مواقف سياسية ام تشويهات حزبية

د. فايز أبو شمالة – وما يسطرون|

يطيب لبعض العرب والفلسطينيين أن يلوم حركة حماس بشكل خاص، وحركات المقاومة الفلسطينية بشكل عام، لرفضهم الخضوع للشروط الإسرائيلية، وإصرارهم على المواجهة بما ملكت أيدي المقاومة، وثباتهم على الموقف المبدئي من اتفاقية وقف إطلاق النار التي اخترقها العدو الإسرائيلي أكثر من مرة.

ومصدر الطعن بمواقف حركة حماس يقوم على عدم قدرة الشعب الفلسطيني في غزة على تحمل العقاب الإسرائيلي، وعدم قدرة المقاومة على الرد الموجع على العدوان الإسرائيلي المتوحش، ولذلك، فقد كان من الأجدر بحركة حماس ان تفوت الفرصة على نتانياهو الذي استغل تشدد حركة حماس في مواقفها، ليتنصل من اتفاقية وقف إطلاق النار، ويجرف اهتمام الإسرائيليين من المشاكل الداخلية، والمظاهرات الصاخبة التي تفجرت احتجاجاً على إقالة رئيس جهاز الشاباك الإسرائيلي، إلى حيث يريد.

ويضيف هؤلاء المشككون بالمقاومة: كان الأجدر بقيادة حركة حماس أن تتنازل، وأن تطلق سراح الأسرى الذي طالبت بهم أمريكا، وأن تستجيب لمقترح ستيف ويتكوف، وأن تستغل فرصة وقف إطلاق النار في تحسين أحوال الناس المعيشية، وتترك الإسرائيليين يتصارعون فيما بينهم، في حروبهم الداخلية التي لن تنتهي.

ad

هذا المنطق الذي يردده البعض العربي والفلسطيني يقوم على فكرة التنازل، والانصياع للمطالب الإسرائيلية مهما كانت، وتجنيب أهل غزة ويلات الحروب، حتى لو وصل الأمر حد الخضوع للمطالب الإسرائيلية، وموافقة حركة حماس على تسليم كل الأسرى الإسرائيليين لديها، مقابل وقف الحرب على غزة، فهذا من وجهة نظرهم أنجى لأهل غزة، أفضل ألف مرة من الرهان على صمود يحف به سيف إسرائيل من كل جانب.

منطق التنازل لإسرائيل مهما تجبرت في مطالبها ليس موقفاً سياسياً، وإنما هو موقف تنظيمي على الساحة الفلسطينية، وهو موقف أمني واستراتيجي على الساحة العربية، وهذا الموقف يعتمد على فكرة مهاجمة مواقف حركة حماس البطولية، وتحميلها المسؤولية عما يجري من دمار لأهل غزة، كخطوة استباقية تغطي على القصور والعجز والخذلان الذي تميزت به قيادة منظمة التحرير الفلسطينية تجاه أهل الضفة الغربية قبل أهل غزة، ومن خلفها مجمل القيادات العربية التي عجزت عن تقديم شربة ماء لأهل غزة المحاصرين بالجوع والجور لأكثر من 17 شهراً من حرب الإبادة الإسرائيلية.

منطق التنازل لإسرائيل، والخضوع لمطالبها عرفه العرب والفلسطينيون في أكثر من ساحة، وخبروه، وكان يفترض بالقيادات الفلسطينية والعربية أن تكون قد اكتشف أن أعداءنا الإسرائيليين لا يكتفون بأصبع اليد إن مددته لهم طائعاً، فعدونا الإسرائيلي سيطالب بأخذ كف اليد كاملة، وإن أعطيتهم كف يدك، فإنهم سيطالبون بأخذ الذراع كاملة، وإن أعطيتهم ذراعك، فلن يكتفوا، سيطالبون بقطع رقبتك، وجز رأسك، والتلذذ بمضغك تحت أنيابهم، بعد بتصفيتك، واقتلاعك عن وجه الأرض.

قد يعجبك ايضا