تحليل: الحوثي يوسع معادلة الاشتباك ويفرض تحديات استراتيجية جديدة على “إسرائيل”

خاص – المساء برس| تحليل: يحيى محمد الشرفي|

في خطابه الأخير، أطلق قائد حركة “أنصار الله”، عبد الملك الحوثي، رسائل متعددة الأبعاد بشأن دور اليمن في الصراع الإقليمي، خاصة في ظل تطورات معركة غزة. وركّز على تعزيز مفهوم الردع الاستراتيجي ضد إسرائيل، مؤكدًا أن اليمن ليس فقط حاضرًا في معادلة المواجهة، بل يسعى إلى توسيع نطاقها.

استراتيجية الاشتباك: البحر الأحمر ميدان مواجهة

الحوثي شدد على دور القوات اليمنية في منع الملاحة البحرية الإسرائيلية في البحر الأحمر، معتبرًا ذلك إنجازًا استراتيجيًا يفرض تكلفة اقتصادية عالية على إسرائيل. فتوقف السفن المحملة بالبضائع الإسرائيلية، وفق قوله، أجبر الاحتلال على تحويل مساراتها إلى طرق أكثر كلفة، مما يعكس اختراقًا نوعيًا للمقاومة اليمنية على الصعيدين البحري والاقتصادي.

هذا التحرك يعيد تعريف البحر الأحمر ليس فقط كمعبر تجاري حيوي، بل أيضًا كجبهة صراع تمتد فيها أذرع المقاومة، مما يزيد الضغط على إسرائيل ويضعف قدرتها على المناورة في هذا الممر الدولي.

إسناد غزة: من الفعل إلى الفعل المتصاعد والمستمر

أبرز ما حمله خطاب الحوثي هو التأكيد على أن الدعم اليمني لغزة لا يزال يتجاوز الشعار إلى التنفيذ. فالعمليات التي استهدفت مواقع إسرائيلية حساسة، مثل القاعدة الجوية في النقب “نيفاتيم” وأهداف أخرى كعسقلان وأم الرشراش خلال الأسبوع المنصرم، تعكس ربما تحولًا في الأداء العسكري للقوات المسلحة اليمنية بقيادة أنصار الله، معتمدين على الصواريخ والطائرات المسيّرة.

هذه الضربات تحمل رسالة مزدوجة:

1- إظهار جاهزية عسكرية متزايدة: فالحوثي أشار إلى أن الهجمات الحالية لا تزال مستمرة، بل إن القوات اليمنية تعكف على تطوير إمكانياتها لتحقيق تأثير أقوى.
2- إشراك إسرائيل في جبهة إضافية: بدلاً من تركيز إسرائيل على غزة فقط، بات عليها الآن التعامل مع تهديدات تأتي من جبهة بعيدة كاليمن.

معادلة “الساحات المشتركة”

تصريح الحوثي بعدم السماح لإسرائيل بـ”إخلاء الساحات واستفراد الاحتلال بغزة” يكرس المعادلة التي فرضتها اليمن منذ ما بعد 7 أكتوبر التي تجاوزت التضامن الرمزي والمادي إلى العمل العسكري مع فلسطين. وهذا يعني أن أي مواصلة للعدوان الإسرائيلي ضد غزة من قبل الاحتلال الإسرائيلي سيقابله تصعيد من جبهات متعددة واليمن أول لاعب محوري فيها.

هذا الخطاب يعزز وحدة الساحات، وهي استراتيجية تعتمدها قوى المقاومة لتوسيع نطاق المعركة، وتفرض على إسرائيل العمل في أكثر من جبهة، ما قد يرهق قدراتها العسكرية والاستخباراتية.

أبعاد اقتصادية وعسكرية

التأثير الاقتصادي لإغلاق البحر الأحمر أمام السفن الإسرائيلية يضاعف الضغط على الاحتلال، الذي يعتمد بشكل كبير على التجارة البحرية. من جهة أخرى، الهجمات اليمنية بالصواريخ والمسيّرات تشير إلى تطور نوعي في التكنولوجيا العسكرية للقوات المسلحة اليمنية، ما قد يجعلها مصدر قلق لإسرائيل وحلفائها في المنطقة.

رسالة إقليمية ودولية

الحوثي لم يوجه رسالته فقط لإسرائيل، بل أيضًا لدول المنطقة والمجتمع الدولي، مشيرًا إلى أن اليمن بات شريكًا فاعلًا في معادلة الردع الإقليمي. كما أن حديثه عن استمرار الجهود لتطوير القدرات يعكس استعداده لتوسيع نطاق المواجهة، ما يضع الملف اليمني ضمن أولويات القوى الإقليمية والدولية.

اليمن كلاعب استراتيجي في معادلة الصراع

خطاب عبد الملك الحوثي يعيد صياغة دور اليمن في الصراع الإقليمي، مؤكدًا أن صنعاء ليست مجرد مراقب للأحداث، بل طرف فاعل قادر على التأثير في مجريات الأمور. ومع استمرار تطوير قدراتها العسكرية وتصعيد هجماتها، تبدو اليمن كعنصر مفاجأة في المعادلة، يفرض على إسرائيل إعادة تقييم استراتيجياتها وتعزيز قدراتها الدفاعية في أكثر من اتجاه.

هذا الواقع الجديد قد يدفع الأطراف الدولية والإقليمية إلى إعادة النظر في أدوار الفاعلين المحليين، مع تصاعد الضغوط لإيجاد حلول شاملة للأزمات المستمرة.

قد يعجبك ايضا