قرار جريء.. لماذا منعت صنعاء استيراد الدقيق الأبيض من الخارج؟
خاص – المساء برس|
اتخذت حكومة صنعاء، يوم أمس، قرارًا قضى بمنع استيراد مادة الدقيق الأبيض عبر ميناء الحديدة، وفقًا لتعميم رسمي تداولته عدد من وسائل الإعلام والمنصات الرقمية.
وذكر التعميم أن هذا الإجراء يهدف إلى “حماية المنتجات الوطنية” عبر حصر استيراد القمح فقط، على أن يتم طحنه محليًا داخل اليمن.
ويعد القرار تغييرًا في آلية استيراد الدقيق، حيث كان التجار يعتمدون في السابق على استيراد كميات الدقيق الأبيض الجاهزة لتعبئتها وتوزيعها داخل البلاد.
ومن المأمل أن يدفع القرار بتجار استيراد الدقيق إلى الاستثمار داخل اليمن في إنتاج وزراعة القمح وإنتاج دقيق محلي.
وأثبتت تجارب حكومة صنعاء عبر وزارة الزراعة والهيئة الزراعية والسمكية التي أنشأتها حركة أنصار الله ودمجتها في الحكومة بشكل رسمي أن إنتاج القمح في اليمن يعود بمردود عالي القيمة الغذائية ووفرة في الإنتاج خاصة بعد تجربة زراعة القمح في الجوف شمال اليمن والتي تعد أكبر محافظة زراعية في اليمن خضعت لتهميش في عهد نظام علي عبدالله صالح وحزب الإصلاح من بعده بناء على ضغوط مورست من قبل النظام السعودي والذي حرص خلال العقود الماضية قبل العام 2015 على إبقاء المناطق الغنية بالنفط خارج خطة التنقيب وكانت الجوف واحدة من أبرز المحافظات التي حرصت الرياض على منع اليمن من التنقيب عن النفط فيها كونها تحتوي حسب تقديرات خبراء روس وأمريكيين على أكبر مخزون نفطي في الجزيرة العربية الأمر الذي جعل الرياض تمنع التنقيب عن النفط في هذه المحافظة لدرجة أن الضغوط السعودية وصلت حد منع الزراعة في هذه المحافظة بسبب اعتراض الرياض على حفر آبار المياه فيها ما جعل المحافظة رغم تربتها الخصبة المروية من مياه السدود وتحديداً سد مأرب العملاق من أندر المحافظات اليمنية الغنية بالزراعة.
كما أن من شأن هذا القرار أن يعزز من توجه المزارعين نحو زراعة القمح بشكل أوسع وتسريع عملية الاكتفاء الذاتي في إنتاج القمح وهو هدف تبنته ثورة 21 سبتمبر 2014 التي قادتها حركة أنصار الله ضد النظام السابق، إضافة لتعزيز القوة الشرائية لاقتناء هذه السلعة نحو المنتج المحلي وهو ما سيرفع من مردود المزارعين المادي.
وكانت الحكومة اليمنية في صنعاء ابتداءً من البرنامج الذي أطلقه رئيس المجلس السياسي الأعلى السابق – المجلس الرئاسي في صنعاء – صالح الصماد تحت شعار “يد تبني ويد تحمي” قد بدأت بخطوات توطين الإنتاج الزراعي بهدف الوصول للاكتفاء الذاتي في مختلف المنتجات وخاصة الأساسية كمادة القمح التي تُستخدم في كثير من الأحيان كسلاح قوي وفعّال أثناء الحروب، ومنذ العام 2017 دفعت صنعاء برؤوس الأموال الرئيسية المثتمرة في مجال استيراد القمح والدقيق بتخصيص جزء من نشاطها الاستثماري لصالح الإنتاج المحلي ورفع هذا الاستثمار تدريجياً حتى لا يؤثر قرار قطع الاستيراد من الخارج من مادة الدقيق على المستثمرين وعلى السوق الاستهلاكية وقد مثلت الـ7 الأعوام الماضية فرصة كافية للمستوردين لتوطين منتجاتهم التي يستوردونها وينتجونها محلياً إذ يعتبر إعلان هذا القرار مؤشر على اقتراب المستثمرين والمزارعين إلى مرحلة تحقيق اكتفاء ذاتي في إنتاج الدقيق الأمر الذي يتطلب اتخاذ قرار جريء كهذا الأخير لحماية المنتج المحلي ولتوسيع هذا الإنتاج في خطوة سيادية لم تشهدها اليمن منذ عقود طويلة.