ليس حزب الله هو المستهدف ،، ولكنها الدولة اللبنانية

وما يسطرون – المساء برس.. هاشم الدرة|

من خلال ما مر من الأحداث الجسيمة خلال الأعوام القليلة الماضية والفراغ السياسي في لبنان ومؤخرا العدوان عليه من قبل الكيان الصهيوني يستشعر أي مراقب للحالة اللبنانية ضآلة تحرك القوى السياسية اللبنانية إزاء هذه الظروف وهو غياب غريب في ظل هذه الأوضاع المضطربة والعدوان الهمجي.

تجنح البلاد تحت سقف حكومة مؤقتة وبلا رئيس جمهورية وبرلمان مجمد، وهذه الظروف بمفردها تكفي لأن يكون البلد في منزلق خطير بمعزل عن العدوان، بل إن العدو استغل هذه الأحوال وجعلها أحد مرتكزات عدوانه الأساسية.

ويتبادر إلى الأذهان هذا السؤال كيف لأصحاب القرار في لبنان إدارة الأزمة القائمة وبأي آلية، في وقت ترتفع الأصوات المنادية بإجراء انتخابات رئاسية وانتخاب رئيس الوزراء من قبل البرلمان، الذي فشل في ذلك عدة مرات، فهو بحاجة إلى موافقة الفئات المؤثرة حتى تتمكن من تعيين الحكومة والرئيس، وهنا يتضح أين هي عقدة المنشار، وبالطبع ليس البرلمان، ولكنها القوى السياسية التي أفشلته في الوصول إلى أي اتفاق.

المعضلة تتمثل في وجود تيارات لبنانية تراهن على الأزمة السياسية والاقتصادية اللبنانية وتنتظر نكسة عسكرية لحزب الله وتنفيذه لمطالب إسرائيل وإن كانت تحت مسمى بنود ومقررات دولية، واستبدال قوات حزب الله بالـ”جيش اللبناني” الذي يدار من خارج لبنان، ليس لحماية اللبنانيين وإنما لحماية إسرائيل، ومساعدتها في توسيع سيطرتها الجغرافية في داخل الأراضي اللبنانية، عبر هذا الجيش المسلوب الإرادة والسيادة.

في طريق الخروج من الأزمة السياسية في لبنان وللوصول إلى حكومة رسمية، فإن لبنان اليوم في أمس الحاجة لموقف قوي، وداعم لخيار المقاومة من الحكومة المؤقتة ليكون لها التأثير المناسب على الأزمات والأحداث الجارية، باستيعاب تداعيات العدوان الصهيوني، والترابط الاجتماعي، لهذا يجب التأكيد على أن القوى السياسية و الطوائف اللبنانية كبيرها والصغير بيدها إخراج لبنان من واقعها الكارثي أو إغراقه فيه، وفي الحالة الثانية لن ينجو أحد، لا سيما من يسعون لمساعدة إسرائيل لتحقيق أهدافها من حربها على لبنان، لأنهم سيكونون هم أول الضحايا، والتجارب التاريخية تؤكد ذلك، فإسرائيل لا تستهدف بحربها حزب الله فقط،  بل إن حربها حرب على كل لبنان وأهدافها تتمثل في الإطاحة بالجميع، والجميع هنا هي “الدولة اللبنانية”.

آخر نقطة مشرقة في تاريخ لبنان الحديث هي تلك التي أخرج فيها حزب الله وخيار المقاومة العدو الصهيوني من لبنان بعد اجتياحه، بسبب الحرب الأهلية اللبنانية وتصارع القوى فيه، واليوم يسعى العدو الصهيوني للانتقام من تلك اللحظة ومن صنعها، ويريد إعادة عجلة التاريخ إلى ما قبل تلك اللحظة من الصراع والحروب الأهلية، ليعاود الكرة ويقضي على الدولة، ويمدد نفوذه المطلق كنقطة انطلاق أخرى لما هو أبعد من لبنان.

 

قد يعجبك ايضا