطيار واحد فقط، ومع خطورة استخدامها داخل اليمن فإن أي مجازفة قد تؤدي إلى خسارة الطيار لحياته أو وقوعه في الأسر.
ومع تطور الدفاعات الجوية وأنظمة الحرب الإلكترونية، أصبح استخدامها محفوفًا بالمخاطر في بيئات معادية متطورة، كالبيئة اليمنية وبالتالي فإن أفضل بيئة لها هي العمل على حماية السفن الحربية الأمريكية في البحر من الهجمات اليمنية، بتكلفة أقل من تلك التي تتطلبها المقاتلات الحديثة من نوعي إف ١٦ و١٨.

وخلال الحرب الأمريكية على العراق استطاعت المقاومة العراقية والجيش النظامي من إسقاط عدد من هذه الطائرات باستخدام صواريخ ستينجر (أرض – جو).

قد يعجبك ايضا