السنوار: رؤية ديناميكية للصراع
ميشال نوفل – وما يسطرون|
كان ضرورياً بالمفهوم الجيواستراتيجي، ومرغوباً من زاوية التطلعات القومية، إطلاق مبادرة تعيد الاعتبار إلى مركزية القضية الفلسطينية، وتضع حداً لموجة التطبيع العربية الرسمية مع الكيان الصهيوني، بعدما بلغت العتبةَ السعودية المقدّسة في ظل رعاية أميركية حثيثة وصمت عربي مثير للريبة والغضب.
بل كان مطلوباً قلب المعادلة الاستراتيجيّة، عبر كسر التوازن بين قاعدة المقاومة في غزّة وإسرائيل، وتجاوز حال التوازن المزيّفة بين السلطة الفلسطينيّة وإدارة الاحتلال في الضفة الغربية والقدس، والأهم إعادة تموضع الكفاح المسلح داخل حدود فلسطين “من النهر إلى البحر”.
واستناداً إلى هذه الرؤية الديناميكية، تبلورت خطة “طوفان الأقصى” التي أطاحت، في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2003، المنظومة الأمنية الإسرائيليّة وأعادت إلى بساط البحث مسألة وجود الكيان الصهيوني كملاذٍ آمن، مثلما وجّهت ضربة كبيرة إلى السياسات العربية الأميركية في شأن التطبيع مع إسرائيل، خصوصاً التخطيط الدؤوب الذي كان يسعى إلى إنهاء القضية الفلسطينية من خلال الدفع بعملية تطبيع العلاقات بين الدولة اليهودية والمملكة العربية السعودية انطلاقاً من اتفاقيات أبراهام.
وفي غمرة تشكّل المعادلة الجديدة، شهدت حركة حماس في قطاع غزّة تحوّلات عميقة على الصعيدين التنظيمي والأيديولوجي: برز خطاب وطني جامع يستوعب الإنجازات التاريخية لحركة “فتح” على لسان القائد الشهيد يحيى السنوار، واستقلّت القيادة العسكرية في القطاع في صنع قرارها إزاء المراكز القيادية الأخرى في الخارج، وراح يتبلور خط سياسي أيديولوجي يقدّم المقاومة المسلحة لتحقيق أهداف التحرير والاستقلال على الوسائل السياسية الأخرى، ويتخفّف من أعباء الإدارة البيروقراطية لـ”القاعدة الآمنة” لمصلحة التحول إلى منصة للعمل الثوري، وهو الأمر الذي تُرجم في حملات التعبئة لاختراق السور الفاصل عن منطقة غلاف غزّة، وصولاً إلى “طوفان الأقصى” الذي أعاد ربط القطاع بالضفة الغربية والقدس وأراضي 48.
كانت حركة حماس حتى عام 2017 تعمل إلى حدٍّ كبير تحت مظلة قادتها في عمّان ودمشق والدوحة. لكن هذا الوضع تغيّر على ما يبدو، عندما تسلّم يحيى السنوار قيادة حماس في غزّة فاختبرت الحركة عندئذٍ تحوّلاً تنظيمياً نحو القطاع. وإلى انتزاع القطاع استقلالية أكبر عن قيادة حماس في الخارج، تولّى السنوار عملية تجديد استرتيجية لحركة حماس بصفة كونها قوة قتالية في غزّة، خصوصاً اعتماد تدابير هجومية ضد إسرائيل وربط قطاع غزّة بالكفاح الفلسطيني المركزي.
ويُنسب إلى القائد الشهيد السنوار تعديل استراتيجية الحركة لكي تتناغم مع التطورات السوسيولوجية في الضفّة الغربيّة والقدس، وتحوّل معركة المسجد الأقصى إلى محور أساسي في الصراع مع إسرائيل.
وقد اضطلع السنوار بدور حاسم في بناء الجناح العسكري لحركة حماس في الثمانينيات من القرن الماضي، وهو أمضى في حينه 22 عاماً في السجون الإسرائيليّة حيث تعلّم اللغة العبرية وبذل جهداً واسعاً في دراسة الشؤون الإسرائيليّة. وخرج من المعتقل في أكتوبر/تشرين الأول 2011 في إطار صفقة الجندي جلعاد شاليط.
إن مفهوم القوة الهجومية وتأكيد القوة، هو في نظر السنوار مفتاح القدرة على تمهيد الطريق لدحر الاحتلال وفرض التراجع على العدو. وقد وضع هذا المفهوم قيد التنفيذ في قطاع غزّة في ظل سيطرة حماس على القطاع عقب فوزها في انتخابات 2006، سعياً إلى انتزاع المزيد من التنازلات من إسرائيل، فيما استمر توسيع “كتائب القسام” التي كان يُقدّر عدد مقاتليها بأكثر من 30 ألف مقاتل.
خلال عامي 2018 و 2019 تمكّنت قيادة السنوار من فرض تخفيف نسبيٍّ للحصار الإسرائيليّ على القطاع عبر تنظيم “مسيرات العودة” على الحواجز مع الاحتلال، وما لبثت حركة حماس أن وجّهت إلى الحدود هذه الاحتجاجات الأسبوعية التي استقطبت عشرات الألوف اعتراضاً على الحصار، كما أطلقت الصواريخ والبالونات الحارقة باتجاه المستعمرات جنوب فلسطين المحتلة. ونتيجةً لاستراتيجية الضغط هذه وافقت إسرائيل عقب سلسلة من الاتفاقات على الفتح المحدود للعديد من المعابر الحدودية، فضلاً عن زيادة أموال المساعدة القطرية لتغطية رواتب موظفي الخدمة المدنية.
كان لافتاً منذ عام 2021 الحرص الذي أبدته قيادة حماس على العمل المشترك مع فصائل المقاومة الأخرى ضدّ التهديد الإسرائيلي المتزايد للمسجد الأقصى في القدس. وفي هذا السياق جاء هجوم 7 أكتوبر بمشاركة فصائل المقاومة الفلسطينيّة الأخرى وفي مقدّمها حركة الجهاد الإسلامي، وذلك في نطاق “طوفان الأقصى” واعتماد مفهوم القوّة الهجومية في ميدان الصراع المستمر مع إسرائيل.
واستناداً إلى هذه الرؤية الديناميكية، تبلورت خطة “طوفان الأقصى” التي أطاحت، في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2003، المنظومة الأمنية الإسرائيليّة وأعادت إلى بساط البحث مسألة وجود الكيان الصهيوني كملاذٍ آمن، مثلما وجّهت ضربة كبيرة إلى السياسات العربية الأميركية في شأن التطبيع مع إسرائيل، خصوصاً التخطيط الدؤوب الذي كان يسعى إلى إنهاء القضية الفلسطينية من خلال الدفع بعملية تطبيع العلاقات بين الدولة اليهودية والمملكة العربية السعودية انطلاقاً من اتفاقيات أبراهام.
وفي غمرة تشكّل المعادلة الجديدة، شهدت حركة حماس في قطاع غزّة تحوّلات عميقة على الصعيدين التنظيمي والأيديولوجي: برز خطاب وطني جامع يستوعب الإنجازات التاريخية لحركة “فتح” على لسان القائد الشهيد يحيى السنوار، واستقلّت القيادة العسكرية في القطاع في صنع قرارها إزاء المراكز القيادية الأخرى في الخارج، وراح يتبلور خط سياسي أيديولوجي يقدّم المقاومة المسلحة لتحقيق أهداف التحرير والاستقلال على الوسائل السياسية الأخرى، ويتخفّف من أعباء الإدارة البيروقراطية لـ”القاعدة الآمنة” لمصلحة التحول إلى منصة للعمل الثوري، وهو الأمر الذي تُرجم في حملات التعبئة لاختراق السور الفاصل عن منطقة غلاف غزّة، وصولاً إلى “طوفان الأقصى” الذي أعاد ربط القطاع بالضفة الغربية والقدس وأراضي 48.
كانت حركة حماس حتى عام 2017 تعمل إلى حدٍّ كبير تحت مظلة قادتها في عمّان ودمشق والدوحة. لكن هذا الوضع تغيّر على ما يبدو، عندما تسلّم يحيى السنوار قيادة حماس في غزّة فاختبرت الحركة عندئذٍ تحوّلاً تنظيمياً نحو القطاع. وإلى انتزاع القطاع استقلالية أكبر عن قيادة حماس في الخارج، تولّى السنوار عملية تجديد استرتيجية لحركة حماس بصفة كونها قوة قتالية في غزّة، خصوصاً اعتماد تدابير هجومية ضد إسرائيل وربط قطاع غزّة بالكفاح الفلسطيني المركزي.
ويُنسب إلى القائد الشهيد السنوار تعديل استراتيجية الحركة لكي تتناغم مع التطورات السوسيولوجية في الضفّة الغربيّة والقدس، وتحوّل معركة المسجد الأقصى إلى محور أساسي في الصراع مع إسرائيل.
وقد اضطلع السنوار بدور حاسم في بناء الجناح العسكري لحركة حماس في الثمانينيات من القرن الماضي، وهو أمضى في حينه 22 عاماً في السجون الإسرائيليّة حيث تعلّم اللغة العبرية وبذل جهداً واسعاً في دراسة الشؤون الإسرائيليّة. وخرج من المعتقل في أكتوبر/تشرين الأول 2011 في إطار صفقة الجندي جلعاد شاليط.
إن مفهوم القوة الهجومية وتأكيد القوة، هو في نظر السنوار مفتاح القدرة على تمهيد الطريق لدحر الاحتلال وفرض التراجع على العدو. وقد وضع هذا المفهوم قيد التنفيذ في قطاع غزّة في ظل سيطرة حماس على القطاع عقب فوزها في انتخابات 2006، سعياً إلى انتزاع المزيد من التنازلات من إسرائيل، فيما استمر توسيع “كتائب القسام” التي كان يُقدّر عدد مقاتليها بأكثر من 30 ألف مقاتل.
خلال عامي 2018 و 2019 تمكّنت قيادة السنوار من فرض تخفيف نسبيٍّ للحصار الإسرائيليّ على القطاع عبر تنظيم “مسيرات العودة” على الحواجز مع الاحتلال، وما لبثت حركة حماس أن وجّهت إلى الحدود هذه الاحتجاجات الأسبوعية التي استقطبت عشرات الألوف اعتراضاً على الحصار، كما أطلقت الصواريخ والبالونات الحارقة باتجاه المستعمرات جنوب فلسطين المحتلة. ونتيجةً لاستراتيجية الضغط هذه وافقت إسرائيل عقب سلسلة من الاتفاقات على الفتح المحدود للعديد من المعابر الحدودية، فضلاً عن زيادة أموال المساعدة القطرية لتغطية رواتب موظفي الخدمة المدنية.
كان لافتاً منذ عام 2021 الحرص الذي أبدته قيادة حماس على العمل المشترك مع فصائل المقاومة الأخرى ضدّ التهديد الإسرائيلي المتزايد للمسجد الأقصى في القدس. وفي هذا السياق جاء هجوم 7 أكتوبر بمشاركة فصائل المقاومة الفلسطينيّة الأخرى وفي مقدّمها حركة الجهاد الإسلامي، وذلك في نطاق “طوفان الأقصى” واعتماد مفهوم القوّة الهجومية في ميدان الصراع المستمر مع إسرائيل.