فورين بوليسي: واشنطن عاجزة عن ردع صنعاء التي يزداد نفوذها بالمنطقة
خاص – المساء برس| تقرير: يحيى محمد الشرفي|
مع استمرار التصعيد العسكري في المنطقة، تجد الولايات المتحدة نفسها غير قادرة على وقف عمليات صنعاء البحرية والهجومية، رغم شنها ضربات جوية متكررة. وفي هذا السياق، نشرت مجلة فورين بوليسي تقريرًا تحت عنوان “الغارات الجوية الأميركية وحدها لا تكفي لإزالة التهديد الحوثي”، أكدت فيه أن واشنطن فشلت في تحقيق أي نتيجة حاسمة ضد قوات صنعاء، التي تواصل استهداف السفن الإسرائيلية والغربية في البحر الأحمر وخليج عدن.
صنعاء في قلب التوازنات الدولية
وفقًا للتقرير، فإن قوات صنعاء أصبحت أكثر تعقيدًا من مجرد فصيل مدعوم إيرانيًا، حيث باتت تنسج علاقات مع روسيا والصين، مما يزيد من تعقيد المعادلة الإقليمية. وأشار التقرير إلى أن واشنطن وإسرائيل تواجهان تحديًا استراتيجيًا في احتواء نفوذ صنعاء، خاصة أن الأخيرة نجحت في تعزيز موقعها الجيوسياسي، مستغلة ضعف اللاعبين الإقليميين مثل السعودية والإمارات وانشغال إسرائيل بحربها ضد غزة.
تصعيد عسكري رغم الهجمات الأميركية
وأكد التقرير أن الولايات المتحدة كثفت غاراتها الجوية ضد صنعاء، بعد إعلان الأخيرة استهداف حاملة الطائرات الأميركية هاري إس. ترومان بطائرات مسيرة وصواريخ. ومع ذلك، لم تتمكن هذه الضربات من إضعاف قدرات صنعاء العسكرية أو ردع هجماتها البحرية، حيث تستمر في فرض حصارها البحري على السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر، وتوسيع نطاق عملياتها باتجاه المحيط الهندي.
وأشار التقرير إلى أن قوات صنعاء أطلقت أكثر من 200 صاروخ و170 طائرة مسيرة على إسرائيل منذ بدء الحرب على غزة، ما جعلها أحد أبرز الفاعلين العسكريين في المنطقة. كما أدى استهدافها المتكرر للسفن التجارية إلى تعطيل جزء كبير من حركة التجارة العالمية، خاصة في مضيق باب المندب، الذي يمر عبره 30% من شحنات الحاويات في العالم.
توجه نحو موسكو وبكين.. وتحالفات جديدة
وزعم تقرير المجلة الأمريكية أن صنعاء تسعى لتعزيز تعاونها العسكري والدبلوماسي مع روسيا والصين، وأن صنعاء أبلغت قادة البلدين في مارس 2024 بأن سفنهم ستمر بأمان عبر خليج عدن والبحر الأحمر، مقابل دعم سياسي ودبلوماسي في مجلس الأمن الدولي، لكن هذه الرواية مشكوك في صحتها وهي رواية أطلقها وروج لها البنتاغون منذ العام ٢٠٢٤ لتبرير فشل بايدن في هزيمة صنعاء بمعركة البحر الأحمر، بدليل أن هناك سفنا صينية وروسية خالفت قرارات صنعاء بحظر الملاحة الى كيان الاحتلال الإسرائيلي وتم استهدافها ومنعها من العبور في البحر الأحمر في ٢٠٢٤.
رهان سعودي إسرائيلي على التطبيع في مهب الريح
بحسب فورين بوليسي، فإن العلاقات المتنامية بين صنعاء وروسيا قد تؤدي إلى تعقيد الحسابات الإقليمية، خاصة فيما يتعلق بمساعي التطبيع بين السعودية وإسرائيل. وأوضح التقرير أن الرياض تسعى للحفاظ على علاقات متوازنة مع روسيا، لكنها قد تواجه صعوبة في ذلك إذا قررت موسكو دعم صنعاء بشكل أكثر وضوحًا.
وأضاف أن استهداف قوات صنعاء للمصالح السعودية أو الإسرائيلية قد يشكل عقبة إضافية أمام أي اتفاق تطبيع مستقبلي، خاصة في ظل تصاعد التوترات في المنطقة، واستمرار استهداف السفن المرتبطة بتل أبيب في المحيط الهندي.
مأزق واشنطن.. هل يمكن احتواء صنعاء؟
وخلص التقرير إلى أن واشنطن لا تزال عاجزة عن تقديم استراتيجية فعالة للتعامل مع صنعاء، رغم تصعيد حملتها العسكرية والاقتصادية. وأوضح أن الولايات المتحدة، التي تحاول الضغط على إيران وروسيا لكبح دعمها لصنعاء، تجد نفسها في موقف متناقض، حيث تعتمد على موسكو في التفاوض مع طهران، بينما تسعى لمواجهتها في أوكرانيا واليمن في آنٍ واحد.
وأشار إلى أن الحلول العسكرية والاقتصادية قد تساهم في الحد من قدرات صنعاء، لكنها لن تكون كافية لإنهاء نفوذها المتزايد، خاصة أن القوة الجوية وحدها لم تفلح في إسقاطها منذ عام 2015. كما توقع التقرير أن تظل صنعاء تتحكم في مسار الأحداث الإقليمية، طالما أنها قادرة على قطع الملاحة على أعدائها في البحر الأحمر حتى البحر العربي، واستغلال التناقضات بين القوى الدولية لصالحها.