كيف تحاول إسرائيل تطمين خصمها اليمني وتجعله يتساهل أمام مؤامراتها؟

خاص – المساء برس| تقرير: يحيى محمد الشرفي|

تضخ إسرائيل في وسائل إعلامها وحتى عبر تصريحات العديد من مسؤوليها الأمنيين والعسكريين والاستخباريين بأنها ضعيفة في مجال الاستخبارات وجمع المعلومات فيما يتعلق بالجبهة اليمنية وأن هذا هو السبب في عدم قدرتها على تحييد الجبهة اليمنية والفشل في جعل ضرباتها الجوية ضد اليمن نوعية وذات قيمة عالية تضعف القدرات العسكرية لليمن.

وفي هذا الشأن يؤكد محللون يمنيون بأن السردية الإسرائيلية غير صحيحة وأن الجهد الاستخباري الذي تبذله إسرائيل في اليمن طويل جداً وتم تكثيفه تحديداً منذ أواخر العام 2014 حين سقط نظام السلطة السابقة الموالية للولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الخليجية كالسعودية برئاسة عبدربه منصور هادي وحل محله نظام الثورة الجديدة التي قادتها حركة أنصار الله التي رفضت خضوع اليمن لحكم السفارات الأحنبية على رأسها سفارة الولايات المتحدة الأمريكية.

ويشير المحللون اليمنيون إلى أن الجهد الاستخباري الإسرائيلي المباشر وغير المباشر في اليمن بدا واضحاً من خلال توظيف المئات من الجواسيس الذين عملوا لصالح وكالة المخابرات المركزية الأمريكية التي تتشارك بدورها كل المعلومات الاستخبارية في اليمن والمنطقة مع الاحتلال الإسرائيلي.

وقال الصحفي والكاتب اليمني زكريا الشرعبي، في هذا الشأن أن القلق الإسرائيلي من سقوط نظام علي عبدالله صالح وبعده سقوط نظام حزب الإصلاح وعبدربه منصور هادي في 2014 أثار القلق الشديد لدى الاحتلال الإسرائيلي، وأن القيادة الإسرائيلية عبرت عن ذلك بشكل صريح، من خلال – على سبيل المثال – تصريحات رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو في 2015 والذي اعتبر سيطرة أنصار الله على صنعاء بأنه يعني الاقتراب من مضيق باب المندب والذي تريد إسرائيل بقاءه خارج السيادة اليمنية لأن بقاء المضيق بيد قوة عربية متحررة من الهيمنة والوصاية الغربية يمثل تهديداً للاحتلال الإسرائيلي.

وأشار الشرعبي في تصريح خاص لـ”المساء برس” بأن نتنياهو أيضاً وفي أكثر من مناسبة داخل إسرائيل أو في الأمم المتحدة أو البيت الأبيض دائماً ما كان يبرز “التهديد الحوثي” للاحتلال الإسرائيلي ويحذر الولايات المتحدة من السماح بسيطرة “الحوثيين” على اليمن الذي يهيمن على المدخل الجنوبي للبحر الأحمر، مؤكداً أن تنامي القلق الإسرائيلي بشأن اليمن استتبع بالضرورة العمل على تكثيف الجهد الاستخباري المباشر إضافة للاستعانة بما تتشاركه الولايات المتحدة وأصدقاء الاحتلال الإسرائيلي في الخليج العربي من معلومات استخبارية تخص اليمن وتحديداً أنصار الله وقيادة حكومة صنعاء.

ولفت الشرعبي إلى أن اليقظة الأمنية في صنعاء إضافة إلى الشعور بالمسؤولية من قبل الشعب ذاته هي ما أفشلت على إسرائيل إكمال مشروعها الاستخباري التجسسي على اليمن وما هو متاح بيد الاحتلال الإسرائيلي حالياً هو فقط ما تحصل عليه من معلومات سطحية تتلقاها من المسؤولين اليمنيين المنفيين خارج اليمن فيما يسمى “حكومة التحالف السعودي الإماراتي بقيادة رشاد العليمي وأعضاء مجلسه الرئاسي ” الذين أبدوا بوضوح اصطفافهم مع الاحتلال الإسرائيلي وجرائمه ضد الشعب الفلسطيني والمقاومة في قطاع غزة منذ أن انخرطت صنعاء رسمياً وأعلنت الحرب على الاحتلال الإسرائيلي عقب السابع من أكتوبر 2023 بما في ذلك إعلان حظر الملاحة الإسرائيلية من البحر الأحمر والذي اعتبرته الأطراف اليمنية المتحالفة مع أمريكا بأنه قرصنة وعمل إرهابي في الوقت الذي أشادت جميع حركات المقاومة الفلسطينية بهذا الإجراء اليمني المتطور والجريء والشجاع والذي يتجاوز البعد الجغرافي.

وفي سياق متصل أشار محللون سياسيون في صنعاء إلى أن محاولات الإسرائيلي تبرير فشله أمام الجبهة اليمنية بأنه ناتج عن قصور استخباري لدى أجهزة الاستخبارات في يافا المحتلة (تل أبيب)، يحمل خلفه مؤامرة خطيرة سبق أن طبقها في لبنان في تعامله مع جبهة حزب الله والمقاومة اللبنانية ونجحت معه وهو الآن يريد تكرارها في اليمن أيضاً، حيث يهدف الاحتلال من خلال هذه السردية إلى تطمين خصومه في اليمن وجعلهم يطمئنون للاحتلال الإسرائيلي من الناحية الاستخبارية وبالتالي لا يتخذون أي إجراءات احترازية أو تدابير تمنع من تحقيق إسرائيل أي أهداف نوعية في اليمن تؤدي لردع هذه الجبهة ظناً من صنعاء ومسؤوليها بأن الاحتلال لا يملك المعلومة الاستخبارية وبالتالي قد يدفع هذا الشعور إلى تراخي جبهة الإسناد اليمنية وهو ما ستجد تل أبيب فيه فرصة للانقضاض على هذه الجبهة وتحييدها ولذا على صنعاء أن تبقي على وتيرة عملياتها ضد الاحتلال وتكون مبادرة واستباقية حتى تحقيق هدفها الرئيسي المتمثل في وقف العدوان ورفع الحصار عن قطاع غزة.

قد يعجبك ايضا