اتفاقية أمريكية إسرائيلية.. تقف خلف استخدام الكيان قنابل محرّمة كالتي اغتال بها الشهيد نصر الله (تقرير)
خاص – المساء برس| تقرير: يحيى محمد الشرفي|
يقوم جيش الاحتلال الإسرائيلي باستخدام القنبلة الفتاكة MK-84، الأمريكية الصنع، السلاح المتفجر المحرم دوليًا، لاستهداف المناطق المدنية في كل من غزة ولبنان، مخلّفًا وراءه مجازر بحق المدنيين الأبرياء.
هذا السلاح، الذي يزيد وزنه عن 907 كجم أي قرابة طن واحد لكل قنبلة، ليس مجرد قنبلة بل هو رمز للدمار العشوائي الواسع الذي ينتهك القوانين الدولية ويشكّل جريمة حرب بحق الإنسانية، فما هي مواصفات هذه القنابل؟ ولماذا يحرص الاحتلال على استخدامها بهذه السرعة وبهذا العدد الكبير؟.
القنبلة المدمرة: تفاصيل القوة التدميرية لقنابل MK-84
تم تصميم قنبلة MK-84 في ستينيات القرن الماضي خلال حرب فيتنام، ومنذ ذلك الحين، أصبحت من أكثر الذخائر فتكًا في الحروب الحديثة. تحتوي على أكثر من 400 كجم من المواد شديدة الانفجار، وهذه المواد عبارة عن مادة تي إن تي مضاف إليها مادة مسحوق الألومنيوم الذي يولد حرارة تفجير سريع وهائلة مع المادة السابقة حيث تضاف مادة مسحوق الألومنيون إلى التي إن تي بنسبة 4:1، وتخلق عند انفجارها موجة ضغط تفوق سرعة الصوت، تُمزّق الرئتين وتفجر الجيوب الأنفية، وتسبب إصابات بالغة لكل من يوجد على بعد ما بين 350 إلى 360 مترًا من موقع الانفجار.
هذا السلاح الرهيب الأمريكي ليس مخصصًا فقط لضرب الأهداف العسكرية، بل يؤدي إلى تدمير هائل في المناطق المدنية. تشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن استخدام هذه القنابل، خاصة في المناطق المكتظة بالسكان، يُعتبر انتهاكًا صارخًا للقوانين الإنسانية نظرًا لأن تأثيرها المدمر لا يتوقف عند الأهداف العسكرية، بل يتجاوز ذلك ليصل إلى البيوت والمباني والبنى التحتية المدنية.
قنابل MK-84 في غزة ولبنان: ضحايا بالجملة ودمار بلا حدود
خلال العدوان الأخير، أسقط الكيان الصهيوني المئات من قنابل MK-84 على الأحياء السكنية في غزة، ما أدى إلى مجازر مروعة أدت حتى الآن إلى قتل أكثر من 40 ألف فلسطيني من المدنيين الأبرياء غالبيتهم العظمى نساء وأطفال. ولا يمكن وصف حجم الدمار الذي تحدثه هذه القنابل سوى بأنه إبادة جماعية غير مبررة.
أما في لبنان، فقد شهدت الضاحية الجنوبية لبيروت استخدام نفس القنابل، حيث أفادت تقارير صحفية أن 6 أبراج سكنية تم محوها بالكامل في حارة حريك في الضاحية الجنوبية لبيروت يوم الـ27 من سبتمبر المنصرم بعد قيام الاحتلال بقصفها ب83 قنبلة من هذا النوع بهدف تحقيق هدف اغتيال أمين عام حزب الله سماحة الشهيد السيد حسن نصر الله، وبسبب تلك الانفجارات شعرت كل بيروت باهتزازات وصلت إلى 20 ميلاً من موقع الانفجار.
قنابل غير دقيقة ومعيبة: استمرار التهديد حتى بعد إسقاطها
لم تقتصر جرائم الحرب التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي على إسقاط القنابل فحسب، بل تشير التقارير إلى أن قنابل MK-84 غالبًا ما تفشل في الانفجار أو تنفجر بشكل غير دقيق، مما يترك خلفها قنابل غير منفجرة تُشكل خطرًا طويل الأمد على حياة المدنيين. في غزة ولبنان، تشكل هذه القنابل غير المنفجرة ألغامًا موقوتة يمكن أن تنفجر في أي لحظة، مهددة حياة الآلاف.
استخدام القنابل رغم توفر بدائل أقل ضررًا: استهتار متعمد بالأرواح
الأمر الأكثر إزعاجًا في هذه الجريمة هو أن الجيش الإسرائيلي يمتلك قنابل أقل ضررًا وأكثر دقة مثل MPR-500، التي تم تصميمها للحد من الأضرار الجانبية. ولكن بدلاً من استخدام هذه البدائل، يصر الاحتلال على استخدام قنابل MK-84، في تجاهل صارخ لحياة المدنيين ومبادئ القانون الدولي، فما هو السبب في ذلك؟، والجواب على هذا التساؤل يتمثل في النقاط التالية:
1. التخلص من المخزون القديم
قنابل MK-84 التي تمتلكها إسرائيل جزء من مخزون قديم يجب التخلص منه. هذه القنابل مكلفة للتخزين وتتطلب صيانة دقيقة. ومع اقتراب نهاية عمرها الافتراضي، يصبح من الصعب التعامل معها بأمان. لذا، من المنطقي للقوات الإسرائيلية استخدامها للتخلص منها، خاصة مع وجود ضغوط لتحديث الترسانة العسكرية باستمرار.
2. الضغوط الأمريكية
بموجب اتفاقيات المساعدة العسكرية بين الولايات المتحدة وإسرائيل، يتعين على إسرائيل شراء جزء كبير من أسلحتها من الولايات المتحدة. وبما أن قنابل MK-84 أمريكية الصنع، فإن هذا يدفع إسرائيل إلى استخدامها كجزء من دعمها العسكري السنوي الذي تحصل عليه من واشنطن.
3. المصالح الاقتصادية لشركات الأسلحة
شركات تصنيع الأسلحة مثل Elbit Systems الإسرائيلية، التي تنتج القنابل البديلة MPR-500، تضغط من أجل إدخال منتجاتها إلى ترسانة الجيش الإسرائيلي. ومن مصلحتها التجارية أن يتخلص الجيش من القنابل القديمة مثل MK-84، ليفسح المجال للقنابل الأحدث. هذا العامل التجاري يؤثر على قرار الجيش في استخدام المخزون القديم أولاً.
4. التكلفة التشغيلية
إسرائيل تسعى دائمًا إلى الحصول على ميزانيات إضافية للتسلح وتجديد مخزونها العسكري. كلما استخدمت المزيد من القنابل، زادت الحاجة إلى شراء المزيد وتجديد الترسانة، مما يخلق ذريعة للحصول على تمويل إضافي.
باختصار، استمرار استخدام قنابل MK-84 يأتي نتيجة تداخل عدة عوامل تشمل التخلص من المخزون القديم، الضغوط الأمريكية، المصالح الاقتصادية لشركات الأسلحة، والتكلفة التشغيلية العالية للترسانة العسكرية.
انتهاك القوانين الدولية وتصاعد الدعوات للمحاسبة
وفقًا للقانون الدولي الإنساني، فإن الهجمات العشوائية التي لا تفرق بين الأهداف العسكرية والمدنية تُعد جرائم حرب. ومع ذلك، يواصل الاحتلال الإسرائيلي استخدام هذه الأسلحة الفتاكة في حملاته العسكرية ضد غزة ولبنان، غير مبالٍ بالمناشدات الدولية لوقف استخدام مثل هذه الذخائر المحرمة.
دعوات عاجلة للتحقيق والمحاسبة
في ظل هذه الانتهاكات المستمرة، تتزايد المطالبات الدولية بإجراء تحقيقات مستقلة لمحاسبة المسؤولين عن استخدام قنابل MK-84 في المناطق المدنية. يجب أن يُرفع الصوت عاليًا لإنهاء هذه الجرائم وضمان عدم إفلات مرتكبيها من العقاب، لأن ما يحدث ليس مجرد عدوان عسكري، بل إبادة جماعية ضد شعبين أعزلين فقيرين محاصرين من قبل أكبر وأقوى دولة في العالم عسكرياً وهي الولايات المتحدة ومن قبل أكبر كيان طارئ في الإجرام.