العدوان الإسرائيلي على إيران.. النتيجة والمسارات التالية (تقرير)
خاص – المساء برس| تقرير: يحيى محمد الشرفي|
شهدت المنطقة حدثًا عسكريًا كبيرًا مع تنفيذ عدوان صهيوأمريكي استهدف مواقع عسكرية في إيران.
وتزامن الهجوم مع تحركات عسكرية وجوية واسعة في سماء سوريا والعراق في طريقها إلى إيران، وقد قوبل هذا العدوان بانتقادات واسعة في الأوساط الإسرائيلية، خاصة في صفوف المستوطنين والمعارضين لحكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. وركزت ردود الأفعال على وصف العملية بالفاشلة و”المخزية”، حيث لم تحقق النتائج التي هدد ووعد بتحقيقها نتنياهو من تعزيز الردع أو تدمير القدرات النووية الإيرانية.
التفاصيل العسكرية للهجوم
أعلنت وسائل إعلام أن الهجوم قد شمل استخدام 100 طائرة حربية إسرائيلية، من طرازات متعددة مثل F-35، وF-16، وF-15، بهدف ضرب عشرات المواقع الإيرانية.
الهجوم بدأ في الساعات الأولى من صباح يوم 26 أكتوبر 2024، مستهدفًا الدفاعات الجوية الإيرانية في ثلاث موجات متتالية انتهت بعد أكثر من أربع ساعات.
كانت الأهداف الرئيسية مواقع عسكرية ومنشآت متعلقة بالصواريخ البالستية الإيرانية، كما أكدت القوات الجوية الإيرانية أن الدفاعات الجوية الإيرانية قد تمكنت من صد الهجمات، وتقليص الأضرار إلى حدٍ كبير.
النقد الداخلي في إسرائيل:
الهجوم أضعف مما توقعه المستوطنون
أثار الهجوم موجة غضب واسعة بين الإسرائيليين، وخاصة المستوطنين الذين أعربوا عن استيائهم على منصات التواصل الاجتماعي، والذين وصفوا الهجوم بكلمة “دردلة”، وهي كلمة عامية تشير إلى ضعف الأداء وخيبة الأمل.
وظهرت تعليقات مستهزئة بهذا الهجوم ونتائجه، حيث تساءل كثيرون عن مزاعم الإدارة الأمريكية وحكومة نتنياهو المتعلقة بمعالجة ما يسمونه “الخطر الإيراني”، فيما ألقى البعض باللوم على نتنياهو، متهمينه بأنه استغل “فزاعة إيران” لكسب أصوات الناخبين في الانتخابات، دون اتخاذ خطوات حقيقية لتحقيق وعوده بضرب المنشآت النووية الإيرانية.
الإعلام العبري:
تراجع في قدرة الردع
في هذا المستوى، أفادت وسائل إعلام عبرية، مثل صحيفة “معاريف” وقناة “كان”، بأن الهجوم الأخير فشل في تعزيز الردع الإسرائيلي في المنطقة، مشيرةً إلى أن إيران لا تزال تشكل تهديدًا واضحًا لإسرائيل رغم الضربات الجوية، كما ذكر مراسل قناة “كان”، روعي كايتس، بشكل ساخر أن “المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، يمكنه العودة للنوم بسلام”. ونقلت وسائل إعلام عبرية عن مصادر إسرائيلية أنها أكدت أن نتائج الهجوم لم ترتقِ إلى المستوى المتوقع، وأن استعادة إسرائيل لتفوقها الردعي قد تستغرق سنوات، خاصة مع تزايد قدرات إيران الدفاعية والهجومية.
المعارضة الإسرائيلية:
حكومة نتنياهو أهدرت فرصة تحقيق الأهداف الاستراتيجية
أما السياسيون من المعارضة أعربوا وأبرزهم زعيم حزب “هناك مستقبل” يائير لابيد، عن خيبة أملهم في حكومة نتنياهو، حيث وصف الهجوم بأنه كان “فرصة ضائعة” لضرب الأهداف الاستراتيجية في إيران.
واعتبر لابيد أن الضغوط الأمريكية منعت إسرائيل من تحقيق أهداف أكبر مثل تدمير المنشآت النووية، وهو ما كان ينبغي للحكومة الإسرائيلية التحرك لتحقيقه حسب تعبيره، خصوصًا في ظل الدعم الأمريكي والتنسيق العسكري بين الجانبين.
ومن جهته، أبدى أفيغدور ليبرمان، رئيس حزب “إسرائيل بيتنا”، استياءه مما اعتبره اكتفاء الحكومة بـ”الاستعراض” الإعلامي دون خطوات ملموسة.
الدبلوماسية الإيرانية وتأثيرها على مسار الهجوم
في سياق متصل أيضاً، أشارت تقارير إلى أن الجهود الدبلوماسية الإيرانية خلال الأسابيع السابقة للهجوم كان لها دور مؤثر في منع استخدام الأراضي الخليجية والأردنية كمنصات لانطلاق العدوان، حيث وجهت إيران تحذيرات شديدة اللهجة لجيرانها، مما ساهم في تغيير مسار الهجوم ليقتصر على المجال الجوي السوري والعراقي الخاضعين للسيطرة الأمريكية.
ووفقًا لمصادر إيرانية، فإن هذه التحذيرات جنبت تلك الدول تبعات المشاركة في الهجوم، وسمحت لإيران بالتصدي الفعّال للهجمات.
التساؤلات حول الرد الإيراني
أثار الهجوم الإسرائيلي تساؤلات حول رد الفعل الإيراني، حيث أعلنت إيران أنها سترد على الهجوم بالطريقة المناسبة وتركت الأمر مفتوح، ورغم أنها اكتفت في البداية بإظهار قدرتها على صد الهجوم وتقليل الأضرار، إلا أنها أكدت على عدم التقليل من الهجوم وأيضاً عدم تضخيمه اكبر من حجمه، كما قدمت إيران شكوى رسمية ضد إسرائيل في مجلس الأمن ودعت لعقد جلسة طارئة للمجلس اليوم.
وعلى صعيد آخر ذهب مراقبون إلى اعتقاد أن إيران قد تختار عدم التصعيد، خاصة إذا كان ذلك يصب في مصلحتها للحفاظ على التركيز على العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والعدوان الإسرائيلي على لبنان والمواجهات الآن بين جيش الاحتلال والمقاومة اللبنانية على الشريط الحدودي بين فلسطين المحتلة وجنوب لبنان،
من جهة أخرى، تطرح بعض التحليلات احتمال أن تؤجل إيران ردها إلى ما بعد الانتخابات الأمريكية، انتظارًا لتغيرات محتملة في السياسة الأمريكية قد تعيد فتح باب المفاوضات.
ويبقى الوضع الإقليمي متوترًا ومعقدًا، حيث لم يحقق الهجوم الصهيوأمريكي على إيران أهدافه في تعزيز الردع الإسرائيلي، بل أثار موجة استياء داخل الكيان الإسرائيلي وألقى بظلال الشك حول قدرة إسرائيل على المواجهة امام إيران وعزز من فرضية ضعف الكيان الصهيوني.
وفي حين يراقب المجتمع الدولي رد فعل إيران، يبقى التساؤل مطروحًا حول مستقبل المنطقة، وهل سيؤدي هذا التصعيد إلى تجديد المواجهات أو الدفع نحو مسار دبلوماسي ينهي العدوان الصهيوني على المنطقة.