عن قصف اليمن للسفينة التركية

سامح عسكر – وما يسطرون – المساء برس|

عن قصف اليمن للسفينة التركية التي كانت تنقل بضائع لإسرائيل، فأنظر لهذا الحدث من جهتين:

أولا: الشجاعة اليمنية والاستبسال اليمني الذي يذكرنا بأمجاد وبطولات العرب في التاريخ، وكيف أن مضرب الشجاعة ومقياس البطولة الأوحد عندما فقدناه صرنا في ذيل الأمم، ليس من جهة الحرب فحسب، ولكن من جهة العلم والفكر والإبداع والتحضر..

فالقوة العسكرية هي الأساس في قيام الدول ونهضتها، وما من دولة قوية وعظيمة تقول إلا على أساس قوة العسكر والجيش، فالقوة الذاتية هي التي تجلب الحلفاء وتزرع الثقة وتبعد غيظ وحقد الأعداء، وتحمي الشعب من مؤامرات ودسائس الخصوم، ومهما كنت قويا من جهة العلم والفكر، لكن ضعفك العسكري يغري عدوك فيقضي على كل مكتسباتك الفكرية..

إن الشجاعة اليمنية والوضوح اليمني هو الذي كشف ذلك النفاق التركي، فأردوغان الذي يصرح دوما ضد إسرائيل، لم ينفق دولارا واحدا أو جنديا واحدا لإنقاذ شعب ‎#غزة والمعونات التي أرسلها من معبر رفح، أخذ ثمنها أضعاف من التجارة مع إسرائيل في نفس المدة..

في العرف الإنساني الشجاعة مطلوبة، ليس فقط لحماية الأوطان والأملاك، ولكن لكشف المنافقين والمخادعين، ولوضع النقاط على الحروف في القضايا المصيرية..

ثانيا: من جهة تركيا فسبق القول أن الرأي العام التركي برغم أنه مشحون ضد إسرائيل، لكن يوجد توجها عاما للدولة التركية، يشبه ظروف قيام الجمهورية التركية العلمانية، بنفس ظروف قيام دولة إسرائيل، حتى أن أتاتورك وبن جوريون كانوا أصدقاء، فلا عيب هناك من العلاقة مع إسرائيل في العلن، ما بالك بالعلاقة في السر؟

فضلا عن الخدمات التي قدمها بن جوريون للأتراك الأوائل في الجمهورية، هذه لها بعد أخلاقي واجتماعي داخل تركيا يجعل من فكرة عداء أردوغان لإسرائيل مجرد شعار للتضليل، ولكسب العواطف والقلوب خارج الحدود لا غير، وأردوغان عاشق لهذا الأسلوب وكثيرا ما يستعمله منذ ظهوره الأول صديقا لأربكان..

مطلوب من تركيا لتكون خصما لإسرائيل أو منافسا لها على الأقل، أن تتخلص من هذا الإرث الصهيوني الأول الخاص ببن جوريون، وعلاقته الفريدة مع أتاتورك ثم عدنان مندريس، وبالخصوص علاقته مع الثاني في العداء الصريح للسوفييت والمعسكر الشرقي إبان الحرب الباردة، لأن هذه العلاقة ما زالت تسيطر على الدولة التركية، وهي التي ترسم توجهاتها العامة بالميل للمعسكر الغربي وحلفاؤه، والخصومة لكل ما هو شرقي أو عدم الثقة فيه كحد أدنى..

قد يعجبك ايضا