من الذي ضرب تل أبيب بالطائرات المسيّرة أمس الجمعة ولماذا لم يُعلن عن ذلك رسمياً؟
خاص – المساء برس| تقرير: يحيى محمد الشرفي|
في ظل الأحداث المتسارعة والميدانية التي تشهدها الساحة اللبنانية، أثبتت المقاومة الإسلامية بقيادة حزب الله مرة أخرى قدرتها على التصدي للعدوان الإسرائيلي وتغيير قواعد اللعبة في المنطقة. فبعد تجاوز الضربات الإسرائيلية المتكررة، باتت المقاومة في موقع ثابت، حيث نجحت في فرض معادلة جديدة عنوانها “حيفا مقابل الضاحية الجنوبية لبيروت”. هذه المعادلة أُطلقت رسميًا يوم الثلاثاء (8 أكتوبر)، حين استهدفت المقاومة مدينة حيفا ومناطق الكريوت بأكثر من 105 صواريخ خلال أقل من نصف ساعة، مما أثار ذهول العدو الذي أدرك أن حزب الله انتقل إلى مرحلة متقدمة من إدارة المواجهة.
الرد القوي من حزب الله جاء بمثابة رسالة واضحة بأن العدو الإسرائيلي لن يتمكن من السيطرة على مسار الحرب كما يريد، بل إن المقاومة هي التي تمسك بزمام المبادرة. وفي هذا السياق، يشير محللون إسرائيليون إلى أن هذه العملية أظهرت قدرة حزب الله على إطلاق ضربات مكثفة ومتزامنة، ما يعني أن المرحلة المقبلة قد تكون أكثر حدة وقسوة على الإسرائيليين.
واشنطن، الحليف الأساسي لإسرائيل، حاولت التدخل لتثبيت معادلة مغايرة، وهي “حيفا مقابل بيروت”، بهدف وضع شرط امام حزب الله بأن استهداف حيفا سيقابله استهداف بيروت وبالتالي الضغط على حزب الله لتجنب ضرب حيفا، وفي الوقت ذاته تكون واشنطن قد حققت هدفاً وهو الإبقاء على المنشآت الإدارية في بيروت محمية من أي هجمات إسرائيلية من أجل تمكين السلطة الجديدة في بيروت التي يُراد فرضها بإشراف أمريكي من الحكم وإبقاء هذه المنشآت لاستخدامها لهذه السلطة حين يتم تنصيبها وانتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية.
هذا السيناريو يهدف إلى تمكين إسرائيل من تنفيذ مخططاتها الميدانية والسياسية، والتي تشمل القضاء على حزب الله وإعادة تشكيل النظام السياسي في لبنان. ولكن المقاومة ردت بحزم عبر تثبيت معادلة “تل أبيب مقابل بيروت”، وأكدت أنها لن تتوانى عن ضرب العمق الإسرائيلي في حال استمر العدوان.
ليلة الجمعة الماضية، ضربت المقاومة منطقة هرتسيليا في “تل أبيب” عبر مسيرتين، ما أدى إلى قطع الكهرباء عن المنطقة وإلحاق أضرار مادية في منشآت العدو. هذه العملية جاءت ردًا على الغارات الإسرائيلية الأخيرة التي استهدفت مناطق مدنية في بيروت، وأسفرت عن سقوط عدد من الشهداء. ما يميز هذه الضربة ليس فقط قدرتها التدميرية، بل أيضًا المسافة التي قطعتها الطائرات المسيرة، ما يؤكد امتلاك المقاومة أسلحة وتقنيات متطورة لم تكشف عنها سابقًا، من جهة وربط استهداف بيروت باستهداف تل أبيب.
الإسرائيليون وقعوا في فخ استراتيجي بعد تسرعهم في تقييم نتائج ضرباتهم، معتقدين أن حزب الله فقد قدرته على الرد. ومع استمرار سقوط الصواريخ على حيفا وتل أبيب، أدرك العدو خطأ حساباته، إضافة إلى أن المقاومة الإسلامية أعلنت اليوم قصف قاعدة 7200 جنوب حيفا بصواريخ جديدة نوعيًا، لم يُفصح عنها بعد، مما يشير إلى مرحلة جديدة من التصعيد.
تصريحات المقاومة وتوجيهاتها للمستوطنين بمغادرة المستوطنات القريبة من المواقع العسكرية تؤكد مضيها في ترسيخ معادلة “حيفا مقابل الضاحية”، متمسكة بعهدها ووعدها للأمين العام السيد حسن نصرالله بأن هذه الحرب لن تنتهي حتى يتم تحقيق الانتصار الكامل.
باتت إسرائيل الآن أمام معضلة حقيقية: كيف ستوقف نزوح المستوطنين من الشمال، بينما لم يعد لديها أي وسيلة للضغط على المقاومة؟ وكيف ستعيد الحياة إلى طبيعتها، في حين أن حزب الله أثبت أن لديه القدرة على الرد بطرق لم يكن يتوقعها العدو؟