السيناريو القادم: هل يصبح لبنان من دول الطوق الحامي لـ”إسرائيل”؟ الخطة الأمريكية لليوم التالي (تقرير)
خاص – المساء برس| تقرير: يحيى محمد الشرفي|
عندما اتصل وزير “الحرب” الإسرائيلي، يوآف غالانت، بوزير الدفاع الأميركي في سبتمبر الماضي، قبل دقائق من تفجير البايجر، في 17 سبتمبر، أخبر غالانت نظيره الأمريكي أن احتمالات الحل على الحدود مع لبنان تتلاشى، وبعد تلك المكالمة بدأ العدوان الجوي وجرائم التفجيرات الواسعة وسلسلة اغتيالات القادة العسكريين لدى حزب الله، وعلى رأسها اغتيال الأمين العام للحزب، السيد حسن نصر الله في 27 سبتمبر.
وخلال فترة العشرين يوماً الأخيرة، بدأت الولايات المتحدة تترقب نتائج التصعيد الإسرائيلي على حزب الله في لبنان والبناء على هذه النتائج ما يمكن اعتباره “روافع سياسية” لأمريكا تبني عليها مخططاً لإعادة رسم خارطة منطقة غرب آسيا واستعادة ما فقدته من ردع بسبب ما حدث في 7 أكتوبر 2023 وما تلى ذلك من اصطفاف عسكري من جبهات الإسناد والتي تكاتفت جهودها في كسر الردع الاستراتيجي الإسرائيلي والردع التكتيكي الأمريكي خلال عام كامل.
نحو إعادة رسم خارطة غرب آسيا
وحتى هذه اللحظة، تتبلور رؤية أمريكية لما يمكن أن نسميه “اليوم التالي في لبنان”، فبعد انتهاء الحرب في لبنان، يريد الأمريكي أن يفرض واقعاً جديداً في منطقة شمال غرب آسيا بحيث لا يكون فيه أي قوة إقليمية عسكرية قادرة على تهديد كيان الاحتلال الإسرائيلي وبحيث لا يكون هناك أي قوة إقليمية عسكرية سوى الكيان الصهيوني بخارطة جديدة تشمل انضمام دول جديدة إلى دول الطوق المتحالفة مع الكيان الصهيوني.
وعلى هذا الأساس وبحسب ما بدأ يتضح من خلال تصريحات المسؤولين الأمريكيين وما تنشره مراكز الدراسات الأمريكية المرتبطة بالبيت الأبيض أو البنتاغون أو الخارجية الأمريكية، تخطط الولايات المتحدة لأن تستخدم التطورات العسكرية الحاصلة على الجبهة اللبنانية كورقة ضغط ضد الدولة اللبنانية وبالتالي ضد حزب الله أيضاً، بهدف تحقيق الملفين اللذين عجزت واشنطن سابقاً عن تحقيقهما، وهما:
اليوم التالي في لبنان:
واشنطن تسعى لتحطيم الردع الإقليمي لصالح إسرائيل
أولاً: تنفيذ القرار 1701 بما يسمح بالقضاء على القدرة العسكرية لحزب الله وخصوصاً القدرات الصاروخية المهددة لكيان الاحتلال الإسرائيلي وضمان عدم عودة هذا التهديد مجدداً من خلال تفعيل ورقة (الجيش اللبناني) الحليف لأمريكا ليقود مهمة عزل حزب الله عن محيطه الإقليمي وقطع خطوط اتصاله وإمداداته من خارج الأراضي اللبنانية.
انتخابات الرئاسة في لبنان:
لعبة واشنطن للسيطرة الكاملة على القرار السياسي
ثانياً: انتخاب رئيس للبنان يكون تابعاً ومنفذاً للسياسات الأمريكية أو على الأقل يكون معادياً للمقاومة اللبنانية من جهة، وفاقداً لأي سلطة تسمح له بمعارضة السياسات الأمريكية من جهة ثانية، أي انتخاب رئيس لبناني مسلوب الصلاحيات أمام النفوذ والتدخل الأمريكي.
منطقة عازلة تحت سيطرة إسرائيل:
حلم أميركي بتفكيك المقاومة على الحدود
أما الهدف الأول فيندرج تحته العديد من العناوين، منها إزالة خطر التهديد الذي يمثله حزب الله ضد كيان الاحتلال الإسرائيلي، وهذا يشمل شل القدرة العسكرية لحزب الله وسحب سلاحه الثقيل بما في ذلك الصواريخ الدقيقة التي يستهدف بها الحزب كيان الاحتلال الإسرائيلي والتي لا يزال الجزء الكبير منها لم يستخدمه الحزب بعد، إضافة إلى تحويل مساحة ما بين 7 إلى 15 كيلو متر على الحدود اللبنانية من الجهة اللبنانية كمنطقة عازلة وآمنة بالنسبة لكيان الاحتلال الإسرائيلي بحيث يمنع تواجد قوات لحزب الله في هذه المنطقة على طول الشريط الحدودي بين لبنان وفلسطين المحتلة وعلى أن تكون هذه المنطقة تحت إشراف قوة عسكرية دولية تابعة بشكل أو بآخر وخاضعة للنفوذ الأمريكي وبالطبع للإسرائيلي أيضاً، هذا عوضاً عن مساعي إسرائيل إبعاد حزب الله إلى ما خلف نهر الليطاني جنوب لبنان.
الجيش اللبناني ورقة أميركا لعزل حزب الله عن سوريا وإمداداته العسكرية
ويشمل الهدف الأول أيضاً عزل حزب الله عن الحدود اللبنانية السورية التي تسمح للحزب بالحصول على الإمدادات اللوجستية من سوريا لمواصلة دوره المقاوم ضد كيان الاحتلال الإسرائيلي من جهة والمساند لغزة والمقاومة الفلسطينية من جهة ثانية، وهذه المهمة تخطط الولايات المتحدة أن يتولاها الجيش اللبناني الحليف للولايات المتحدة لبسط سيطرته على الشريط الحدودي بالكامل الذي يربط بين لبنان وسوريا علماً أن البنتاغون الأمريكي بدأ بالفعل يتحضّر لهذه المرحلة من خلال الإعداد لخطط تتعلق بالجيش اللبناني تحت مسمى (التدريب والتأهيل والدعم والمساعدة)، بمعنى أن الولايات المتحدة ستتكفل بالإنفاق على اللواء من الجيش اللبناني الذي سينتشر في الشريط الحدودي بين لبنان وسوريا على أن ترتبط مهام هذا اللواء بالبنتاغون أكثر من ارتباطها (الشكلي) بالرئاسة اللبنانية أو قيادة الجيش.
عقوبات وحصار:
أميركا تخنق بيئة المقاومة وتستغل العدوان لكسرها
كما يتطلب تنفيذ هذا الهدف، قيام الولايات المتحدة بحصار المقاومة اللبنانية مادياً من خلال تشديد العقوبات بهدف إغراق المقاومة اللبنانية في مستنقع مشاكل البيئة الحاضنة للمقاومة والتي ستظهر خلال المرحلة المقبلة بسبب الدمار والعدوان الذي يمارسه كيان الاحتلال من قصف وتدمير بنية تحتية، وبحيث يكون انشغال المقاومة بحل هذه المشاكل ومعالجة تداعيات العدوان عائقاً أمامها عن لعب دور فاعل في التصدي للمخطط الأمريكي ضد لبنان الهادف إلى تحويلها إلى دولة من دول الطوق الحامية لكيان الاحتلال الإسرائيلي.
“روسيا” الهدف بعيد المدى
من الأهداف التي ستتحقق للولايات المتحدة إذا ما نجحت مع كيان الاحتلال الإسرائيلي والمحور العربي المتصهين في القضاء على حزب الله أو حتى إضعافه بما لا يسمح له بأن يواصل دوره المحوري في المنطقة وليس فقط في لبنان، هو توجيه ضربة قاضية لروسيا في منطقة الشرق الأوسط فتحييد حزب الله يعني سقوط سوريا تحت الهيمنة الأمريكية وهذا لا يعني فقط إضعاف إيران إقليمياً كمحور مناهض للكيان الصهيوني فقط، بل توجيه ضربة قاضية لروسيا ومنعها نهائياً من الاحتفاظ بوصولها للمياه الدافئة في البحر الأبيض المتوسط وهو ما يعني تطويق روسيا بحرياً تمهيداً لهزيمتها برياً شرق أوروبا.