كيان الاحتلال أمام مفترق طرق.. بين ضرورة وقف الحرب الآن وإطالتها بلا أفق (مبررات كل طرف)
خاص – المساء برس| تقرير: يحيى محمد الشرفي|
في خضم الحرب الحالية بين كيان الاحتلال الإسرائيلي وحزب الله في لبنان، تتباين المواقف داخل الكيان الإسرائيلي بشكل ملحوظ حول مسألة استمرار الحرب أو وقفها.
هذا التباين يظهر بين جهات تدفع نحو إنهاء سريع للحرب تحقيقاً لمكاسب استراتيجية ودبلوماسية، وأخرى تسعى إلى إطالة أمد الصراع لتحقيق أهداف سياسية أو شخصية.
المؤيدون لوقف الحرب
يتزعم التيار الداعي إلى وقف الحرب الآن عدة جهات داخل القيادة العسكرية الإسرائيلية، التي تشعر بالألم الأكبر من استمرار الحرب بسبب الخسائر الباهظة داخل جيش الاحتلال وتسارع استنزافه بما في ذلك استنزاف الذخيرة، مستندين إلى أن الكيان “قد حقق أهدافًا كبرى في ساحات القتال، مما يجعله في موقع يسمح ببدء عملية دبلوماسية ناجحة” حسب تصريحات قيادات عديدة في جيش الاحتلال ويائير لابيد وقادة عسكريين وأمنيين سابقين والولايات المتحدة ودول غربية داعمة للكيان. هؤلاء يرون أن:
1- ما يسمونه “الإنجازات العسكرية”، مثل اغتيال قيادات رئيسية في حزب الله وحماس، و”إضعاف قدراتهما العسكرية” من وجهة نظرهم، تعد “فرصة حقيقية لبدء مفاوضات دبلوماسية”.
2- استشهاد يحيى السنوار في غزة، يعتبر من وجهة النظر الإسرائيلية “إنجازاً رمزياً يمكن استثماره سياسيًا لوقف الحرب وتحقيق تسوية تضمن مكاسب دبلوماسية واستراتيجية”.
3- الخسائر البشرية والاقتصادية التي تكبدها الكيان خلال المعارك تدفع جيش الاحتلال ومؤسساته الأمنية إلى تفضيل إنهاء الحرب في أسرع وقت، خشية الدخول في حرب استنزاف طويلة.
4- الحرب الطويلة تضر بالاقتصاد والمعنويات لكيان الاحتلال، ولا قدرة للكيان على تحملها، خصوصاً مع استنزاف الذخيرة والموارد.
المطالبون بإطالة الحرب
في المقابل، يقف رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو وحلفاؤه من اليمين المتطرف وأبرزهم بيني غانتس ويوآف غالانت ومنظمة عمال الصناعات الجوية وبن غفير وسموتريتش، كأبرز القوى التي تسعى لإطالة أمد الحرب، ودوافع هؤلاء ليست عسكرية بحتة، بل ترتبط بمصالح سياسية وشخصية:
1- فنتنياهو يستفيد من استمرار الحرب لتشديد قبضته على السلطة والهروب من الملاحقات القضائية المتعلقة بتهم الفساد. كما يسعى لتوسيع نطاق الحرب نحو إيران لجذب دعم الولايات المتحدة وتحويل الصراع إلى معركة إقليمية.
2- اليمين المتطرف، الذي يروج لقدرة الكيان على خوض حرب طويلة الأمد، يسعى لاستمرار الصراع، مستنداً إلى أهداف عقائدية واستراتيجية تقوم على إخضاع المقاومة اللبنانية والفلسطينية بالكامل، واحتلال أراضي جديدة بما في ذلك الضفة الغربية وغزة وأجزاء من لبنان، كخطوات إضافية نحو الوصول لما يسمى (إسرائيل الكبرى).
3- الربط بين استسلام حزب الله وإنهاء الحرب: هؤلاء يرون أن الحرب يجب أن تستمر حتى تحقيق استسلام كامل من قبل حزب الله، معتبرين أن أي وقف للقتال الآن سيكون بمثابة نصف انتصار لا يحقق الأهداف النهائية، وهؤلاء يستندون في رؤيتهم إلى ما يؤكدونه بأنه الدعم العربي القوي لتحقيق هذا الهدف في إشارة إلى كل من السعودية والإمارات والأردن ودول أخرى.
العوامل الدولية وتأثيرها
التأثير الخارجي، خصوصاً من الولايات المتحدة والغرب، يلعب دورًا في تحديد مسار الحرب، فهناك خشية غربية من أن تتحول المعركة إلى حرب إقليمية طويلة الأمد، مما يدفع بعض الأطراف الدولية إلى الضغط من أجل التهدئة.
في الوقت نفسه، يرى البعض أن التدخلات الدولية قد تؤدي إلى إطالة أمد الحرب بدلاً من إنهائها، بسبب السعي لتجنب حرب إقليمية شاملة على حساب تحقيق الحسم العسكري في لبنان.
الغرق في الوحل اللبناني
من ناحية أخرى، هناك مخاوف داخل القيادة الإسرائيلية من أن استمرار الحرب قد يؤدي إلى “الغرق في الوحل اللبناني”، إذ يشير هذا التيار إلى أن القضاء على حزب الله يتطلب سنوات من المعارك الطويلة والمكلفة، في ظل تعقيد المعركة على الأرض وطبيعة حزب الله كقوة عسكرية منظمة لا يمكن هزيمتها بسهولة. ومع تعقيد الأوضاع، تزيد احتمالية توسع الحرب إلى ساحات أخرى، مما قد يغرق الكيان في صراع طويل الأمد على عدة جبهات.
انقسام
وبينما ترى قيادة الجيش والمؤسسات الأمنية أن الوقت قد حان لإنهاء الحرب وتحصيل مكاسب دبلوماسية، يبقى نتنياهو واليمين المتطرف معرقلين رئيسيين لهذا التوجه، مستفيدين من استمرار الصراع لتحقيق أهداف شخصية واستراتيجية. هذا التباين يضع الكيان أمام مفترق طرق بين تحقيق تسوية سياسية أو الانزلاق في حرب طويلة الأمد ذات تكاليف باهظة.