التصعيد الأمريكي ضد اليمن.. بين الضغوط القصوى والمآزق الاستراتيجية

خاص – المساء برس|

تعود المواجهة بين اليمن والولايات المتحدة إلى الواجهة مجددًا، مع تبني الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة دونالد ترامب مسارًا تصعيديًا جديدًا، في محاولة للحد من تأثير العمليات العسكرية اليمنية المساندة لغزة، والتي فرضت معادلات غير مسبوقة على الساحة الإقليمية.

فشل الخيارات التقليدية يدفع واشنطن نحو التصعيد الدبلوماسي

على مدى الأشهر الماضية، استخدمت الولايات المتحدة مختلف الأدوات العسكرية والاقتصادية والدبلوماسية في محاولة لاحتواء عمليات صنعاء، لكن جميعها فشلت في تحقيق الأهداف المرجوة، وسط استمرار الضربات اليمنية التي طالت السفن الإسرائيلية والأمريكية في البحر الأحمر، بالإضافة إلى استهداف قواعد أمريكية في المنطقة.

ومع تعثر النهج العسكري، خصوصًا بعد سحب واشنطن حاملة الطائرات “ترومان” من البحر الأحمر كآخر قوة ضاربة لها في المنطقة، ونجاح صنعاء في إفشال الحرب الاقتصادية التي استمرت لأكثر من عقد، لم يتبقَ أمام واشنطن سوى الخيار الدبلوماسي عبر تشديد الحصار السياسي والاقتصادي.

إدراج أنصار الله على قائمة الإرهاب.. خطوة غير مجدية؟

في هذا السياق، أعلنت إدارة ترامب عند تنصيبه في يناير 2025 إعادة تصنيف “أنصار الله” كمنظمة إرهابية، وهي خطوة سبق أن أقدمت عليها إدارة ترامب الأولى في أواخر ولايتها عام 2021، قبل أن يتم التراجع عنها لاحقًا في عهد بايدن.

ورغم أن القرار كان متوقعًا، إلا أن توقيت تنفيذه يحمل دلالات إقليمية، حيث يأتي في وقت تتزايد فيه التوقعات بعودة التصعيد العسكري الإسرائيلي في غزة، ما يعني استئناف العمليات اليمنية ضد السفن المرتبطة بإسرائيل، وهو ما تسعى واشنطن لمنعه عبر ممارسة أقصى الضغوط الممكنة على صنعاء.

ضغوط أمريكية عبر سلطنة عمان.. محاولة أخيرة لإيقاف الهجمات؟

تفيد التقارير بأن تفعيل القرار الأمريكي جاء بعد نقاش عميق بين وزير الخارجية الأمريكي الجديد ماركو روبيو ونظيره العماني بدر البوسعيدي، حيث طلبت واشنطن من مسقط الضغط على صنعاء لوقف استهداف الملاحة الإسرائيلية والأمريكية، خصوصًا مع احتمال تجدد الحرب في غزة.

لكن صنعاء، التي نجحت في إفشال الضغوط السابقة، تبدو غير مكترثة بمثل هذه التحركات، خصوصًا مع تأكيد قائد أنصار الله عبد الملك الحوثي أن كل الخيارات مطروحة على الطاولة، بما في ذلك توسيع نطاق التصعيد العسكري ليشمل دولًا مجاورة، في إشارة إلى الأنظمة التي تلعب دورًا مباشرًا في دعم التحركات الأمريكية.

التداعيات المحتملة.. تصعيد لا يخدم واشنطن

رغم أن واشنطن تعتقد أن التصنيف الإرهابي سيؤدي إلى زيادة الضغوط على صنعاء، إلا أن المعطيات تشير إلى أن التأثير سيكون محدودًا، في حين أن تداعياته قد تدفع نحو تصعيد غير محسوب العواقب، قد يشمل:

1. استئناف العمليات اليمنية بشكل أكبر وأوسع نطاقًا، بما يتجاوز استهداف السفن إلى ضرب مصالح أمريكية مباشرة في المنطقة.

2. تعزيز التوتر الإقليمي، حيث قد يؤدي الضغط الأمريكي إلى فتح جبهات جديدة مع أطراف متحالفة مع صنعاء.

3. إضعاف الموقف الأمريكي، خصوصًا في ظل تراجع نفوذها في المنطقة، وفشلها في تأمين إسرائيل أمام التهديدات المتزايدة من محور المقاومة.

واشنطن أمام اختبار جديد.. من يفرض شروطه؟

رهان الإدارة الأمريكية الجديدة على التصعيد الدبلوماسي يأتي بعد فشل كل الأدوات الأخرى، لكنه يحمل في طياته مخاطر كبيرة، حيث أن سياسات الضغوط القصوى لم تثبت نجاحها في تجارب سابقة، سواء مع إيران أو سوريا أو العراق، ما يجعل هذا المسار محفوفًا بالمخاطر، خصوصًا في ظل استعداد صنعاء للتعامل مع أي تطور وفق معادلة “الهجوم بالهجوم”.

وعليه، فإن المرحلة المقبلة مرشحة لمزيد من التصعيد، وقد تجد واشنطن نفسها في وضع لا تستطيع التحكم به، خصوصًا إذا قررت صنعاء توسيع عملياتها، الأمر الذي سيجعل التوتر في المنطقة يصل إلى مستويات غير مسبوقة، لا يمكن التنبؤ بتداعياتها على المصالح الأمريكية والإسرائيلية.

قد يعجبك ايضا