غضب إسرائيلي من مشاهد إطلاق سراح الأسرى في غزة ورسائل حماس الاستفزازية
غزة – المساء برس| تقرير: يحيى محمد الشرفي|
تصاعدت حالة الغضب داخل كيان الاحتلال الإسرائيلي عقب المشاهد التي رافقت إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين الثلاثة في غزة، والتي ظهر فيها عناصر مسلحون من كتائب القسام وهم يحيطون بالأسرى أثناء تسليمهم للصليب الأحمر.
استعراض للقوة ورسائل موجهة
عملية التسليم التي جرت في دير البلح لم تقتصر على الجانب الإجرائي، بل حرصت المقاومة على توظيفها في سياق الحرب النفسية ضد الاحتلال. حيث نصبت كتائب القسام منصة كبيرة كُتبت عليها رسالة واضحة لنتنياهو بثلاث لغات: “نحن الطوفان.. نحن اليوم التالي”، في إشارة إلى استمرار المعركة مع الاحتلال وعدم انتهائها رغم العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة. كما تم عرض صورة لنتنياهو بجانب عبارة “النصر المطلق”، إضافة إلى مركبات إسرائيلية مدمرة جلبتها المقاومة من ميدان القتال، لتأكيد الهزيمة التي لحقت بجيش الاحتلال.
في مشهد آخر، ظهر أحد مقاتلي القسام مبتور اليد والقدم وهو يحمل سلاحه بثبات وسط الساحة، مما زاد من حالة الهلع لدى الإعلام العبري، الذي وصف اللقطات بأنها “إهانة جديدة لإسرائيل وجيشها”، خاصة أن التغطية الإعلامية للحدث كانت تبث المشاهد للعالم كله.
تل أبيب تهدد وتلوح بإجراءات انتقامية
وسائل الإعلام العبرية نقلت عن مسؤولين إسرائيليين أن حكومة الاحتلال “لن تمرر هذه المشاهد مرور الكرام”، حيث أرسلت تل أبيب احتجاجًا شديد اللهجة إلى الوسطاء، معتبرة أن هذه المراسم “تحدٍ صارخ لإسرائيل”. كما بدأت حكومة الاحتلال دراسة إجراءات عقابية ضد قطاع غزة، تشمل تقليص المساعدات الإنسانية وتشديد الحصار، في محاولة للضغط على المقاومة ومنعها من تحقيق مكاسب إعلامية وسياسية من ملف الأسرى.
في السياق نفسه، عبر زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد عن “الصدمة والإهانة” التي لحقت بإسرائيل نتيجة هذه المشاهد، واصفًا ما حدث بأنه “استعراض مذل”، مطالبًا حكومة نتنياهو بالإسراع في استعادة بقية الأسرى بأي ثمن.
حرب نفسية تتصاعد
صحيفة “معاريف” العبرية اعتبرت أن ما جرى كان “ضربة قاسية للصورة التي تحاول إسرائيل رسمها عن سيطرتها على الأوضاع”، مؤكدة أن المقاومة “نجحت في استغلال لحظة التسليم لتحويلها إلى عرض عسكري ونفسي مدروس”، حيث شمل المشهد “عرض أسلحة الجيش الإسرائيلي التي وقعت بيد القسام كغنائم حرب”، وهو ما شكل “رسالة تهديد واضحة للجيش والمجتمع الإسرائيلي”.
تداعيات على الميدان والسياسة
يأتي هذا التطور ضمن سياق التصعيد المستمر بين المقاومة والاحتلال، حيث بات ملف الأسرى أحد أهم أدوات المواجهة. فمنذ بدء “طوفان الأقصى”، تمكنت المقاومة من أسر عدد كبير من الجنود والمستوطنين، وفرضت معادلات جديدة في أي تفاوض مع الاحتلال، مما دفع تل أبيب إلى التراجع عن كثير من مواقفها والقبول باتفاقات لم تكن لتقبل بها سابقًا.
كما أن استعراض كتائب القسام خلال إطلاق سراح الأسرى يأتي امتدادًا لنهج المقاومة في “تحطيم صورة الجيش الإسرائيلي”، حيث سبق أن قامت حماس في عمليات تبادل سابقة بتوجيه رسائل مشابهة، كان أبرزها خلال الإفراج عن الجندي جلعاد شاليط عام 2011، عندما ظهر مقاتلو القسام وهم يفرضون سيطرتهم على المشهد بالكامل.
وبينما يحاول الاحتلال احتواء تداعيات هذه المشاهد، تبدو المقاومة مستمرة في توظيف ملف الأسرى كسلاح استراتيجي في المواجهة، ليس فقط لتحقيق مكاسب تفاوضية، بل أيضًا “لتعزيز صورة الانتصار وفرض معادلات جديدة”، وهو ما يفاقم مأزق الحكومة الإسرائيلية التي تجد نفسها عاجزة عن تحقيق نصر عسكري أو حتى منع تكرار هذه المشاهد التي تضرب سمعة جيشها ومكانته داخليًا وخارجيًا.