القرآن جهادٌ وإيمان

ق. حسين المهدي – وما يسطرون – المساء برس|

لقد أنزل الله القرآن الكريم في شهر رمضان ليؤسس شريعة حكيمة يساندها العقل، ويؤيدها العلم، فالذين لا يستضيئون بنوره لا يبصرون، والذين لا يفكرون في العمل بأحكامه لا يهتدون، والذين لا يرغبون في تطبيق أحكامه لا يعقلون (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّـهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ).

إن إعراض بعض المسلمين عن آيات القرآن ينذر بهلاكهم (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ القرآن أم عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها) فرب قارئ للقرآن معطل لأحكامه، غير آبه بحلاله وحرامه، وقد ضرب الله مثلاً للناس في القرآن بمن أوتي آيات الله فانسلخ منها (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ فَكانَ مِنَ الْغاوِينَ).

لقد أنزل الله القرآن ليدّبروا آياته، ويعملوا بأحكامه، (كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ).

فهو نور الله الذي لا تطفئه أفواه الجاحدين، ولا تطمسه شبهات الضالين (إِنَّ هذَا القرآن يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا) فهو حبل الله المتين الذي أمر الاعتصام به، والشفاء النافع، والدواء الناجع، فقد جاء في الحديث: “إِنَّ هَذَا القرآن مَأْدُبَةُ اللَّهِ، فاقبلوا مَأْدُبَتِهِ مَا اسْتَطَعْتُمْ، إِنَّ هَذَا القرآن حَبْلُ اللَّهِ، وَالنُّورُ الْمُبِينُ، وَالشِّفَاءُ النَّافِعُ، عِصْمَةٌ لِمَنْ تَمَسَّكَ بِهِ، وَنَجَاةٌ لِمَنِ اتَّبَعَهُ، لَا يَزِيغُ فَيَسْتَعْتِبَ، وَلَا يَعْوَجُّ فَيُقَوَّمَ، وَلَا تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ، وَلَا يَخْلَقُ من كَثْرَةِ الرَّدِّ، فَاتْلُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْجُرُكُمْ عَلَى تِلَاوَتِهِ بِكُلِّ حَرْفٍ عَشْرَ حَسَنَاتٍ، أَمَا إِنِّي لَا أَقُولُ {ألم}، وَلَكِنْ بِأَلِفٍ وَلَامٍ وَمِيمٍ”.

ونحن في شهر الصيام الذي غالبًا ما تسمو فيه أرواح الصائمين لتعمل بطاعة الله على نور من كتابه، الذي أنزله الله في ليلة مباركة فيها يفرق كُـلّ أمر حكيم، كما يقول سبحانه: (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ) في ليلة هي خير من ألف شهر كما يقول سبحانه: (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ، وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ، لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ ألف شَهْرٍ)، من قامها إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه.

الصائمون في رمضان في ليلة التقدير والتدبير والفضل الكبير، ليلة نزول القرآن على محمد -صلى الله عليه وآله وسلم- يلتمسونها في العشر الأواخر من رمضان كما جاء في الحديث النبوي، وينبغي أن يكثروا فيها من الدعاء، وأن يشعروا بما نزل على إخوانهم من القهر والظلم في فلسطين فيسعوا إلى توحيد صفوفهم، وقتال عدوهم، ونصرة إخوانهم في فلسطين، حتى لا يكونوا كمن نهى الله سبحانه وتعالى عن أحوالهم لتفرقهم واختلافهم في قوله تعالى: (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ وَأُولئك لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ).

وأن لا يتركوا شعب فلسطين يقتل ويسفك دماء أبنائهم أمام أعينهم، فما يحدث في فلسطين لا يبيح لأمة القرآن السكوت؛ فالعلماء يجمعون على أن الجهاد يكون فرض عين على المسلمين كافة إذَا احتل العدوّ قسماً من بلاد المسلمين، فالقتال قد كُتِبَ عليهم (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شيئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ).

لقد حث القرآن على القتال وأبان أحكامه، فقال سبحانه: (قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ) فما التردّد في ذلك إلا وهن، فما الذي يخيف المسلم، فالجبن والذلة من أخلاق الكافرين، والله سبحانه وتعالى يقول: (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ أَمْواتًا بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ).

وهذا النبي الكريم يقول: “فَإِنَّ مُقَامَ أَحَدِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أفضل مِنْ صَلَاتِهِ فِي بَيْتِهِ سَبْعِينَ عامًا، أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُم”، فهؤلاء أنصار الله وحزبه من أبناء يمن الإيمان يؤدون واجبهم قبل إخوانهم في فلسطين بإرادَة وعزيمة لا تلين، وقد اصطف رجال الله وجنده من أبناء يمن الإيمان والحكمة خلف قائد المسيرة القرآنية يقاتلون براً وبحراً وجواً، مثلهم كمثل الصائم القائم القانت بآيات الله.

لقد جاء في الحديث “عَيْنَانِ لَا تَمَسُّهُمَا النَّارُ: عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ، وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ” وجاء في حديث آخر أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: “لأن اقتل في سبيل الله أحب إليِّ من أن يكون لي أهل المدر وَالوبر”.

لقد عني الإسلام بوجوب القتال وَالمحافظة على البر والبحر والجو، وقتال الأعداء أينما وجدوا، فجاء في الحديث “لغزوة في البحر مثل عشر غزوات في البر”.

إن قوة الإيمان وحسن الإعداد هو السبيل الوحيد لفلق هامات الأعداء، ورد كيدهم.

إن الذين يوالون الكفار والمنافقين ويتابعون الصهيونية اليهودية في ظلمها قد خرجوا عن حقيقة الإيمان؛ فالله سبحانه وتعالى يقول: (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ) وعما قريب بإذن الله تغرق وتحترق حاملات الطائرات الأمريكية وتنكسر شوكتها وتحترق طائراتها وتهوي كما تهوى الذباب منكسرة.

فالغطرسة التي تحملها اليهودية الصهيونية ستعود عليها بالوبال والهلاك، ويكون مصيرها الذلة والهوان وحينئذ سيندمون وأذنابهم المتصهينون، (فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَو أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلى ما أَسَرُّوا فِي أنفسهِمْ نادِمِينَ) ولا ينفعهم الندم بعد أن وقعوا في سوء أفعالهم، وفرطوا في جنب الله، وفي حق الإنسانية، وأساءوا إلى البشرية جمعاء كما فعل أسلافهم من طغاة العالم.

(وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ)، العزة لله ولرسوله وللمؤمنين، والخزي والهزيمة للكافرين والمنافقين، ولا نامت أعين الجبناء.

قد يعجبك ايضا