خيانة داخلية واصطفاف مع العدو: أطراف لبنانية تراهن على الكيان الصهيوني ضد حزب الله
خاص – المساء برس| تقرير: يحيى محمد الشرفي|
تشهد الساحة اللبنانية توترات متزايدة على وقع العدوان العسكري الإسرائيلي المستمر، في حين تترقب القوى المعارضة للمقاومة ما ستؤول إليه تطورات هذا الصراع، آملين أن تقود الغلبة العسكرية الإسرائيلية والضغوط السياسية المرافقة إلى تفكيك جبهة المقاومة وربط لبنان بغزة. هذه الأطراف تراهن على أن الضغوط العسكرية والسياسية ستساهم في كسر حزب الله داخليًا، وفتح المجال أمام صيغة سياسية جديدة في لبنان، تتبناها القوى المحلية المتحالفة مع القوى الغربية والإسرائيلية.
المخططات ضد المقاومة:
السيناريوهات المطروحة تشمل عدة خطوات تهدف إلى إضعاف المقاومة اللبنانية وحزب الله بشكل خاص. أولها يتمثل في صياغة نظام سياسي جديد في لبنان يعادي المقاومة بشكل مباشر، مستفيدًا من الصلاحيات الدستورية لرئيس الجمهورية القادم الذي قد يسعى لحل المجلس النيابي تحت ذرائع أمنية وإعلان حالة الطوارئ. هذا الرئيس، الذي من المفترض أن يحظى بدعم خارجي، سيكون مطالبًا بتطبيق القرارات الدولية المتعلقة بنشر الجيش اللبناني جنوب الليطاني ونزع سلاح حزب الله، وهو شرط أساسي لدى إسرائيل لوقف العمليات العسكرية ضد لبنان وعودة المستوطنين إلى شمال فلسطين المحتلة.
إلى جانب هذا، يمكن أن تتسارع جهود إعادة تشكيل السلطات اللبنانية بما يتوافق مع الهوية الجديدة للحكم، وإضفاء الشرعية الدولية عليه. كما أن الضغوط الدولية على المقاومة قد تتضاعف، مع احتمال صدور قرارات أممية تعتبر المقاومة كيانًا إرهابيًا، مما يتيح للنظام الجديد ملاحقة قادة وأفراد حزب الله قضائيًا وأمنيًا.
ولا يقف الأمر عند هذا الحد، بل إن المخطط يشمل محاولات لفصل بيئة المقاومة عن حاضنتها الشعبية عبر حملات إعلامية وإجراءات اقتصادية، إضافة إلى توفير بدائل صحية واجتماعية وثقافية تهدف إلى تقليص الدعم الشعبي للمقاومة تدريجيًا.
الرهان على التوغلات العسكرية:
تراهن بعض الأطراف المحلية المعارضة على أن إسرائيل ستزيد من ضغطها العسكري على لبنان وربما تتجرأ على احتلال أجزاء من جنوب البلاد، مما سيجبر حزب الله على تقديم تنازلات سياسية وعسكرية كبيرة. ولكن هذا السيناريو يتعارض مع الحقائق الميدانية، حيث تظهر المعارك أن المناورات البرية الإسرائيلية تستنفد أهدافها، وأن الخسائر الكبيرة التي تتكبدها إسرائيل تجعلها تتردد في التقدم أكثر داخل الأراضي اللبنانية. القلق الاستراتيجي الإسرائيلي يتزايد مع عدم استخدام حزب الله كامل قوته العسكرية حتى الآن، بما في ذلك قدراته الصاروخية والطائرات المسيرة، التي تبقى موجهة صوب العمق الحيوي لإسرائيل، بما في ذلك حيفا، عكا، طبريا، وحتى “تل أبيب”.
قوة المقاومة على الأرض:
في مقابل هذه المحاولات، تبقى المقاومة متماسكة وصامدة. فعلى الصعيد الاجتماعي، تستمر جهود حزب الله في تنظيم عمليات الإغاثة والدعم الصحي بالتعاون مع المؤسسات الحكومية، التي تسهم بدورها في تعزيز صمود المقاومة. سياسيًا، يُلاحظ توازن في المواقف الرسمية اللبنانية، حيث يُعتبر استقبال الرئيسين بري وميقاتي لمسؤولين إيرانيين، مثل وزير الخارجية عباس عرقجي ورئيس مجلس النواب الإيراني محسن قاليباف، بمثابة تأكيد على الدعم الإيراني للبنان ومقاومته، وهو رد مباشر على الضغوط الغربية والأمريكية.
من جهة أخرى، تلقى المقاومة دعمًا سياسيًا داخليًا من أطراف لبنانية بارزة، خاصة التيار الوطني الحر الذي عبّر رئيسه جبران باسيل عن رفضه لأي محاولة لعزل الطائفة الشيعية في لبنان، معتبرًا أن هذه المحاولات تهدف إلى “تخريب لبنان”. هذه المواقف تعكس التباين العميق بين القوى السياسية في البلاد، حيث تتبنى بعض الأطراف مواقف داعمة للمقاومة، بينما تراهن الأخرى على إسقاطها عبر الضغط الخارجي.
أدوات إسرائيل داخل لبنان تعقّد المشهد:
في ظل هذه التطورات، يبقى المشهد اللبناني معقدًا، حيث تتشابك الأبعاد العسكرية والسياسية والاجتماعية في معركة مستمرة بين المقاومة وأعدائها. ومع تزايد الضغوط الإسرائيلية والدولية، تبقى المقاومة على أتم الاستعداد للتصدي لهذه المحاولات، بينما تتعزز مكانتها على الأرض بفعل التضحيات التي يقدمها مقاتلوها والدعم الشعبي والسياسي الذي لا يزال حاضرًا في وجه كل التحديات.