ضربة غولاني وكمين بليدا.. تصريحات الجنود وأهاليهم تكشف تصدعات خطيرة داخل جيش الاحتلال
خاص – المساء برس| تقرير: يحيى محمد الشرفي|
عمليتان للمقاومة اللبنانية كشفتا عن انهيار في الجبهة الداخلية للاحتلال الإسرائيلي وتآكل في ثقة “الجيش”.
تتزايد التصدعات داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية بشكلٍ غير مسبوق، مع تكشف الثغرات الكبيرة التي تواجهها، خاصة بعد ضربة قاعدة غولاني في جنوب حيفا، التي كشفت عن خلل جوهري في بنية جيش الاحتلال الإسرائيلي.
هذه العملية، إلى جانب سلسلة من التطورات المتلاحقة، قد تمثل بداية انهيار في تماسك الجيش الذي طالما كان يُنظر إليه باعتباره العمود الفقري لـ”الأمن الإسرائيلي”.
إن ضربات المقاومة اللبنانية المتتالية، والقدرة العالية على اختراق الدفاعات الإسرائيلية التي صاحبت الأداء العملياتي على مدى الأسبوعين الماضيين، ليست مجرد نصر عسكري، بل هي انتصار معنوي في حرب نفسية تتكشف معالمها يوماً بعد يوم. فالمقاومة اللبنانية، بقيادتها العسكرية الجديدة الحازمة وإمكاناتها الميدانية الفعّالة، تمكنت من كسر هيبة جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي لطالما تفاخرت به المؤسسة السياسية الإسرائيلية أمام جمهورها الداخلي والعالمي.
كشف الثغرات: فشل في القيادة وضياع الثقة
الضربة على قاعدة غولاني كشفت بوضوح هشاشة الاستعدادات العسكرية الإسرائيلية. فقلة الجهوزية النفسية لجنود الاحتلال، وخلل القيادة في التعامل مع الأزمات، أسفرا عن حالة من الارتباك والفوضى في صفوف جيش الاحتلال. وهذا ما تكشفه تصريحات الجنود الناجين من الهجوم حسب ما أوردته الصحف العبرية التي رصدها “المساء برس” الأيام القليلة الماضية، هذه التصريحات التي كانت بمثابة شهادة حيّة على حالة الذعر والارتباك التي أصابت القوة العسكرية الإسرائيلية، حيث عبروا عن صدمتهم من حجم الخسائر وعن تراجع دافعيتهم للمشاركة في القتال.
أحد الجنود الذين كانوا في القاعدة صرّح قائلاً: “لم أكن أتصور أبداً أن أكون في ساحة معركة داخل إسرائيل… لم نكن مستعدين نفسياً لمواجهة هذا الهجوم المفاجئ.”، وقال جندي آخر “رأيت غرفة الطعام مليئة بالدماء ومدمرة، رأيت مشاهد مروعة، جرحى كانوا أحياء بالتأكيد وماتوا بالتأكيد، كان الجنود في البداية مترددين في الاقتراب من الجثث والجرحى لأنه كان مشهدا صادما”، وقال ثالث “لقد انزلقنا على الأرض بسبب كمية الدماء، لقد كان مروعاً حقا”، وقال رابع “استمرار الحرب يؤدي لأضرار نفسية وإذا استمر الجيش بسياسته الحالية لن يجد مزيدا من الجنود”، هذه التصريحات تكشف عن الضعف العميق في بنية الجيش، الذي يُفترض أن يكون جاهزًا لمواجهة التحديات سواء على الجبهة الأمامية أو داخل المعسكرات الآمنة.
ما يزيد من خطورة الموقف هو أن الجيش الإسرائيلي، الذي يواجه حرباً طويلة مع المقاومة اللبنانية، أصبح عاجزًا عن الحفاظ على التماسك الداخلي. الجنود يشعرون بخيبة أمل شديدة، وعائلاتهم تفقد الثقة في القيادة العسكرية والسياسية. هذه المواقف تذكرنا بحركة “الأمهات الأربع” التي قادت حملة احتجاجية خلال حرب لبنان الأولى، والتي ساهمت في الضغط على الحكومة الإسرائيلية للانسحاب.
تصاعد التوترات: شرخ في العلاقة بين الجنود وقيادتهم
لم يكن الحدث المتفجر في قاعدة غولاني معزولاً عن سياق أوسع من التوترات داخل جيش الاحتلال الإسرائيلي. فمنذ كمين “بليدا” في جنوب لبنان، تكشّفت عدة ثغرات في الأداء العملياتي لجيش الكيان. حيث قرر قائد القوة التوغل البري داخل الحدود في جنوب لبنان في ساعات الفجر مستغلاً أجواء الضباب في المنطقة، لكن وقعت القوة في فخ محكم نصبته المقاومة اللبنانية، حيث جرّوا جنود العدو إلى مواجهة على مسافة صفر، ما أدى إلى سقوط العديد من القتلى والجرحى بينهم قائد القوة وقائد آخر، إضافة إلى محاولات أسر جنود آخرين وجثث القتلى.
أدى هذا الفشل الميداني إلى انهيار الثقة بين الجنود وقادتهم، حيث شهدت وحدات النخبة مثل وحدة “إيغوز” احتجاجات شديدة، وتهديدات من الجنود بالتوقف عن المشاركة في العمليات القتالية ما لم تُتخذ إجراءات جذرية لتصحيح الأخطاء. كما وصف الجنود القرارات القيادية بأنها متهورة وغير مهنية، واعتبروا أن حياتهم تُدار باستهتار، حيث قال أحد الجنود: “لم نعد نثق بقيادتنا، إنهم يعرضون حياتنا للخطر دون أدنى اعتبار.”
ثغرات بنيوية: جيش الاحتلال الإسرائيلي يفقد السيطرة
الثغرات البنيوية التي ظهرت خلال العمليات العسكرية ليست مجرد مشاكل تكتيكية، بل تشير إلى أزمة أكبر تتمثل في تراجع الروح القتالية عند جيش الاحتلال. فالمقاومة اللبنانية نجحت في توجيه ضربات دقيقة إلى مناطق استراتيجية داخل كيان إسرائيل، ما تسبب في انهيار الشعور بالأمان الذي كان يُعتبر ركيزة أساسية لهذا الكيان.
إن ضعف القيادة الإسرائيلية وتردد الجنود في مواجهة الهجمات المتزايدة يشكل فرصة كبيرة للمقاومة. فالتأثيرات النفسية لهذه العمليات تتجاوز حدود ساحة المعركة، لتصل إلى قلب المجتمع الإسرائيلي الذي بات يشعر بعدم الأمان. هذا التآكل في الروح المعنوية هو أحد الأهداف الرئيسية لحرب المقاومة، التي لا تعتمد فقط على القوة العسكرية، بل تسعى إلى كسر إرادة العدو وتحطيم معنوياته.
تداعيات خطيرة: هل اقتربت نهاية الهيمنة العسكرية الإسرائيلية؟
مع استمرار المقاومة اللبنانية في تحقيق انتصارات ميدانية ونفسية، يبدو أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يقترب من نقطة اللاعودة. فـ”قدسية الجيش الإسرائيلي بدأت تتآكل” بحسب تعبير جنود الاحتلال وأهاليهم في حديثهم للصحافة العبرية، وهناك دعوات متزايدة في الداخل الإسرائيلي لاستبدال القيادة العسكرية بعد فشلها في حماية الجنود وفشلها في تقديم إجابات مقنعة لعائلاتهم. كما أن الدعوات لإجراء تحقيقات مستقلة ومحاسبة القيادات المتورطة في القرارات الفاشلة أصبحت تتزايد يوماً بعد يوم.
تصريحات العائلات التي فقدت أبنائها، والجنود الذين عايشوا هذه “الأحداث المروعة” حسب تعبير الصحافة العبرية، تعكس حالة من الغضب الشعبي تجاه المؤسسة العسكرية. كما أن عدم قدرة الجيش على مواجهة هجمات المقاومة بأساليب مبتكرة وفعالة قد يُسرع من انهيار الثقة به كمؤسسة قادرة على حماية الكيان المحتل.
المقاومة اللبنانية في طريقها إلى حسم الحرب النفسية
نجحت المقاومة اللبنانية في استغلال الثغرات البنيوية في جيش الاحتلال الإسرائيلي، وأثبتت أن القوة العسكرية وحدها لا تكفي لتحقيق النصر في مواجهة معقدة كهذه. فالضربات المتلاحقة التي تلقتها إسرائيل من المقاومة، سواء في الجنوب اللبناني أو داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، تشكل جزءاً من حرب نفسية أكبر تهدف إلى تفكيك تماسك الجيش ومجتمع المستوطنين على حد سواء.
إن استمرار هذه الحرب النفسية، إلى جانب الانتصارات العسكرية التي تحققها المقاومة اللبنانية، سيؤدي إلى تغيير قواعد اللعبة بشكل جذري. فالمقاومة اليوم ليست فقط قوة عسكرية، بل أصبحت رمزاً للإرادة الصلبة التي تهدف إلى كسر الهيمنة الإسرائيلية وفرض معادلات جديدة على الأرض.