معركة الاستنزاف تشتعل على الجبهة الشمالية للاحتلال الإسرائيلي

خاص – المساء برس| تقرير: يحيى محمد الشرفي|

تشهد الساعات الأخيرة تصعيدًا كبيرًا في العمليات العسكرية على الجبهة اللبنانية الفلسطينية، حيث تتواصل المعارك العنيفة بين المقاومة اللبنانية بقيادة حزب الله وقوات الاحتلال الإسرائيلي.

العمليات الأخيرة، سواء من جهة المقاومة أو القصف الإسرائيلي المكثف على عدة مناطق لبنانية، تشير إلى تحول كبير في طبيعة الصراع، مع تزايد استهداف البنية التحتية والمواقع العسكرية من كلا الجانبين.

استراتيجية المقاومة: الهجوم المضاد والردع

من الواضح أن المقاومة اللبنانية قد رفعت من وتيرة عملياتها العسكرية ضد العدو الإسرائيلي خلال الساعات الـ24 الماضية، مركزة ضرباتها على مراكز تجمع الجنود والمواقع الحيوية للعدو. كما أن عمليات القصف الصاروخي التي طالت مستوطنات إسرائيلية مثل “كريات شمونة” و”كرمئيل”، إضافة إلى استهداف تجمعات الجنود في مواقع مثل المالكية ومركبا، تعكس قدرة المقاومة على توجيه ضربات دقيقة ومنسقة ضد العدو.

كما أن إسقاط المقاومة لمسيرة إسرائيلية من نوع “هرمز 900” يؤكد تفوقها في مجال الدفاع الجوي، حيث تمكنت من تحييد إحدى الوسائل الهامة التي يعتمد عليها الاحتلال في تنفيذ عملياته الاستطلاعية والهجومية. وبالتزامن مع ذلك، استهدفت المقاومة مربض المدفعية في “أودم” وقواعد أخرى، مما يشير إلى نية المقاومة تقويض القدرات النارية للعدو وإضعاف تحركاته على الجبهة الشمالية.

الرد الإسرائيلي: تصعيد عنيف واستهداف المدنيين

على الجانب الآخر، رد الاحتلال الإسرائيلي على عمليات المقاومة بقصف مكثف طال العديد من المناطق اللبنانية، في محاولة للضغط على المقاومة عبر استهداف البنية التحتية والمدنيين. فالغارات الإسرائيلية استهدفت مناطق مثل صور، الشهابية، النبطية، وبعلبك، حيث سقط العديد من الشهداء، المدنيين بينهم أطفال، في هجمات استهدفت منازل ومناطق مأهولة بالسكان.

أبرز هجمات العدوان الإسرائيلي:

ويرى مراقبون إن استهداف الاحتلال الإسرائيلي لمركز القرض الحسن في صور والشهابية، يأتي بمثابة محاولة واضحة من الكيان الصهيوني لضرب البنية التحتية الاقتصادية التي تعتبر جزءًا من دعم المقاومة.

أما قصف بعلبك وسهل بدنايل، واللذين أديا إلى سقوط عدد كبير من الشهداء والجرحى، فيعكس تصعيدًا إسرائيليًا ضد المناطق السكنية البعيدة عن خط المواجهة المباشر.

وفيما يتعلق باستهداف الهرمل والبقاع عبر الغارات التي شنتها الطائرات الإسرائيلية على هذه المناطق، والتي أدت إلى استشهاد عدة مدنيين، بينهم أطفال، فتُظهر محاولات الاحتلال توسيع رقعة الاستهداف لتشمل مناطق جديدة في محاولة لترهيب الشعب اللبناني.

المعادلة الجديدة: تكتيك الضربات المتبادلة

ما يميز هذا التصعيد هو التحول من مواجهة على نطاق محدود إلى عمليات واسعة النطاق من كلا الطرفين. فالمقاومة اللبنانية تبدو مصممة على توسيع هجماتها ضد المستوطنات والمواقع العسكرية الإسرائيلية، في حين يحاول الاحتلال الضغط على المقاومة عبر ضرب المدنيين وتدمير البنية التحتية.

العدوان الإسرائيلي المكثف على مناطق مثل الطيبة والخيام وبعلبك وغيرها يُظهر رغبة العدو في إضعاف المقاومة عبر استهداف العمق اللبناني، بينما يستمر حزب الله في توجيه ضرباته نحو نقاط تجمع الجيش الإسرائيلي في الأطراف الشمالية لفلسطين المحتلة، مما يُدخل العدو في حالة من الاستنزاف المتواصل.

البعد النفسي والاستراتيجي في الصراع

إلى جانب التكتيكات العسكرية، يبدو أن الحرب النفسية تلعب دورًا أساسيًا في هذه المواجهة. فالمقاومة تعتمد بشكل كبير على توجيه رسائل قوية من خلال ضرباتها الصاروخية الدقيقة، مدعومة ببيانات الإعلام الحربي التي توثق الهجمات وتظهر قدرات المقاومة في استهداف العدو في عمق مواقعه.

في المقابل، يبدو أن الاحتلال يحاول زعزعة صمود الشعب اللبناني عبر استهداف المدنيين والبنية التحتية. فالضربات الجوية المكثفة التي استهدفت المنازل والمرافق الحيوية تعكس رغبة الكيان الصهيوني في إجبار المقاومة على التراجع عبر إحداث أكبر قدر من الأضرار في المناطق المدنية، إلا أن هذا النهج قد يأتي بنتائج عكسية، حيث يعزز من صمود الشعب اللبناني ودعمه للمقاومة.

الفشل الإسرائيلي في كسر الإرادة اللبنانية

على الرغم من التصعيد الإسرائيلي ومحاولاته المستمرة لضرب المقاومة في العمق، إلا أن العمليات الإسرائيلية لم تحقق حتى الآن النتائج المرجوة. حيث فشلت الغارات في تحقيق اختراق استراتيجي كبير، فيما تستمر المقاومة في ضرب العمق الإسرائيلي، مما يزيد من الضغط على حكومة الاحتلال ويخلق حالة من الرعب بين المستوطنين في المناطق المستهدفة بصليات الصواريخ التي لا تزال غير مُخلاة من المستوطنين.

كما أن تصريحات الأهالي اللبنانيين، مثل والد الشهيدين من بلدة البابلية، الذي أكد أن “استشهاد أبنائه شرف لهم”، تعكس التفاف الشعب حول المقاومة، مما يجعل من الصعب على الكيان الصهيوني تحقيق أهدافه في إضعاف الروح المعنوية للبنانيين.

تصاعد مفتوح على جميع الاحتمالات

في ظل استمرار هذا التصعيد، يبدو أن المنطقة مقبلة على مزيد من الاشتباكات والمعارك. المقاومة اللبنانية أثبتت قدرتها على الصمود والمبادرة في مواجهة أعتى الآلات العسكرية الإسرائيلية، بينما يحاول الاحتلال الإسرائيلي اللجوء إلى تكتيك العقاب الجماعي عبر استهداف المدنيين.

ومع تزايد الضغوط على الجانبين، يبقى التصعيد مفتوحًا على جميع الاحتمالات، بما في ذلك احتمال توسيع رقعة المواجهات لتشمل مناطق جديدة في لبنان أو حتى الأراضي الفلسطينية المحتلة. فيما الأكيد أن المقاومة اللبنانية قد رسخت معادلة جديدة تقوم على الردع المتبادل، حيث باتت أي محاولة إسرائيلية للتقدم أو التصعيد تقابل برد فوري ومؤلم من المقاومة، مما يضع إسرائيل في مأزق استراتيجي قد يمتد لفترة طويلة.

قد يعجبك ايضا