اعترافات صادمة.. البحرية الأمريكية تكشف تفاصيل غير مسبوقة عن خسائرها في البحر الأحمر
خاص – المساء برس| تقرير: يحيى محمد الشرفي|
في اعتراف غير مسبوق، كشف نائب قائد القيادة المركزية الأمريكية، الأدميرال براد كوبر، عن تفاصيل خطيرة تؤكد حجم التحديات والخسائر التي تعرضت لها القوات الأمريكية خلال المواجهات مع القوات اليمنية في البحر الأحمر.
هذه التصريحات الجديدة التي نشرتها وكالة ” USNI News” ورصدها وترجمها “المساء برس”، تأتي بعد شهور من الإنكار والتقليل من شأن الضربات اليمنية، مما يشير إلى أزمة عسكرية حقيقية تواجهها واشنطن.
الاعتراف الأول: الهجمات اليمنية أكثر تعقيدًا وخطورة مما قيل سابقًا
وفي حديثه عن إحدى الهجمات اليمنية التي استهدفت البحرية الأمريكية خلال أكثر من عام، أكد كوبر، خلال مؤتمر WEST 2025، أن الهجوم الذي استهدف المدمرة يو إس إس ستوكديل (DDG-106) في نوفمبر الماضي كان هجومًا معقدًا ومنسقًا بدقة، وشمل إطلاق أربعة صواريخ باليستية مضادة للسفن، إضافة إلى هجوم مكثف بالطائرات المسيرة.
هذه التصريحات تتناقض مع المواقف الرسمية السابقة، حيث حاولت القيادة المركزية الأمريكية تصوير الهجمات اليمنية على أنها محاولات عشوائية غير دقيقة، بينما يظهر من كلام كوبر أن القوات اليمنية تمتلك تكتيكات متطورة وقدرة على التنسيق والهجوم المكثف.
الاعتراف الثاني: صعوبة التعامل مع الطائرات المسيرة اليمنية
في مفاجأة أخرى، اعترف كوبر أن طاقم المدمرة “ستوكديل” اضطر إلى استخدام مدفع السفينة الرئيسي عيار 5 بوصات لإسقاط طائرة مسيرة يمنية كانت تحلق على ارتفاع منخفض.
وأوضح كوبر أن الصاروخ الأول تجاوز السفينة، لكن الصواريخ الثلاثة الأخرى شكلت تهديدًا حقيقيًا، ما استدعى إطلاق صاروخ دفاعي من نوع SM-6 لإسقاط أحدها، فيما تم اعتراض الصواريخ المتبقية باستخدام صواريخ سي سبارو وأنظمة مضادة للصواريخ كروز.
في الوقت نفسه، استهدفت طائرات إف-16 الأمريكية صواريخ يمنية هجومية، بينما أسقطت طائرات من حاملة الطائرات أبراهام لينكولن (CVN-72) صواريخ كروز مضادة للسفن كانت متجهة نحو القطع البحرية الأمريكية.
ووصف الأدميرال اللحظة بأنها “مفاجئة وغير متوقعة”، مشيرًا إلى أن الهجوم كان مكثفًا وسريعًا.
وقال الأدميرال إن الطائرة المسيرة تم اكتشافها متأخرًا جدًا، مما اضطر الطاقم لاستخدام المدافع التقليدية بدلاً من أنظمة الدفاع الصاروخية الحديثة. هذا الاعتراف يكشف عن فشل أنظمة الرصد والتصدي الأمريكية في التعامل مع التهديدات المنخفضة الارتفاع، ويشير إلى أن القوات اليمنية نجحت في استغلال هذه الثغرات.
الاعتراف الثالث: البحرية الأمريكية استُنزفت بشكل غير مسبوق
اعترف كوبر بأن البحرية الأمريكية تعرضت لأكثر من 170 هجومًا مباشرًا خلال 15 شهرًا، وهو ما دفعها إلى إسقاط 480 طائرة مسيرة يمنية.
هذا الرقم يعكس حجم الاستنزاف الهائل الذي تعرضت له القوات الأمريكية، حيث استنفدت واشنطن كميات ضخمة من صواريخها الدفاعية باهظة الثمن، في مواجهة مسيرات يمنية منخفضة التكلفة.
وكانت الصحافة الأمريكية قد كشفت سابقاً عن مصادر أمريكية معنية أن القوات الأمريكية اضطرت إلى تمديد فترات انتشارها القتالي بشكل غير مسبوق، مما يؤدي إلى إرهاق الطواقم البحرية، استنزاف الذخائر، وتقليص عمر السفن الحربية بسبب الاستخدام المكثف والضغط العملياتي.
الاعتراف الرابع: البحرية الأمريكية لم تتمكن من حماية السفن التجارية
رغم تشكيل تحالف عسكري دولي بقيادة الولايات المتحدة لحماية الملاحة في البحر الأحمر، اعترف كوبر بأن القوات اليمنية شنت أكثر من 140 هجومًا على السفن التجارية، ما يعني فشل التحالف في تحقيق هدفه الرئيسي.
هذا الاعتراف يُكذب التصريحات الأمريكية السابقة التي زعمت أن عملياتها “حدّت من التهديدات اليمنية”، في حين أن الواقع يكشف عن عجز واشنطن عن تأمين عبور السفن الإسرائيلية والأمريكية والبريطانية من الممرات البحرية رغم وجود عشرات السفن الحربية والطائرات المقاتلة.
الاعتراف الخامس: تكلفة باهظة تفوق قدرة واشنطن على التحمل
وفقًا لتقديرات أمريكية، تصل تكلفة العمليات العسكرية الأمريكية في البحر الأحمر إلى 570 مليون دولار شهريًا، وهو استنزاف اقتصادي ضخم مقارنة بتكلفة الصواريخ والمسيرات اليمنية الرخيصة.
كما أشار كوبر إلى أن استمرار هذه المواجهات أدى إلى إرهاق الأسطول الأمريكي، وتآكل جاهزيته القتالية، وإطالة فترة انتشار السفن، مما يسبب استنزافًا في القدرات العسكرية التي تحتاجها واشنطن لمناطق صراع أخرى مثل أوكرانيا والمحيط الهادئ.
وفي هذا السياق، تجدر الإشارة إلى التذكير بما سبق وأقرت به بيث سانر، نائبة مدير الاستخبارات الوطنية في إدارة ترامب سابقًا والتي قالت: إن “مهمة الولايات المتحدة في ردع القوات اليمنية لم تنجح، وبدلًا من ذلك، تآكلت الجاهزية العسكرية الأمريكية وسمعتها، بينما لا تزال العمليات اليمنية مستمرة بوتيرة عالية.”
ماذا تعني هذه الاعترافات؟
1. فشل استراتيجي أمريكي: واشنطن لم تتمكن من ردع القوات اليمنية أو منعها من تنفيذ عملياتها.
2. تآكل هيبة البحرية الأمريكية: لأول مرة منذ عقود، تعجز البحرية الأمريكية عن فرض سيطرتها على ممر بحري استراتيجي.
3. عجز تكنولوجي: فشل أنظمة الدفاع المتطورة أمام مسيرات وصواريخ يمنية منخفضة التكلفة.
4. استنزاف مالي وعسكري غير مسبوق: الكلفة المالية الباهظة ترهق الخزانة الأمريكية، بينما تتآكل جاهزية الأسطول البحري.
أمريكا من الإنكار إلى الاعتراف
تصريحات كوبر تمثل تحولًا خطيرًا في الخطاب الأمريكي، حيث انتقلت واشنطن من الإنكار والتقليل من خطورة الهجمات اليمنية إلى الاعتراف بمدى تعقيدها وتأثيرها الكبير.
كما يؤكد الخبراء العسكريون الأمريكيون والغربيون أن فشل البحرية الأمريكية في تأمين البحر الأحمر بعد عام كامل من التدخل العسكري، يمثل نكسة خطيرة لصورة الولايات المتحدة كقوة مهيمنة عالميًا، ويجعل من تدخلها العسكري في المنطقة رهانًا خاسرًا، خاصة في ظل تصاعد التحديات التي تواجهها في مناطق أخرى مثل المحيط الهادئ وأوكرانيا.
وهذا يؤكد أن القوات اليمنية نجحت في فرض معادلة جديدة في البحر الأحمر، مما قد يجبر واشنطن على إعادة النظر في استراتيجيتها بالكامل، أو حتى البحث عن مخرج يحفظ ماء الوجه بعد عام من الفشل الذريع.