نتنياهو وخطته لجر العالم نحو حرب كبرى !
محمد بن عامر – المساء برس|
يترنح الكيان الإسرائيلي على حافة الهاوية، يدفعه نحوها رئيس وزرائه بنيامين نتنياهو الذي يتخذ خطوات متطرفة وغير محسوبة العواقب في محاولة يائسة لإخماد نيران أزمته الداخلية المتقدة، دون أن يولي اهتمامًا للمصير المظلم الذي يقود إليه كيانه.
تخيم على نتنياهو أزمة داخلية هي الأشد وطأة في تاريخه، ترافقها احتجاجات عارمة تطالب بإزاحته عن سدّة الحكم، في أعقاب الفشل الاستخباراتي في مواجهة عملية طوفان الأقصى، والفشل في تحقيق أي إنجاز عسكري أو سياسي يذكر، والفشل في استعادة الأسرى من حماس، بالإضافة إلى الضغوط الخارجية الناتجة عن سياسته العدائية والمتطرفة والعنصرية تجاه الشعب الفلسطينية.
وتداعيات هذا كان لها انعكاس كبير على الكيان الإسرائيلي على كافة الأصعدة، سيما وأن ذلك فاقم من عزلته بشكل غير مسبوق، ووضعه في موقف حرج للغاية بعد أن حُرقت كافة أوراقه في تعزيز مكانته الإقليمية والدولية.
نتنياهو سيد المفاوضات الزائفة”، هكذا وصفت صحيفة هآرتس العبرية، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في إشارة إلى مراوغته وتضليله في التعامل مع المفاوضات المتعلقة بإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة الفلسطينية.
يتهم المستوطنين وعائلات الأسرى الإسرائيليين نتنياهو بالفساد، وإعاقة جهود السلام، والإصرار على المضي في طريق الحرب، والتعمد بقتل العديد من الأسرى الإسرائيليين جراء الغارات الجوية التي تشنها قواته على قطاع غزة لليوم 372 على التوالي.
ويصف بعض الوزراء السابقين في الكيان نتنياهو بأنه عدواني وغير ديمقراطي، وأنه ارتيابي، يشعر أن العالم ضده، ويشتبه تلقائيا في من حوله، ويلقي اللوم عليهم عند أي هزيمة.
تقول دراسة أجراها أستاذ علم النفس بجامعة تل أبيب، شاؤول قمخي بإن “نتنياهو لا يخطئ أبدا.. الخطأ دائما في الآخرين”، في إشارة إلى سمات استبدادية في إدارة شؤون الحكم، لا يستشير أحدا من مستشاريه، ولا يكلفهم إلا بتقديم تقارير متكررة عنه، مطلقًا وعيدا بإقالة من لا ينفذ تعليماته بالشكل الصحيح حسب رؤيته.
وبحسب الدراسة فإن هذا الرجل يتسم أيضًا بالنرجسية، والميل نحو تعظيم الذات، والطموح القوي، والانتهازية، والإصرار على الهدف، مع عدم الاعتراف بالضعف، ورفض اللوم، وعلاقاته التلاعبية بمن حوله، واستخدام الآخرين لتحقيق مآربه.
يزعم نتنياهو أنه يحارب من أجل “وجود” إسرائيل” إلا أن تصرفاته تدل على شيءٍ آخر: إلى رغبة جامحة في التوسع والسيطرة، إلى غرور متضخم يعمي عينيه عن الحقيقة، إلى رغبة في لعب دور “المسيح المنتظر” الذي يعيد “مجد” إسرائيل، كما تشير إليه عقيدته الدينية المتشددة.
“سيأتي زمن المشياح” هي عبارة يكرر استخدامها رئيس الوزارء الإسرائيلي، تشير إلى اعتقاده بأفكار التيار الخلاصي، التي تُؤمن بضرورة جرّ العالم إلى حرب كبرى حتى “يضطر” الرب لإنزال المسيح.
نتنياهو، في غمرة انغماسه في دوامة من الأوهام، ينسج خيوطاً من الأفكار المتطرفة التي تعتقد أن العنف هو السبيل الوحيد لتحقيق أغراضها. هو يعتبر أن ما تسمى “إسرائيل” في حرب وجودية، وبالتالي سيسعى إلى شن عمليات عسكرية هنا وهناك بهدف تخفيف الضغط عليه، متوهِما أن ذلك سيفضي إلى انفجار الحرب الكبرى التي ستؤدي بدورها إلى تحقيق مجيء المسيح المنتظَر، وبذلك يحقق له الخلاص.
لذلك من المتوقع أن يلجأ إلى خطوات تصعيدية عسكرية تحقيقًا لهذه الأوهام، وكذلك للهروب إلى الأمام من الضغوط المتزايدة التي يواجها، سواء كانت داخلية نابعة من السخط المتصاعد ومطالب المستوطنين بإزالته أو خارجية تأتي من انتقادات المجتمع الدولي والهيئات الحقوقية.
ومن المحتمل أن تكون هذه الخطوات عدائية وأكثر تطرفاً بغية إلهاء الرأي العام الإسرائيلي وتعبئته ضد “العدو الخارجي” على غرار تصعيده العدواني ضد الشعب اللبناني الذي لم يحقق له غاياته الأساسية، بل زاد من عزلة الكيان، وعمق أزمته الداخلية والخارجية، وجرعه الهزائم.
للوهلة الأولى، ربما يتراءى لنا أن خلف قراراته العدوانية تكمن عقلية متجذرة في الأساطير والأوهام الدينية، غير أن الوقائع والمعطيات تشير إلى أن ذلك بالنسبة له ليس غاية في حد ذاتها بقدر ما هي وسيلة يتخذها لتحقيق النجاح الشخصي الذي يقدمه فوق كل اعتبار، حتى فوق الأيديولوجيا التي يدّعي التمسك بها.
ومما سبق ذكره يمكننا أن نرى في تصرفات نتنياهو محاولة للهروب إلى الأمام، من خلال الذهاب نحو خطوات تصعيدية أكثر تطرفًا – ربما هذه المرة ضد إيران – تحرره من الضغوط الداخلية، وتقلل فرص محاكمته، ظنًا منه أن الحرب هي الحل الوحيد، وأنّها هي السبيل الوحيد لتحقيق أهدافه، الأمر الذي يجعل من الكيان يمضي بخطى ثابته نحو الهزيمة الساحقة التي ستعزز صمود وعزيمة شعب فلسطين في مسيرة تحريره، واستعادة أرضه ومقدساته.
من حائط الكاتب على منصة “أكس”