لعبة الأقليات في سوريا: أمريكا وسياسة اللعب على الأوتار الحساسة

يوسف الديدي – وما يسطرون|

في سياق الصراعات الجيوسياسية، تحاول الولايات المتحدة دائمًا استغلال الثغرات في بنية الدول التي تريد إضعافها، وسوريا ليست استثناءً. في هذا المقال، سنناقش ثلاث نقاط رئيسية تكشف السياسة الأمريكية في استغلال ملف الأقليات، ونفضح تناقضاتها وغاياتها الاستعمارية.

الأقليات في الوعي الإسلامي: جزء من النسيج وليس فكرة منفصلة

 

منذ قرون، لم تكن فكرة “الأقليات” مطروحة في الوعي الجمعي الإسلامي. الأقليات لم تُعتبر يومًا “كيانات منفصلة” بل كانت دائمًا جزءًا طبيعيًا من النسيج الاجتماعي في المجتمعات الإسلامية، حيث كان التعايش بين مختلف الطوائف والأديان نموذجًا فريدًا. لكن مع التدخلات الغربية، أصبحت فكرة الأقليات تُستخدم كأداة سياسية.

في الحالة السورية، لا يخفى على أحد أن التركيز الأمريكي على الأقليات ليس سوى محاولة للعب على الأوتار الحساسة بهدف تفكيك النسيج المجتمعي، وزرع بذور الشك والانقسام. الهدف الحقيقي ليس حماية الأقليات بل توظيفها كوسيلة لإضعاف الحكومة السورية الحالية وأي حكومة مستقبلية يمكن أن تكون عقبة أمام المصالح الأمريكية.

حقول النفط: المحرك الخفي للسياسة الأمريكية

عندما تتحدث أمريكا عن حقوق الأقليات وحمايتهم، فهي في الواقع تخفي وراء هذا الخطاب أجندة اقتصادية بحتة. الحقول النفطية الغنية في سوريا هي المحرك الأساسي وراء الأطماع الأمريكية في المنطقة.

في الواقع، إذا كانت الولايات المتحدة حريصة على حقوق الإنسان كما تدعي، فلماذا نراها تتجاهل الجرائم التي تُرتكب ضد الأقليات في دول أخرى لا تحتوي على موارد طبيعية مغرية؟ الإجابة واضحة: النفط والموارد، وليس القيم الإنسانية، هو ما يُسيل لعاب الشركات الكبرى وصقور السياسة في واشنطن.

أحداث غزة: فضح القيم الأمريكية المزدوجة

بعد الأحداث المروعة في غزة، أصبح من الواضح أن العالم الذي تراه الولايات المتحدة هو عالم قاسٍ لا يعرف الرحمة. سياسة واشنطن قائمة على استغلال آلام الشعوب ومعاناتهم لتحقيق مصالحها، وتحويل القضايا الإنسانية إلى مجرد أدوات سياسية.

أما في سوريا، فإن الادعاءات الأمريكية بأنها تسعى لمنع الإرهاب وحماية جيران سوريا ما هي إلا شعارات جوفاء تخفي وراءها روحًا استعمارية. هذه الروح لم تتغير، بل فقط غيّرت أساليبها من الحروب المباشرة إلى السيطرة الناعمة والقتل الاقتصادي.

مريكا والاستعمار بنسخته الجديدة

الواقع يؤكد أن الولايات المتحدة دولة مهووسة بالحروب، لكن أدواتها اليوم أصبحت أكثر دهاءً. سواء عبر اللعب بورقة الأقليات أو استنزاف الموارد الطبيعية أو خلق انقسامات داخلية، فإن السياسة الأمريكية تسعى دائمًا لتفكيك أي قوة إقليمية قد تشكل تهديدًا لهيمنتها.

في كل مرحلة تاريخية، تُعيد واشنطن صياغة استراتيجياتها، لكنها دائمًا تسعى لتحقيق الهدف ذاته: السيطرة على موارد العالم وتحقيق مصالحها على حساب الشعوب.

ختامًا: الوعي بمخططات واشنطن

عندما نتحدث عن سوريا، يجب أن نُذكّر العالم بأن الأقليات لم تكن يومًا “ثغرة” في المجتمعات الإسلامية، بل هي جزء أصيل من نسيجها. ما تفعله أمريكا هو استغلال سياسي لتلك النقطة لضرب وحدة المجتمع السوري.

السياسة الأمريكية لا تُحركها القيم بل الأطماع. وعلينا أن نكون على وعي بأن الحديث عن حماية الأقليات ليس إلا واجهة لسياسة استعمارية جديدة تهدف لإضعاف سوريا واستنزاف ثرواتها.

في النهاية، هل يمكن الوثوق بمن يحتل آبار النفط ويتحدث عن حقوق الإنسان؟ الإجابة تتركها الأحداث والتاريخ

قد يعجبك ايضا