بعد عام على الطوفان.. الهجرة الجماعية وفقدان الثقة تهدد مستقبل الاحتلال الإسرائيلي
خاص – المساء برس| تقرير: يحيى محمد الشرفي|
في ظل الأوضاع السياسية والأمنية المتدهورة في الأراضي المحتلة، كشفت سلسلة استطلاعات للرأي عن معلومات خطيرة تتعلق بوضعية كيان الاحتلال من الداخل بعد عام كامل على طوفان الأقصى، فعلى سبيل المثال بحسب الاستطلاع الذي نشرته قناة “كان” الإسرائيلية السبت المنصرم فإن ربع الإسرائيليين باتوا يفكرون في الهجرة خارج “إسرائيل”، نتيجة فقدان الأمان وتصاعد القلق الأمني منذ معركة “طوفان الأقصى”.
هذا الوضع لا يعكس فقط انعدام الثقة في القيادة السياسية والعسكرية، بل يشير إلى تصدعات كبيرة في نسيج المجتمع الإسرائيلي الذي يتجه نحو الانهيار.
الهجرة: خيار يتزايد مع تدهور الأمن
ووفقًا للاستطلاع، 23% من الإسرائيليين فكروا في مغادرة البلاد خلال العام الماضي بسبب تدهور الأوضاع الأمنية والسياسية، وهو رقم صادم يعكس حالة الذعر التي يعاني منها المجتمع الإسرائيلي في مواجهة المقاومة الفلسطينية المتصاعدة والتحديات الأمنية من الشمال مع حزب الله.
الهجرة، التي كانت في السابق خيارًا محدودًا، أصبحت اليوم حلمًا للكثيرين للهروب من جحيم الاحتلال الذي يصنعه قادتهم.
العلمانيون في المقدمة
البيانات تكشف عن تباين مثير بين مختلف فئات المجتمع الإسرائيلي، فالعلمانيون أكثر ميلًا للهجرة مقارنة باليهود المتدينين (الحريديم)، وهو ما يعكس تراجعًا في الإيمان بمستقبل كيان “إسرائيل” كدولة قادرة على توفير الأمان والرفاهية لمستوطنيها.
وعلى الأرجح فإن هذا الوضع، إذا استمر، قد يؤدي إلى هجرة الكفاءات العلمية والشباب الذين يشكلون العمود الفقري لمجتمع واقتصاد الاحتلال الإسرائيلي.
هجرة سلبية تفاقم الأزمة
المشكلة تتفاقم مع الأرقام الرسمية الصادرة عن دائرة الإحصاء الإسرائيلية، والتي أفادت قبل يومين بأن أكثر من 40 ألف إسرائيلي غادروا البلاد في الأشهر السبعة الأولى من عام 2024. في المقابل، عاد فقط 27 ألفًا، مما يعني أن كيان “إسرائيل” يواجه هجرة سلبية لم يشهدها من قبل، حيث يغادر المستوطنون بأعداد كبيرة، غير مستعدين لمواجهة مستقبل محفوف بالتهديدات.
الفشل في تحقيق الأمن: انهيار الثقة
ومع تصعيد الاحتلال عدوانه على عدة جبهات، من غزة جنوباً إلى حزب الله شمالاً، بات الإسرائيليون يعيشون في حالة من الخوف الدائم، فاستطلاعات الرأي تشير إلى أن 61% من المستوطنين لا يشعرون بالأمان في الكيان.
كما أن الهجمات الصاروخية من لبنان التي وصلت إلى مناطق مثل حيفا أثارت حالة من الذعر، وارتفعت نسبة المصابين بالصدمات النفسية إلى 225% عما كان عليه الحال قبل التصعيد على الجبهة اللبنانية، مما يشير إلى فشل المنظومة العسكرية في حماية المستوطنين وإبقائهم بعيدين عن دائرة الخطر.
الغلاف الاستيطاني لغزة يتهاوى
وفيما يتعلق بالمستوطنين في مناطق غلاف غزة (المهجرين حالياً)، تؤكد التقارير أن 86% منهم غير مستعدين للعودة إلى حياتهم في تلك المنطقة بعد انتهاء الحرب. وهذا يعني أن الاحتلال لم يعد قادرًا حتى على حماية المستوطنات القريبة من المناطق الحدودية، ما يخلق هروبًا جماعيًا من تلك المناطق المحاذية للمقاومة، ومعظلة تؤرق حكومة نتنياهو التي تتكبد خسائر نزوحهم.
تصدع المجتمع الإسرائيلي: انهيار التضامن
وفي تطور آخر، يكشف معهد الديمقراطية الإسرائيلي أن مستوى التضامن داخل المجتمع الصهيوني تراجع بشكل ملحوظ. ففي حين كانت نسبة الذين يقدرون التضامن مرتفعة عند 54% في نهاية عام 2023، انخفضت إلى 26% فقط اليوم، بحسب ما نشره المعهد من نتائج استطلاعه أمس الأحد. هذا الانهيار في الثقة بين المستوطنين يعكس عمق الأزمة النفسية والاجتماعية التي تضرب مجتمع الاحتلال، حيث لم يعد الإسرائيليون يشعرون بالانتماء أو القدرة على مواجهة التحديات معًا.
“إسرائيل” أمام خيارين
اليوم، كيان “إسرائيل” يواجه مأزقًا تاريخيًا قد يحدد مصيره في المستقبل. فمع تزايد الرغبة في الهجرة، والانهيار النفسي للمستوطنين، وتراجع الثقة في قدرة القيادة على توفير الأمان، تبدو المقاومة الفلسطينية واللبنانية وكأنها تحقق انتصارات نفسية ومعنوية كبيرة في ذكرى اندلاع معركة طوفان الأقصى الأولى دون الحاجة إلى المواجهات العسكرية المباشرة.
والسؤال الذي يطرح نفسه: هل سيتمكن كيان الاحتلال “الإسرائيلي” من مواجهة هذه التحديات الداخلية المتزايدة، أم أن المستقبل يحمل له مزيدًا من الانهيارات والتصدعات التي ستقوده نحو السقوط؟، لكن الإجابة على هذا السؤال تتطلب الأخذ بعين الاعتبار أن جزءاً من تأخر انهيار المجتمع الصهيوني داخلياً واقتصادياً هو الدور العربي المتصهين المساند له منذ بداية طوفان الأقصى، والذي ساعده في مواجهة المقاومة الفلسطينية واللبنانية وجبهات الإسناد الأخرى كالجبهة اليمنية التي فرضت حصاراً بحرياً جزئياً على الكيان لتبادر الأردن والسعودية والإمارات لفتح جسر بري للكيان لتجاوز هذا الحصار.