هل تسعى تركيا إلى تعزيز نفوذها على الإخوان المسلمين في اليمن على حساب النفوذ السعودي

المساء برس| تقرير: كامل المعمري|

بعد النجاح الذي حققته تركيا في دعم المعارضة السورية والإطاحة بنظام الأسد، يبدو أن أنقرة تتجه بخطى واثقة نحو تعزيز نفوذها الإقليمي، واليمن يأتي ضمن هذه الحسابات الاستراتيجية. حزب الإصلاح، الذي يُعتبر امتداداً لجماعة الإخوان المسلمين، يشكل فرصة ذهبية لتركيا لتعزيز نفوذها، خاصة في ظل التحولات التي يشهدها المشهد اليمني.

تصريحات القيادي في حزب الإصلاح، شوقي القاضي، التي أكد فيها مراراً على ضرورة التحالف مع تركيا تعكس هذا التوجه بوضوح. القاضي يرى في تركيا شريكاً استراتيجياً يمكن الاعتماد عليه، خاصة بعد ما وصفه بفشل التحالف العربي .

هذه الرؤية ليست فردية، بل تتوافق مع تصريحات أخرى لقيادات في الحزب، مثل حميد الأحمر، الذي شدد في مقابلات سابقة على أن التحالف مع تركيا كدولة إسلامية قوية أصبح ضرورة ملحة، مؤكداً أن التحالف العربي لم ينجح في تحقيق الأهداف المرجوة.

هذه التصريحات تكشف عن إدراك متزايد داخل حزب الإصلاح لأهمية الدور التركي، وتفتح الباب أمام أنقرة لتعزيز وجودها في اليمن من خلال شراكة قائمة على المصالح المشتركة والرؤية الاستراتيجية. تركيا، التي تمتلك خبرة واسعة في إدارة التحالفات في مناطق النزاع، قد تجد في هذا الدعم من قيادات الإصلاح فرصة لتعزيز نفوذها بطرق مبتكرة تتجاوز التقليدية.

هذه المؤشرات تؤكد على أن تركيا ليست فقط حليفا محتملا للإصلاح، بل قد تصبح شريكا رئيسيا في إعادة تشكيل التوازنات في اليمن، مستفيدة من التوترات القائمة بين حزب الإصلاح والتحالف العربي. دعم قيادات بارزة في الإصلاح للتحالف مع تركيا يمنح أنقرة نقطة انطلاق قوية ويزيد من احتمالية نجاحها في ترسيخ دورها كلاعب رئيسي في اليمن.

السعودية، التي تلعب دورا رئيسيا في اليمن، تواجه تحديات متزايدة في الحفاظ على تماسك تحالفها مع الإصلاح، خاصة بعد سنوات من التوترات بين الطرفين. هذا التوتر يمنح تركيا نافذة للتدخل ودعم الإصلاح كحليف استراتيجي، مما يمكنها من ترسيخ وجودها في اليمن بطريقة تعزز موقعها الإقليمي. إذا ما نجحت تركيا في تحقيق هذا الهدف، فإنها ستكتسب نقطة ارتكاز جديدة في منطقة شديدة الحساسية.

كذلك وبالنظر إلى التحولات داخل حزب الإصلاح، يبدو أن جناح توكل كرمان يكتسب زخما وشعبية متزايدة مقارنة بالجناح الذي يميل للتحالف مع السعودية. هذا التغير يعكس تراجع الثقة في خيارات التحالف العربي، الذي لم ينجح في تقديم حلول جذرية للأزمة اليمنية، مقابل تطلع كثيرين داخل الحزب إلى تركيا كشريك أكثر فاعلية وقدرة على تقديم الدعم.

توكل كرمان، التي تمتلك قاعدة جماهيرية واسعة ولها علاقات جيدة مع القيادة التركية، أصبحت رمزاً للتوجه نحو تركيا داخل الحزب. هذا الصعود يعكس الرغبة في تبني رؤية أكثر استقلالية واستراتيجية كذلك دعمها لتركيا يعزز من مكانتها داخل الحزب، خاصة في ظل النجاحات التي حققتها تركيا في دعم التحركات الاخوانية في المنطقة، وهو ما يراه كثيرون في الإصلاح نموذجاً يمكن البناء عليه.

في المقابل، يبدو أن الجناح الموالي للسعودية يعاني من تراجع شعبيته، خاصة مع تزايد الانتقادات لدور التحالف العربي في اليمن، والذي يُنظر إليه من قبل البعض على أنه يعمق الأزمة بدلاً من حلها. هذا الانقسام داخل الحزب يخلق متغيرات جديدة، حيث يصبح جناح توكل كرمان وجناح حميد الأحمر، الذي يدعو للتحالف مع تركيا، أكثر تأثيراً في تشكيل توجهات الحزب المستقبلية.

هذا التغير داخل الإصلاح قد يعزز من فرص تركيا لتوسيع نفوذها في اليمن، مستفيدة من دعم هذا الجناح الشعبي والسياسي. كما أنه يفتح الباب أمام رؤية جديدة للحزب، قائمة على التحالف مع تركيا كقوة إسلامية صاعدة، ما يعيد تشكيل دوره في الساحة اليمنية والإقليمية.

علاوة على ذلك فان التظاهرات التي خرجت في تعز ومأرب، والتي قادها جمهور حزب الإصلاح تعبيرا عن الفرح بنجاح ثورة الشعب السوري المدعومة من تركيا، تُعد دليلا واضحا على التوجه الشعبي داخل الحزب نحو تأييد الدور التركي ورؤيته في المنطقة

فهذه الاحتفالات لم تكن مجرد تعبير عن التضامن مع الشعب السوري، بل حملت أيضا رسائل سياسية تؤكد إعجاب قطاعات واسعة من الحزب بالنموذج التركي في دعم الثورات والحركات التحررية في المنطقة

هذه المظاهر الاحتفالية تعكس تصاعد الميل داخل الحزب نحو التحالف مع تركيا، خاصة في ظل النجاحات التي حققتها أنقرة في سوريا وغيرها حتى ان جمهور الإصلاح يرى في تركيا شريكا إسلاميا طبيعيا نجح في تقديم الدعم العملي والفعّال للثورات العربية، بعكس التحالف العربي الذي لم يلب تطلعاتهم في اليمن.

كما أن هذه التظاهرات تعزز موقف القيادات داخل حزب الإصلاح، مثل توكل كرمان وحميد الأحمر، الذين يدعون صراحة إلى التحالف مع تركيا وبالتالي فهي تشير إلى وجود تأييد شعبي واسع لهذا التوجه، ما يمنح القيادة السياسية للحزب حافزا أكبر لتعميق العلاقة مع أنقرة.

في النهاية، هذه التحركات الشعبية داخل معاقل حزب الإصلاح لا يمكن تجاهلها، فهي تعبر عن تحول واضح في المزاج السياسي للحزب وجمهوره، بما يعزز احتمالية أن يكون التحالف مع تركيا خيارا استراتيجيا يفرض نفسه بقوة في المرحلة القادمة.

وفي ضوء هذه المعطيات، يبدو أن حزب الإصلاح يجد نفسه في مفترق طرق استراتيجي، حيث تبرز تركيا كحليف قوي وقادر على تحقيق طموحات الحزب وجمهوره في استعادة دور مؤثر على الساحة اليمنية والإقليمية كما ان التحولات داخل الحزب، والتوجه الشعبي المتزايد نحو دعم التحالف مع تركيا، إضافة إلى التراجع الملحوظ في الثقة بالتحالف العربي، تجعل من الشراكة مع أنقرة خيارا طبيعيا ومنطقيا.

قد يعجبك ايضا