إلى مفوض عام الأونروا فيليب لازاريني: لماذا؟

د. فايز أبو شمالة – وما يسطرون|

حين نستمع إلى تصريحاتك عبر وسائل الإعلام بشأن توفير الدعم المالي للأونروا، نفرح نحن اللاجئين الفلسطينيين، ونشد على يدك لهذا الموقف الإنساني، وأنت تحض المجتمع الدولي على احترام قرارات الأمم المتحدة، ولكن حين نرى الممارسات الميدانية للمسؤولين عن الأونروا، نستهجن هذا التناقض بين التصريحات الإعلامية، وبين الممارسات العملية، والتي ذهبت بجورها وظلمها واعتدائها على الموظفين موضعاً لا يمكن السكوت عليه، وعلى سبيل المثال:

أولاً: مع بداية معركة طوفان الأقصى، كنتم في الأونروا أول من هرب من شمال قطاع غزة، وأقمتم مقراتكم في مدينة رفح، وعند اجتياح رفح، أقمتم مقراتكم في مواصي خان يونس، فلماذا هربتم؟ وأنت مؤسسة دولية! كان هروبكم رسالة سلبية لأهل غزة، الذين قرؤوا الأحداث من خلال سلوككم، واضطروا للنزوح من شمال غزة إلى الجنوب محاكاة لكم، وتوجساً من مجازر قادمة.

فلماذا هرب موظفوك يا سيد فيليب لازاريني من شمال غزة، وتخلوا عن المقرات الدولية المحمية وفق القانون الدولي؟ لماذا لم تجعل من مقرات الأونروا الرسمية مراكز إيواء للمدنيين الذين ذبحهم القصف الإسرائيلي؟ ولماذا لم توفر للمدنيين الحماية؟

ثانياً: قمتم بفصل عدد من الموظفين بتهمة المشاركة في عملية طوفان الأقصى، وفي الوقت نفسه قمتم بتجميد رواتب عدد من الموظفين بناء على التقارير الإسرائيلية الكاذبة، بأنهم شاركوا في معركة طوفان الأقصى، أو بحجة تعاطفهم المعنوي مع المقاومة، في الوقت الذي لم تقم بأي إجراء عملي ضد الإسرائيليين الذين قتلوا 270 موظفاً رسمياً لدى الأونروا، كانوا يقومون بواجبهم الإنساني، حتى أنك لم تلاحق قتلة موظفيك في المحافل الدولية والإعلامية، وأنت الذي لاحق الموظفين المتهمين بتشجيع المقاومة بالعقاب.

ثالثاً: خلال حرب الإبادة الإسرائيلية، حاول بعض الموظفين العاملين في حقل التعليم أن يسافروا إلى الخارج، وطلبوا الإذن من المسؤولين، فكان رد رئيس برنامج التعليم: لا يوجد لدينا سياسة بالموافقة على إجراءات السفر، لتفتح الأونروا باب الإجازة الاستثنائية للموظفين تبدأ من 28/2/2025، وحتى 1/3/2026، بحجة الظروف المالية الصعبة التي تمر بها الأونروا.

رابعاً: قمتم بفصل 526 موظفاً تابعين للأونروا، لأن حرب الإبادة أجبرتهم على السفر إلى الخارج للعلاج، وبتقارير طبية رسمية من وزارة الصحة، أو لمرافقة أبنائه المصابين والجرحى، أو للنجاة بالنفس، أو لعدم توفر مكان إقامة في غزة، ومعظم هؤلاء الموظفين يعملون في سلك التعليم، ويقومون بواجبهم الوظيفي عن بعد، من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، علماً بأنكم يا سيد فيليب لازاريني لم تقم بوقف رواتب الموظفين العاملين في المناصب العليا، ومعظمهم من الأجانب، هربوا إلى الخارج مع بداية حرب الإبادة.

خامساً: تبرر فصل أعداد من الموظفين وعدم تعيين موظفين جدد بالأزمة المالية، ونسبت أن هناك عدد 700 موظف تقاعدوا خلال الحرب، وهناك 1500 موظف بعقد، لم تقم الوكالة بتجديد عقودهم، ونسيت أن هناك 284 مدرسة للأونروا معطلة عن العمل، ولا تكلفكم نفقات تشغيلية، فلماذا فصلتم البعض؟ ولماذا لم تكلفوا موظفين جدد؟ وأنت الذي انقاد لسياسة مدير دائرة الموارد البشرية باولو بيرناسكوني؟

سادساً: أنت شخصياً يا سيد فيليب لازاريني، لم تقم بحماية المساعدات التي كانت تأتي لأهل غزة من خلال المعابر، لقد سرقت بعلمك، وتحت رعاية الجيش الإسرائيلي، وكنت القادر على حمايتها من خلال تواصلك مع قيادة الجيش الإسرائيلي

سابعاً: أنت تعرف تفاصيل الفساد داخل مؤسسة الأونروا، وتعرف من سرق الأطنان من المساعدات، ومن قام بتهريب السجائر عبر المساعدات الإنسانية، ومن قام باستغلال نفوذه في توزيع المساعدات كما يحلو له، وأنت تعرف تفاصيل السرقات التي قام كبار الموظفين، ولديك الأرقام، ووصلت إليك الإحصائيات الدقيقة، حتى اغتنى بعض موظفي الأونروا، وصاروا من أصحاب رؤوس المال، ومن أصحاب المكانة الاجتماعية، وقد غضضت الطرف عن كل ذلك، ولاحقت عدداً من الموظفين المقيمين في مصر العربية، وتركتهم بلا مصدر دخل، وبلا مورد رزق، تركتهم يتسولون رغيف الخبز في شوارع القاهرة، بعد أن كانوا أعزاء بالوظيفة، فلماذا لم تتحرك بحكم مكانتك الدولية، ومقامك السياسي الرفيع، وتتدخل لدى مصر وإسرائيل، للعمل على عودتهم إلى بيوتهم المدمرة ووظائفهم الرسمية في مؤسسة دولية، وبدلاً من ذلك، لجأت إلى معاقبتهم بهذا الشكل غير الإنساني.

نحن لاجئ قطاع غزة المدمر، نستنهض لاجئ الضفة والأردن ولبنان وسوريا، ونناشدهم بإيصال صوت اللاجئين الرافض لهذه الممارسات القمعية إلى السيد فيليب لازاريني، ونناشد المجتمع الدولي باتخاذ مواقف مؤازرة ومؤيدة لموظفي الأونروا في قطاع غزة.

قد يعجبك ايضا