تقرير أممي يكشف فشل القوى السياسية الموالية للتحالف في معالجة الأزمة الاقتصادية والخدمية
خاص – المساء برس| تقرير: يحيى محمد الشرفي|
كشف تقرير صادر عن مكتب المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن عن انقسامات وصراعات حادة بين الأحزاب والقوى المنضوية تحت مظلة المجلس الرئاسي وحكومة أحمد عوض بن مبارك، وسط عجزها عن تقديم رؤية واضحة لمعالجة التدهور الاقتصادي والخدمي في مناطق سيطرتها، رغم اعترافها بضرورة وجود عملية سياسية جامعة بقيادة يمنية.
صراع على الموارد وغياب الرؤية
وفقًا للتقرير، الذي يلخص نتائج سلسلة الحوارات السياسية التي عقدها المكتب الأممي في العاصمة الأردنية عمان بين 24 أكتوبر و19 ديسمبر 2024، فإن جميع القوى السياسية الموالية للتحالف السعودي الإماراتي أقرت بضرورة تحسين الخدمات العامة، مثل الكهرباء والمياه، لكنها عاجزة عن وضع رؤية عملية لتحقيق ذلك، في ظل الصراعات المحتدمة على الموارد المالية والنفطية.
وأشار التقرير إلى أن المشاركين أقروا بالحاجة إلى استئناف صادرات النفط والغاز، وضمان شفافية إدارة الإيرادات، لكن الخلافات بين هذه القوى حول آليات التنفيذ تعكس تعقيد المشهد السياسي والصراعات الداخلية بينها، خاصة مع تباين المصالح السعودية والإماراتية التي انعكست على شكل تنافس بين المجلس الانتقالي، حزب الإصلاح، وبقية مكونات المجلس الرئاسي.
تحذيرات من تسييس الاقتصاد وانقسام المؤسسات المالية
أكد التقرير أن القوى السياسية عبرت عن مخاوفها من تسييس المؤسسات الاقتصادية، مشيرةً إلى أن الاقتصاد أصبح سلاحًا في الصراع بين مكونات المجلس الرئاسي وحكومته، مما زاد من تفكك المشهد الاقتصادي. كما أشار التقرير إلى التأثير السلبي لوجود بنكين مركزيين في صنعاء وعدن على تفاقم الانقسام الاقتصادي، بالإضافة إلى استمرار الأزمة المرتبطة بإصدار جوازات السفر.
كما شددت القوى المشاركة على الحاجة إلى سياسات اقتصادية مبتكرة لمعالجة التدهور الحالي، إلا أن التقرير كشف أن غياب أي آليات واضحة لتحقيق هذه السياسات يعكس مدى الفشل الذي تعيشه حكومة بن مبارك والمجلس الرئاسي.
توصيات بلا تنفيذ.. والخلافات تعمّق الأزمة
رغم إجماع القوى السياسية في الاجتماعات على ضرورة دفع رواتب الموظفين، وإعادة فتح الطرق، وضمان الوصول العادل إلى الموارد الأساسية، مثل المطارات والموانئ، فإن التقرير أشار إلى أن غياب الثقة بين الأطراف المتناحرة حال دون تنفيذ هذه الخطوات.
كما أظهر التقرير أن المكونات السياسية التي التقاها فريق المبعوث الأممي تمثلت في:
المؤتمر الشعبي العام، حزب الإصلاح، المجلس الانتقالي الجنوبي، مؤتمر حضرموت الجامع، الحراك التهامي السلمي.
حزب التجمع الوحدوي اليمني، حزب جبهة التحرير، حزب البعث العربي الاشتراكي القومي، حزب التضامن اليمني، رابطة الجنوب العربي الحر.
الحزب الجمهوري، حزب العدالة والبناء، حزب السلام والتنمية، حزب اتحاد القوى الشعبية، منسقية القوى الجنوبية المشاركة في مشاورات الرياض.
غير أن هذه الأطراف رغم مشاركتها في المشاورات، فشلت في التوصل إلى توافق على خطوات واضحة لمعالجة الوضع الاقتصادي، ما يعكس مدى الانقسام الذي تعانيه مكونات الرئاسي وحكومته، في ظل صراعات النفوذ والسيطرة بين التحالف السعودي الإماراتي.
أزمة متفاقمة وانقسام سياسي حاد
ومنذ تشكيل المجلس الرئاسي في أبريل 2022، تواصلت الأزمات الاقتصادية والخدمية في المناطق الخاضعة لسيطرة التحالف السعودي الإماراتي، وسط صراع بين القوى الموالية له على النفوذ والموارد.
المجلس الانتقالي الجنوبي يسعى للهيمنة على موارد الجنوب، بما في ذلك النفط في حضرموت وشبوة.
حزب الإصلاح يحاول تأمين نفوذه الاقتصادي عبر مؤسسات مالية وكيانات تجارية.
القوى الأخرى داخل المجلس الرئاسي تتصارع على إدارة الإيرادات والوظائف العليا.
هذا الصراع أدى إلى فشل متكرر في دفع رواتب الموظفين، وتعطيل الخدمات العامة، وانهيار العملة، وسط رفض التحالف تقديم دعم مباشر لحكومة بن مبارك، ما يعمّق الأزمة الإنسانية في البلاد.
مستقبل غامض مع استمرار الفشل السياسي
يكشف تقرير الأمم المتحدة عن مدى هشاشة التحالفات داخل المجلس الرئاسي وحكومته، وعن فشل هذه القوى في تقديم حلول حقيقية للوضع الاقتصادي، مما يفتح الباب أمام مزيد من الاحتجاجات الشعبية والتوترات السياسية في مناطق سيطرتها.
في ظل هذه المعطيات، يبدو أن استمرار الأزمة الاقتصادية سيؤدي إلى مزيد من الفوضى والانهيار، ما لم تحدث تغييرات جذرية في طريقة إدارة الموارد والسياسات الاقتصادية، وهو أمر مستبعد مع الانقسامات العميقة داخل المجلس الرئاسي والتنافس السعودي الإماراتي على النفوذ في الجنوب.
فشل في إدارة الموارد وانهيار الاقتصاد
ومنذ اندلاع الحرب التي قادتها السعودية ضد اليمن في مارس 2015، توقف تصدير النفط والغاز، إلا أن الرياض استأنفت التصدير منتصف 2016، وتحولت عائدات النفط إلى البنك الأهلي السعودي، حيث تتحكم بها اللجنة الخاصة التابعة للرياض. وفي المقابل، شنت واشنطن حربًا اقتصادية على صنعاء، شملت نقل وظائف البنك المركزي إلى عدن عام 2016، مما أدى إلى توقف رواتب الموظفين في مناطق حكومة صنعاء، رغم وعود حكومة التحالف بدفعها، والتي لم تُنفذ أبدًا.
بعد الهدنة بين صنعاء والرياض في مارس 2022، طالبت صنعاء بتوريد إيرادات النفط لصرف المرتبات، لكنها واجهت مماطلة من التحالف، ما دفعها إلى منع تصدير النفط من المناطق الخاضعة لسيطرة التحالف في سبتمبر 2022، عبر استهداف السفن التي حاولت تحميل الشحنات النفطية. ومنذ ذلك الحين، توقف التصدير تمامًا، مما زاد من تفاقم الأزمة الاقتصادية في مناطق حكومة التحالف.
أما قطاع الغاز المسال، فقد توقف تصديره منذ سيطرة التحالف على الجنوب، حيث منعت الإمارات حكومة التحالف من تشغيل منشأة بلحاف في شبوة، رغم حاجتها الماسة للإيرادات، ما يعكس التنافس السعودي الإماراتي على النفوذ في الجنوب.