لو كان دماراً فالرئيس عباس هو المسؤول

د. فايز أبو شمالة – وما يسطرون|

يلوم بعض الناس في قطاع غزة حركة حماس على مباغتة العدو الإسرائيلي، ويحملونها مسؤولية ما لحق بغزة من خراب ودمار، ويتجاهل أولئك اللائمين ـ وعن عمد ـ أن الاحتلال الإسرائيلي هو المسؤول الأول عن كل جرح نازف في فلسطين، وهو المسؤول عن كل وجع وأنين أصاب الفلسطينيين سابقاً، وسيصيبهم لاحقاً.

تحميل المسؤولية لحركة حماس يأتي بدوافع سياسية من أنصار الرئيس محمود عباس، ومنطلق الاتهام لحركة حماس يهدف إلى تجريم خط المقاومة للاحتلال الإسرائيلي بشكل عام، وتحميله مسؤولية كل ما يلحق بالشعب الفلسطيني من ضرر استيطان واعتقال وقتل ودمار، وفي هذا الاتهام تبرئة لخط التواصل مع العدو الإسرائيلي من كل جرم، وطرحه كبديل منطقي وسياسي يصلح لكل زمان ومكان، وفي تحميل المسؤولية لحركة حماس تبييض لصفحة محمود عباس، وكف الانتقاد له على قصوره تجاه حرب الإبادة، والتأكيد على نهج المسالمة والمهادنة والتنسيق الأمني هو طريق السلامة، وهو الطريق الوحيد المتاح لتحقيق الأهداف الوطنية، بما في ذلك إقامة دولة فلسطينية.

ونسي أولئك الذين يحمّلون حركة حماس مسؤولية التفرد بقرار الحرب، وأنها اتخذت قرار معركة طوفان الأقصى دون تشاور مع أحد، ودون مراجعة أحد، ودون أخذ رأي المكون الفلسطيني العام، نسوا ان تفرد حماس بقرار الحرب جاء استجابة طبيعية لمواصلة العدوان الإسرائيلي على المقدسات الإسلامية، ومواصلة العدوان الاستيطاني على الضفة الغربية، ثم، جاء تفرد حماس بقرار الحرب استجابة منطقية لتجاهل السلطة الفلسطينية أحوال غزة، ونسيانها تحت الحصار، ورفض كل وساطة للمصالحة بين التنظيمات، فكان تفرد حماس بقرار معركة طوفان الأقصى منطقياً بحكم الانقسام الفلسطيني، الذي حال دون وحدة الموقف، ووحدة الرأي، ووحدة القرار.

ولقراءة أسباب الانقسام الفلسطيني بحيادية، ولمعرفة أسباب عدم الوصول للمصالحة الفلسطينية رغم الكثير من المحاولات، ورغم السنين، نجد أن المسؤولية تقع على كتف السيد محمود عباس، فهو المسؤول عن التفرد بالقرار الفلسطيني، وهو الذي رفض الشراكة، ولما يزل يرفض الشراكة، وعليه فإنه يتحمل مسؤولية الانقسام، ويتحمل مسؤولية دوام الانقسام، لأنه رفض كل صيغ المصالحة والاتفاق سابقاً، ولما يزل يرفض، فقد رفض تطبيق اتفاقية القاهرة، واتفاقية الرياض، واتفاقية بيروت، واتفاقية اليمن، واتفاقية الجزائر، واتفاقية موسكو، ورفض اتفاقية بكين التي وقعها نائبه محمود العالول مع الشهيد إسماعيل هنية، ورفض قبل أيام اتفاقية تشكيل لجنة الإسناد المجتمعي التي وقعت عليها حركة فتح في القاهرة، ورفضها محمود عباس في رام الله.

التفرد بالقرار ورفض الشراكة هي السبب في دوام الانقسام، وهذا الذي أعطى حركة حماس الحق في التفرد بقرار الحرب، وعليه فإن كل ما ينجم عن هذه الحرب من قتل ودمار وخراب يتحمل مسؤوليتها الرئيس محمود عباس، في الوقت الذي تتحمل حركة حماس ومعها فصائل المقاومة كل المسؤولية عن شرف المقاومة والصمود، وتتحمل المقاومة كامل المسؤولية عن الوهن الذي ضرب الجيش الإسرائيلي، وأجبر قيادته على الاعتراف بأنهم يخوضون حرب استنزاف في غزة، لن تحقق النصر المطلق التي تحدث عنه نتانياهو، ولن تقضي على المقاومة الفلسطينية.

وإذا كان عار الخذلان من نصيب السلطة الفلسطينية، لعدم مشاركتها أهل غزة معركة المصير، فإن المجد والفخر يحلق بحركة حماس والتنظيمات المقاومة، وقد كتبوا تاريخ فلسطين بمداد من تضحيات ودم، ونقشوا أسماءهم على كل فعل عربي فلسطيني ناصع العطاء والوفاء، بعد أن رفعوا رأس الشعب الفلسطيني عالياً بين الأمم، وانتشلوا قضية فلسطيني من تحت رماد النسيان والتجاهل، وأيقظوا العالم العربي على حقيقة غيابه عن مستقبله، وتركوا بالمقاومة بصمة على صفحة التاريخ الإنساني، وهو يكتشف حجم الظلم الذي لحق بشعب فلسطين، وحجم الإرهاب الذي يمارسه العدو الإسرائيلي.

قد يعجبك ايضا