خطة الاحتلال: خداع أمريكي إسرائيلي لتمرير تسوية تضمن حرية العدوان على لبنان (تقرير بالتفاصيل)

خاص – المساء برس| تقرير: يحيى محمد الشرفي|

في ظل التصعيد المستمر للعدوان الإسرائيلي على لبنان، يواجه لبنان وحزب الله محاولة جديدة من قبل إسرائيل والولايات المتحدة للضغط باتجاه “تسوية” تُسهم في تكريس الاحتلال العسكري وتدمير قدرات المقاومة.

وفي هذا السياق، تكشف المفاوضات المقترحة والشروط المرفوعة عن نية إسرائيلية واضحة في استغلال الهدنة لإعادة ترتيب الوضع العسكري لصالحها، ما يجعل أي حديث عن “تسوية” أقرب إلى خدعة تمهد لمزيد من العدوان على السيادة اللبنانية.

المفاوضات المقترحة تتضمن مطالب إسرائيلية واضحة مثل “إبعاد مسلحي حزب الله إلى ما وراء منطقة الليطاني”، “الانتشار الواسع للجيش اللبناني على الحدود الشمالية”، و”فرض آليات رقابة دولية”، بالإضافة إلى ضمانات لإسرائيل لحرية العمل العسكري ضد أي تهديدات.

التصريحات الإسرائيلية حول أهداف الحرب:

في أكثر من مصدر ورد في التقرير، مثل تصريحات يسرائيل كاتس وزير الدفاع الإسرائيلي، تم التأكيد على أن إسرائيل لن توافق على أي تسوية إلا إذا ضمنت تحقيق “أهداف الحرب”، ومنها “نزع سلاح حزب الله” و”تحييد حزب الله” تمامًا.

هذا التوجه يعكس نية إسرائيلية في استخدام أي تسوية أو وقف إطلاق نار كوسيلة لتحقيق أهداف استراتيجية بعيدة المدى، وليس حلًا دبلوماسيًا حقيقيًا للصراع.

التسوية المقترحة وشروط تنفيذها:

أحد المقترحات يشمل “انسحاب حزب الله إلى مسافة 7-10 كلم شمال الحدود” و”نشر 15 ألف جندي لبناني على طول الحدود”، بالإضافة إلى تأكيد “الحق الإسرائيلي في الرد على أي انتهاك للاتفاق”.

كل هذه الشروط تفضح نية إسرائيل في المحافظة على سيطرتها العسكرية في الجنوب اللبناني، بل وفتح المجال للعمليات العسكرية في المستقبل.

1. تحليل التعاطي الصهيوني للمفاوضات:

على الرغم من تصاعد الضغوط الدولية، لا تزال إسرائيل تسعى لفرض شروط قاسية تضمن لها حرية الهجوم على لبنان في أي وقت، وهو ما يهدد بترسيخ الوضع القائم حيث تظل الحدود اللبنانية عرضة للعدوان الإسرائيلي.

ومن خلال العودة إلى مسودة الاتفاقات المختلفة، تظهر المطالب الإسرائيلية بضرورة “نزع سلاح حزب الله” و”إنشاء مناطق عازلة” في الشمال، مع “الحق في الهجوم على لبنان” في حالة وجود “تهديدات وشيكة”، ما يعني أن إسرائيل ستظل تملك القدرة على تحريك القوات في الأراضي اللبنانية بدون أي رادع.

حق إسرائيل في الهجوم في حالة “التهديدات الوشيكة”:

وفي بعض المسودات المقترحة للاتفاقات، طالبت إسرائيل بتضمين حقها في الهجوم على لبنان في حالة وجود تهديدات وشيكة، وهذه النقطة بالذات تبرز نية إسرائيل في الحفاظ على القدرة على شن الهجمات العسكرية على لبنان دون قيود أو رادع، وهو ما يعزز من استمرارية العدوان الإسرائيلي في المستقبل.

وكان هناك أيضاً حديث من قبل قادة إسرائيليين، مثل رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس، حول ضرورة أن تبقى إسرائيل قادرة على “التحرك العسكري في لبنان” في أي وقت تراه مناسبًا لحماية مصالحها.

إضافة إلى بعض التقارير الإعلامية الإسرائيلية، مثل ما ورد في صحيفة “هآرتس” و”يديعوت أحرونوت”، التي تناولت تصورات إسرائيلية عن كيفية حماية حدودها ضد ما تصفه بـ “التهديدات المستمرة من حزب الله”، وهو ما يعكس حقيقة أن إسرائيل تعتبر أن القدرة على الهجوم في أي وقت يجب أن تكون جزءًا من أي اتفاق مستقبلي.

كما طالبت إسرائيل بإنشاء مناطق عازلة في الشمال، حيث تم التركيز على ضرورة أن يتم إبعاد حزب الله إلى مسافة تتراوح بين 7 إلى 10 كيلومترات شمال الحدود.

وهذه المطالب تعزز الفكرة أن إسرائيل تسعى لترسيخ حالة من السيطرة والتهديد المستمر على الحدود اللبنانية، مما يتيح لها حرية التحرك في الأراضي اللبنانية.

2. مراوغة المفاوضات وتكتيك كسب الوقت:

وكما جرى في تجارب سابقة، يعيد المبعوث الأمريكي عاموس هوكشتين عرض سيناريوهات “مقترحات تهدئة” مع ترويج لفرص “تسوية” مؤقتة. ومع ذلك، تاريخ هذه المحاولات مليء بالوعود الكاذبة والتصعيد العسكري اللاحق. فقد ظهر أن إسرائيل تستخدم هذه المبادرات ليس لإنهاء التصعيد، بل لشراء الوقت في محاولة لتحقق مكاسب ميدانية وتكتيكية.

عاموس هوكشتين، المبعوث الأمريكي إلى منطقة الشرق الأوسط، قام مرارًا بتقديم مقترحات تهدئة بهدف تقليص التصعيد بين إسرائيل وحزب الله. لكنه دائمًا ما كان يعرض “تسوية مؤقتة”، وهو ما يتكرر بشكل دوري في الأزمات المتصاعدة.

ووفقًا لتقارير إعلامية إسرائيلية، مثل تلك التي وردت في “هآرتس” و”يديعوت أحرونوت”، يظهر أن هوكشتين كان في مرات عديدة يُروج لفرص تسوية أو “تهدئة مؤقتة”، ولكن دون أن يتم التوصل إلى اتفاقات جادة، مع تكرار العنف في فترات لاحقة.

وقد ذكر بعض المسؤولين الإسرائيليين في تقارير مختلفة أن هوكشتين كان يهدف إلى تقليص التصعيد على الأرض فقط، في حين كانت إسرائيل تستغل هذه المفاوضات لشراء الوقت وتحقيق مكاسب ميدانية.

الاستفادة الإسرائيلية من المبادرات لتوفير الوقت وتحقيق مكاسب ميدانية:

تشير بعض التصريحات الإسرائيلية، مثل تصريحات يائير لابيد (وزير الخارجية الإسرائيلي السابق) وبنيامين نتنياهو (رئيس الحكومة الإسرائيلية)، إلى أن إسرائيل تستخدم المبادرات الدبلوماسية والوساطات الأمريكية كوسيلة لتأجيل التصعيد العسكري، بينما تعمل على تحسين وضعها العسكري على الأرض. وهذا يتوافق مع حقيقة أن إسرائيل تستغل هذه الفرص لتحقيق مكاسب تكتيكية، سواء على صعيد نشر القوات أو تعديل أوضاعها الأمنية على الحدود.

3. الانتهاكات الإسرائيلية والآلية الدولية:

تتبنى إسرائيل سياسة خبيثة في تفسير “القرارات الدولية”، مثل القرار 1701، الذي تستخدمه كورقة ضغط لفرض الشروط التي تتيح لها الاستمرار في عملياتها العسكرية. وعلى الرغم من أن لبنان يلتزم بالقرار 1701 كإطار قانوني للحل، إلا أن إسرائيل تتحدى هذه القرارات مراراً وتكراراً، مما يبرز حقيقة أن أي اتفاق مزعوم لا يمكن أن يكون إلا تكريساً لهيمنة الاحتلال على الحدود والقرار اللبناني.

التصعيد العسكري بعد كل محاولة “تهدئة”:

ذكر بعض الخبراء العسكريين الإسرائيليين في وسائل الإعلام أن إسرائيل غالبًا ما كانت تواصل الهجوم أو تستعد لعمليات عسكرية إضافية بعد كل محاولة تهدئة أو تسوية مؤقتة، مما يظهر أن هذه المحاولات كانت تعتبر من قبل إسرائيل بمثابة “مناورات” لشراء الوقت وليس لحل النزاع بشكل دائم.

على سبيل المثال، بعد المبادرة الأمريكية التي روج لها هوكشتين في عام 2022، كانت هناك فترة من الهدوء النسبي تخللتها جولات من التصعيد العسكري، مثل العمليات العسكرية في غزة أو على الحدود اللبنانية، مما يعزز الفكرة أن إسرائيل لا تستخدم هذه المبادرات إلا كـ “تكتيك” لتخفيف الضغط عليها دون اتخاذ خطوات حقيقية لإنهاء التصعيد بشكل مستدام.

الوعود الكاذبة والتصعيد اللاحق:

في سياق ما ذكرته وسائل الإعلام الإسرائيلية، مثل صحيفة “هآرتس” و”يديعوت أحرونوت”، تم الإشارة إلى أن إسرائيل كانت تقوم بتقديم وعود لوقف التصعيد مقابل “تسوية مؤقتة”، ولكن هذه الوعود كثيرًا ما كانت تُخلفها إسرائيل بخطوات تصعيدية أو هجمات جديدة على الأراضي اللبنانية أو الفلسطينية، مما يعكس حقيقة أن هذه الوعود كانت في الغالب “كاذبة” أو لم تؤدِ إلى نتائج عملية تُفضي إلى حل النزاع بشكل دائم.

4. موقف المقاومة والتصدي اللبناني:

حزب الله، المدعوم من الشعب اللبناني، يبقى المدافع الأول عن سيادة لبنان وأمنه.

وقد أثبت الحزب مراراً قدرته على إحباط محاولات الاحتلال لتغيير المعادلات العسكرية والسياسية في لبنان.

لا يزال حزب الله يتبنى الموقف الثابت بعدم التنازل عن سلاحه أو سيادته، ويعتبر أن أي تسوية تخل بقدرة المقاومة على التصدي للاحتلال هي بمثابة خيانة لتضحيات الشعب اللبناني.

5. التصدي للمؤامرات الأمريكية الإسرائيلية:

الولايات المتحدة، من خلال ضغطها على الأطراف الإقليمية، تسعى لترتيب اتفاقات لا تعكس سوى مصالح الكيان الصهيوني، مع تجاهل تام لحقوق الشعب اللبناني. من خلال فحص الوثائق والاقتراحات، من الواضح أن الهدف الأمريكي هو استعادة السيطرة على مفاصل القرار اللبناني عبر تعزيز النفوذ العسكري الإسرائيلي تحت غطاء وقف إطلاق النار.

خلاصة:

ما تسعى إليه إسرائيل وأمريكا من خلال هذه المبادرات هو تحويل لبنان إلى ساحة مفتوحة لاستباحة سيادته في ظل غطاء دولي.

وعلى الرغم من الضغوطات والتحديات، سيبقى حزب الله والشعب اللبناني في موقع الدفاع عن الحقوق والسيادة الوطنية، رافضين أي تسوية مشبوهة قد تشرعن الاحتلال وتعزز قوته في المنطقة.

قد يعجبك ايضا