المقاومة اللبنانية تسيطر على زمام المبادرة.. للأسبوع الثالث حزب الله يُفشل مخططات جيش نتنياهو
خاص – المساء برس| تقرير: يحيى محمد الشرفي|
تشير التطورات العسكرية الأخيرة على الحدود اللبنانية الفلسطينية إلى أن المقاومة اللبنانية تمكنت من السيطرة على زمام المبادرة في المعارك مع الجيش الإسرائيلي، مع استمرارية التصدي لمحاولات الاختراق الإسرائيلي على عدة محاور. بعد أكثر من أسبوعين على بدء العملية البرية الإسرائيلية، تُظهر المقاومة اللبنانية تكتيكات معقدة ومرونة في التعامل مع قوات الاحتلال الإسرائيلية، متمثلة في الكمائن والهجمات المفاجئة والاشتباكات المباشرة.
تنوع التكتيكات وتعقيد العمليات
في إطار العمليات العسكرية التي تشهدها الساحة، تمكنت المقاومة من إفشال محاولات عدة لوحدات إسرائيلية في التقدم نحو العمق اللبناني.
وعلى سبيل المثال، تعرضت كتيبة مدمجة من الفرقة 146 الإسرائيلية لكمين محكم في منطقة القوزح أثناء محاولة التقدم لأكثر من كيلومتر واحد، مما أدى إلى تكبدها خسائر فادحة بلغت نحو 60 إصابة بين قتيل وجريح. كما تمكنت المقاومة من استدراج القوة إلى “منطقة قتل” معدة مسبقاً، ليصبح التقدم شمالاً أكثر من 800 متر في أفضل الحالات مهمة شبه مستحيلة.
التركيز الجغرافي والضغط الميداني
تُظهر العمليات الأخيرة تركيزاً على جبهات متعددة في القطاع الغربي، مع محاولات إسرائيلية مستمرة للسيطرة على مواقع استراتيجية مثل مارون الراس ويارون في الجنوب اللبناني. ولكن قوات الاحتلال الإسرائيلية لم تتمكن من إحراز تقدم ملموس بسبب المقاومة الشرسة. فلواء غولاني، على سبيل المثال، لا يزال عاجزاً عن اقتحام مارون الراس، ويواجه تصدياً عنيفاً من المقاومة.
في الوقت نفسه، تشهد مناطق أخرى مثل كفركلا والعديسة ورب ثلاثين اشتباكات عنيفة، حيث نجحت المقاومة في إجبار الوحدات الإسرائيلية على التراجع كما حدث مع وحدة “الإيغوز” التابعة للواء 55 التي تراجعت إلى حدود مستعمرة “مسكاف عام” بعد هجوم كبير من وحدة “الرضوان” في العديسة.
فشل الاختراقات الإسرائيلية وتصاعد الخسائر
بعد 16 يوماً من العملية البرية، لم تتمكن خمس فرق إسرائيلية من تحقيق أي تقدم يتجاوز 800 متر في أغلب الجبهات، وفي الحالات التي تجاوزت هذا الحد، مثل محاولة الفرقة 146 في القوزح، تعرضت قوات الاحتلال لإبادة شبه كاملة، بينما تمكن جيش الاحتلال من الوصول إلى العاصمة اللبنانية بيروت في غضون 6 أيام فقط في العام 1982 بسبب عدم وجود مقاومة حينها وغياب جيش وطني قوي يحمي حدود البلاد، وهنا يتضح الفارق بين لبنان بوجود مقاومة مسلحة تحميه وتدافع عنه وبين لبنان بدون جيش أو مقاومة تحميه وتجعل البلاد مفتوحة لجيش الاحتلال لاستباحتها في أي وقت.
وعموماً فإن هذه الوقائع التي تشهدها جبهات القتال خلال الساعات الماضية تُعزز من حقيقة أن المقاومة الإسلامية تتحكم بزمام الأمور ميدانياً، فاستمرار التكتيكات الذكية، مثل الهجمات المُضادة والكمائن المركبة، يُظهر قدرة فائقة على التخطيط والتنفيذ، مما يجعل الجيش الإسرائيلي في موقف دفاعي، غير قادر على تحقيق أهدافه البرية التي وضعها سابقاً وبجدول زمني.
الاستراتيجية المتعددة المحاور للجيش الإسرائيلي
من جهة أخرى، تشير المعلومات إلى أن الجيش الإسرائيلي قد وسع عملياته عبر تفعيل فرقة خامسة وهي (الفرقة 210) في الجولان السوري المحتل ومزارع شبعا، مع نشر 4 ألوية على محاور جديدة تشمل شبعا والخيام وحاصبيا. ورغم فتح هذه الجبهة الجديدة، فإن المحاولات الإسرائيلية للتقدم تواجه نفس المقاومة الشرسة التي تُحبط خطط التوغل وفق الجدول الزمني الموضوع مسبقاً.
معركة طويلة الأمد بانتظار تطورات جديدة
تُظهر الوقائع الميدانية أن المقاومة اللبنانية تُسيطر على زمام المعركة، مع إفشالها لخطط الجيش الإسرائيلي في التوغل وتحقيق مكاسب برية ملموسة. فالهجمات المضادة والكمائن المحكمة تواصل تكبيد القوات الإسرائيلية خسائر جسيمة. ورغم فتح جبهات جديدة، يبقى من الواضح أن المقاومة تمتلك القدرة على استنزاف الجيش الإسرائيلي وإبقاء المعركة في إطار الدفاع الثابت والهجوم المُباغت.
ما تزال المعركة طويلة الأمد، ولا يمكن التنبؤ بسهولة بتطوراتها النهائية. لكن المؤكد هو أن التكتيكات المتنوعة والمرونة العالية للمقاومة تُبقي الجيش الإسرائيلي في وضع هش، غير قادر على تحقيق اختراقات استراتيجية على الأرض، وسط استمرار استنزاف قواته بشكل كبير جداً على الرغم من التكتم الشديد والرقابة الصارمة التي يفرضها جيش الاحتلال في الإفصاح عن خسائره وفي أفضل الأحوال الإقرار ببعضها مع تقليلها إلى أبعد حد.