في ذكرى شهيد القرآن وزعيم يمن الإيمان والحكمة
ق. حسين المهدي – وما يسطرون – المساء برس|
مما لا ريب فيه أن من أخلص لله في عمله كان بعيد الهمة في مجتمعه ووطنه، لطيفا في خلقه، نقيا في سلوكه، وفيا في تعامله، كريما في عطائه، صادقا في اخوته، كريما عند ظفره، عفوا عند مقدرته، شكورا لله عند ظهوره وغلبته، شديدا على الكفار بمحض ارادته، مجاهدا في سبيل الله من أجل اعلاء كلمته، مبجلا لأهل شريعته، لأن من الشريعة تبجيل أهل الشريعة، ومن الصنيعة أن تربّ حسن الصنيعة.
ولقد فرض الله الجهاد على المؤمنين لينالوا بذلك الشرف العظيم، لما فيه من النفع لعباده، والحفظ لمكانتهم، والصون لحرياتهم وحرماتهم، والنشر لعقيدتهم.
فالإخلاص هو الذي يجعل العمل نافعا مقبولا، وصاحبه مخلدا مشكورا، ولهذا كتب الله الجهاد على المؤمنين وهو كره لهم، نظرا لما يناله الإنسان به من الثواب العظيم، قال تعالى:(كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ وَ هُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَ عَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَ عَسى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَ هُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَ اللَّهُ يَعْلَمُ وَ أَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)
ومن الحُمُق أن يوقن العاقل بأن نفعه في شيء ثم لاياتي ذلك الشيء، فرفع راية الجهاد تؤدي إلى ظفر الإنسان فيه بالشهادة، ونيل الحسنى وزيادة، وادراك أعلى درجات الجنة والسعادة، فقد شهد الله للشهيد بعظيم الأجر، والحياة الدائمة، والملائكة تشهد نقل روحه إلى الجنة من لحظة شهادته، فهو في حياة متجددة دائمة، كما أخبر بذلك الرحمن (وَ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ، فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ)، (وَ لا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ أَمْواتٌ بَلْ أَحْياءٌ وَ لكِنْ لا تَشْعُرُونَ).
فالإسلام وهو بغية الأرواح، ومهبط السكينة، ومستقر الطمأنينة، لايتم دون جهاد واجتهاد وإخلاص، ولا يتمكن الإنسان من إدراك تلك النعمة الكبرى، دون تضحية وجد واجتهاد وإخلاص، فقد كان ذلك دأب الأنبياء والمرسلين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
وظهر في عصرنا هذا جد مجدد يدعو إلى المسيرة القرآنية والجهاد من اجل تحرير فلسطين من رجس الصهيونية وتحرير الأقصى الشريف وبالغ في النصيحة وعمل بالعقيدة الصحيحة، ونطق بلغة القرآن الفصيحة البليغة مع إخوانه من يمن الإيمان أنصار الله، وعمل على رفع راية الجهاد من أجل صلاح أحوال زمانه السيد القائد السيد حسين بن بدر الدين الحوثي -رحمه الله- الذي ناصره أهل الصدق من يمن الإيمان وكان على رأس من ناصر المسيرة القرآنية وآزر قائد مسيرتها السيد عبدالملك بن بدر الدين الحوثي زعيم اليمن ورئيسها وابو بجدتها الفاضل المجاهد الكبير الرئيس صالح علي الصماد -رحمه الله- الذي أخلص في عمله، وكان صادقا في جهاده، مؤديا لواجباته، حكيما في أقواله، فنال وشهيد القرآن وشهداء يمن الإيمان السعادة في الدنيا والآخرة. كما نال ذلك جميع الشهداء من أبناء فلسطين ولبنان والعراق وإيران والمجاهد الرباني قاسم سليماني وزميله مهدي المهندس وعلى رأسهم سماحة السيد حسن نصر الله والسيد اسماعيل هنية ويحيى السنوار، وكل المجاهدين من أجل اعلاء كلمة الله؛ لأنهم طلبوا للأمة العزة، والسعادة، والخير في الدنيا والآخرة.
وهل للناس من مطلب غير أن يسعدوا في باطنهم وظاهرهم، ودنياهم واخراهم، سعادة تدفع عنهم شرور الحياة ومكارهها، ثم تفيض عليهم من انواع السرور وشرح الصدور، وبهجة الأسرار، وصفاء الأنوار مالا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى ثم تسلمهم بعد ذلك إلى نعيم لايشوبه كدر، ولايعتريه زوال، وإلى ملك ليس فيه عناء ولا له انقضاء: (وَ إِذا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَ مُلْكاً كَبِيراً).
إن إخلاص أنصار الله وحزبه وجدهم واجتهادهم سيجعل العدل والأمن والأمانة والصدق والوفاء يملأ الدنيا وما ذلك على الله بعزيز
وانظر كيف فعل الدين الإسلامي الذي جاء به محمد ص في فجر الإسلام واعتنقه المجاهدون من المهاجرين والأنصار بجد واجتهاد وإخلاص كيف ملأ الله بهم الدنيا عدلا، ونشر بهم الإسلام.
فمن أخلص لخالقه وعمل الصالحات خَلَدَ ذِكْرُه وبقي ذكره وأجره.
ولله در القائل:
كلما اتقنت محبوبا وجيه
متقن الأعمال سر الله فيه
والقائل:
مادام رائدنا الإخلاص في العمل
لابد نبلغ يوما غاية الأمل
فمن لزم الإخلاص لله سبحانه وتعالى ووالى المؤمنين، وأعان المجاهدين من أجل اعلاء كلمة الله، ونصرة المستضعفين في فلسطين، وتبرء ممن يعاديهم ويحاربهم في أرضهم ومعتقداتهم وأخلاقهم فقد فاز (وَ مَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّـهِ هُمُ الْغالِبُونَ).
العزة لله ولرسوله وللمؤمنين، والخزي والهزيمة للكافرين والمنافقين، ولا نامت أعين الجبناء.