برسالة فرط صوتية.. كيف استقبلت صنعاء فوز ترامب بالرئاسة الأمريكية وما دلالة ذلك؟
خاص – المساء برس| تحليل: يحيى محمد الشرفي|
عادت قوات صنعاء لتصعيد عملياتها العسكرية ضد إسرائيل، في خطوة أثارت اهتماماً واسعاً على المستوى الإقليمي والدولي، لا سيما بعد انتخاب دونالد ترامب، الذي يعود إلى الساحة السياسية الأمريكية بقوة بدعمه المعروف لإسرائيل. هذه العودة تشير إلى احتمالية اتخاذ ترامب لمواقف أكثر تشدداً، ما قد يحمل تداعيات واسعة على التوازن في المنطقة.
فعلى الرغم من الرهان على تراجع قوات صنعاء عن استهداف العمق الإسرائيلي، والتخفيف من حصارها البحري على السفن المتجهة إلى موانئ إسرائيل، إلا أن العملية الأخيرة التي أعلنتها صنعاء وأكدها العميد يحيى سريع، أظهرت موقفاً مختلفاً تماماً. فقد نفذت القوة الصاروخية اليمنية عملية نوعية استهدفت قاعدة “نيفاتيم” الجوية في منطقة النقب، مستخدمة صاروخاً باليستياً فرط صوتي “فلسطين2″، وفق ما ورد في البيان الذي أذاعه متحدث الجيش اليمني العميد يحيى سريع من ميدان السبعين الجمعة الماضية. هذه العملية، التي جاءت بعد أيام قليلة من فوز ترامب في الانتخابات الأمريكية، تمثل ردًّا واضحًا من صنعاء على ما يصفه المراقبون بالتحدي المتزايد للتحالفات الإقليمية، وللتغيرات السياسية في واشنطن التي لا زالت تميل لصالح الاحتلال الإسرائيلي.
ومنذ فترة رئاسة ترامب الأولى، اتضح دعمه الكبير لإسرائيل، حيث قام بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، واعترف بها كعاصمة لإسرائيل، كما سعى لتوسيع اتفاقيات التطبيع بين إسرائيل ودول عربية ضمن ما يُعرف بـ”صفقة القرن” التي كان هدفها تصفية القضية الفلسطينية.
وتسعى قوات صنعاء من خلال عملياتها إلى إرسال رسالة واضحة بأن التحولات السياسية الأمريكية لن تؤثر على استراتيجيتها في دعم جبهات المقاومة، وأنها تظل ملتزمة بما تسميه “الإسناد العسكري” للفصائل الفلسطينية واللبنانية.
ويبدو أن إطلاقها لصاروخ “فلسطين2” يحمل رمزية كبيرة في هذه المرحلة، ويعبر عن تضامن فعلي، وليس مجرد دعم معنوي، مع النضال والمقاومة الفلسطينيين ضد الاحتلال.
وعلى الرغم من حملات التضليل الإعلامي لبعض دول الإقليم المناوئة لصنعاء والمتحالفة مع كيان الاحتلال الإسرائيلي، التي ذهبت للترويج بأن صنعاء قد تخلت عن استراتيجيتها ضد إسرائيل ورفعت حظرها المفروض على الملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر، فإن الهجمات الأخيرة، واستمرار فرض الحظر على الملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر، يدلان على عكس ذلك.
ولهذا أكدت القوات اليمنية، بلسان المتحدث الرسمي الجمعة الماضية، أن العمليات لن تتوقف حتى يُرفع العدوان عن غزة ولبنان. ويعد هذا الموقف بمثابة تحدٍّ صريح للسياسة الأمريكية الجديدة-القديمة التي ستتبناها إدارة ترامب المتحيزة لإسرائيل، بل ويعكس إصراراً يمنياً على إبقاء المواجهة مستمرة طالما لم يتحقق وقفٌ شامل للهجمات الإسرائيلية.
وبالإضافة إلى استهدافها لإسرائيل، تواصل صنعاء مواجهة تهديدات واشنطن في المنطقة؛ حيث أعلنت، بحسب بيانها الأخير، عن إسقاط طائرة أمريكية بدون طيار نوع MQ-9 أثناء تنفيذها مهام عدائية استطلاعية في أجواء محافظة الجوف شمال اليمن. وهذا الإعلان يتضمن رسالة مزدوجة وفق مراقبين: أولاً، أن قوات صنعاء مستعدة للتصدي لأي تهديد أمريكي مباشر، وثانياً، أنها قادرة على تحدي التفوق العسكري الأمريكي عبر تطوير قدراتها الدفاعية.
وتشير هذه التطورات إلى أن قوات صنعاء لن تتراجع عن موقفها إزاء التحولات السياسية الدولية، وتحديداً في علاقتها مع جبهات المقاومة، حتى مع عودة ترامب إلى الرئاسة.
كما ترى صنعاء أن دعمها العسكري للفصائل الفلسطينية واللبنانية المقاومة للاحتلال الإسرائيلي هو جزء من استراتيجية شاملة تتجاوز الرهانات الإقليمية والدولية، وبذلك، فإن المشهد العام يشي بمرحلة جديدة من التصعيد، قد تستمر طالما بقيت المعادلات السياسية والدعم الأمريكي لإسرائيل دون تغيير.