مفاوضات ذر الرماد على العيون..ما تم في قطاع غزة لن يتكرر في لبنان
تقرير – المساء برس.. هاشم الدرة|
تؤكد الشواهد في الميدان أن النظرة المتفائلة لما يتم تناوله في وسائل الإعلام عن المفاوضات لوقف إطلاق النار في الجبهة اللبنانية وتحقيق تقدم في مسارها ليس إلا محاولة أمريكية لذر الرماد على العيون.
هذا ما أكدته تصريحات المسؤولين اللبنانيين الذين تراجعوا عن تصريحات سابقة تتحدث عن احتمالية الإعلان عن وقف إطلاق نار مؤقت في جبهة لبنان بعد أن تم وضع المقترحات أمامهم من قبل الأمريكي الذي لا يمكن له أن يكون وسيطا في حرب هو من يشب نارها، لا سيما بعد أن أكدت تسريبات المقترحات أن واشنطن تتبنى الموقف الإسرائيلي الذي تجلى في تلك المقترحات.
وتتضمن مسوّدة الاتفاق، وفق ما نشره موقع أكسيوس التزاماً من جانب الحكومتين الإسرائيلية واللبنانية باتخاذ خطوات نحو التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701، وهذه المسودة تتيح للجانب الإسرائيلي اللعب في البقعة الرمادية، حيث لا يتضمن المقترح أي آلية لتطبيق الاتفاق، والأمر ذاته يصدق على حزب الله، الذي لن يتوقف أمام التحرك الإسرائيلي في تلك البقعة، وبالتالي فالمسودة لا تشكل أي قاعدة حقيقية للوصول إلى اتفاق ملزم للطرفين.
كما يتضمن المقترح السماح للطائرات الإسرائيلية بالتحليق في الأجواء اللبنانية الأمر الذي يعتبره حزب الله إعلان بالهزيمة وقبولها، فضلا عن كون هذا الأمر يعتبر خرق للسيادة اللبنانية، وتنازل فاضح يستحيل أن يقبله حزب الله.
كما أن المقترح تضمن التسليم بترسيم الحدود اللبنانية وفقا للرؤية الإسرائيلية ويتجاوز كونه بند للسماح بانتشار القوات الإسرائيلية في القرى والأراضي اللبنانية الحدودية.
وكان رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي قبل أيام قد بنى تفاؤلا بخصوص التوصل لوقف إطلاق النار على اتصال من مبعوث الولايات المتحدة الأمريكية “آموس هوكستين” أكد فيه أنه سيتوجه إلى تل أبيب للتوصل إلى تفاهم، غير أن ميقاتي قال في بيان له اليوم الجمعة إن كافة المؤشرات الدبلوماسية التي تلقاها لبنان من جميع الأطراف، والتصعيد الصهيوني على الأرض، جميعها تؤكد إصرار كيان العدو على المضي قدما في حربه ضد لبنان وشعبه.
وحمل المبعوث الأميركي “آموس هوكستين” حقائب العودة إلى واشنطن بعد أن أجرى مباحثات مع الجانب الإسرائيلي في “تل ابيب”، معلنا أنه لن يتوجه إلى بيروت وهي مؤشر على عدم وجود أي رؤية أو نية من كيان العدو للتهدئة، وأن الزيارة حملت مطالبا لبايدن إلى نتنياهو بالتهدئة حتى ما بعد الانتخابات الأمريكية، لاستمالة الناخبين العرب وفق وعود طرحها المرشح الديمقراطي، ولكن تصعيد الكيان الصهيوني يؤكد رفض نتنياهو لمطالب بايدن.
وكانت رويترز أعلنت عن مقترح وجه إلى لبنان بوقف إطلاق النار من جانب لبنان فقط، لإتاحة الفرصة للمجتمع الدولي للضغط على “إسرائيل” لكن ميقاتي خرج مرة أخرة ونفى ما أعلنت عنه رويترز.
مراقبون يرون في إعلان واشنطن سعيها لإجراء مناقشات تفضي لوقف إطلاق النار في لبنان ليست إلا جزءا من المناورات التكتيكية، المشابهة لتلك المقترحات التي تمت في قطاع غزة التي ساءت أحوالها بشكل أكبر بعد فشل كل محاولة لوقف إطلاق النار، ويراد من المناقشات في لبنان أن تتاح الفرصة للعدو لتنفيذ مخططاته وتجميع صفوفه المبعثرة في الجبهة البنانية بنفس الاسلوب الذي تم في قطاع غزة، لا سيما وأعداد قتلى الجنود الصهاينة في تزايد مطرد ما جعل العدو الصهيوني يفكر في استخدام تكتيكاته المخادعة كما فعل في غزة، وهذه التكتيكات لن تنجح مطلقا بالنظر إلى أن حزب الله يدرك أبعاد اللعبة الإسرائيلية.